ﭽاكلين جرجس 
 و نحن نحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو و 3 يوليو نجد أن للمرأة دور أساسى و قوى فهى وقود الثورة و الداعم الرئيس لها هى دينامو كل الثورات المصرية ، لكنها كانت فى صراع دائم لإثبات حضورها وكفاءتها ، خاضت مسيرتها بكل دأب و إيمان وثقة بقدراتها على العطاء و البذل و التضحية بل أيضًا بإمكانية متفردة على توجيه مجريات الأمور على النحو الذى يجب أن ترنو إليه  المسيرة الإنسانية ، فأصبحت المرأة مع مرور الأيام وتقادم التجارب أصل الرواية التاريخية ؛ فبالرغم من فطرتها الناعمة إلا أنها كانت تمثل دائما حائط صد قوى للدفاع عن الوطن ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب من أرضه . 
 
 نجدها في حدوتة المشاركة الوطنية ، كانت الشرارة الأولى التي تحررت بها المرأة ثورة 1919 واقتحمت بها الحياة السياسية والنضال الوطني وقتها استمرت "هدى شعراوي و"صفية زغلول "أم المصريين" في حمل لواء النضال من أجل تحقيق الحرية للشعب المصري من الاحتلال الإنجليزي، وجاء ذلك في بيان صفية زغلول الذي ألقته سكرتيرتها بعد أن قامت قوات الاحتلال باعتقال زعيم الأمة سعد زغلول أمام المتظاهرين .
 
   وفى عام 1938 عقد أول مؤتمر نسائى عربى فى القاهرة و تم تأسيس أول حزب سياسى على يد فاطمة راشد تحت اسم الحزب "النسائي المصري" عام 1942 ، كما تأسس الاتحاد النسائى العربى فى القاهرة عام 1944 وطالب الاتحاد النسائي المصري في عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال في حق التصويت وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية ، وتأسس "اتحاد بنت النيل" برئاسة درية شفيق عام 1949 ، ودعا إلى تعديل القوانين من أجل دعم مكانة المرأة فى المجتمع، وكان أول تنظيم نقابي خاص بالعاملات المصريات عام 1946 هورابطة عاملات القطر المصري، للدفاع عن حقوق المرأة العاملة، والمطالبة بتحسين ظروف العمل للمرأة، لمساعدتها على تحقيق التوازن بين دورها الأسري ودورها في العمل والإنتاج، وفي 12مارس 1953اعتصمت مجموعة من سيدات حزب “بنت النيل” في مبني نقابة الصحفيين واضربن عن الطعام مطالبات بحقوق المرأة السياسية كاملة، وإنطلاقاً من هذه الجهود بدأت النخبة السياسية تلتفت إلي مطالب المرأة.
 
 بينما بفعل التصحر الفكرى الوهابى أخذ دور المرأة فى الإنزواء و تراجعت بعض الشىء ؛ لكنها انتفضت حين شعرت بالخطر الداهم على الأمة بفعل جماعة الإخوان لنصل لحدوتة الحواديت عندما كان  للمرأة المصرية الدور المشهود فى حماية وطنها من ويلات وبشاعات خفافيش الظلام فى 30 يونيو و 3 يوليو 2013 حينما امتلأت ميادين مصر بالنساء ، وبلغت نسبة تصويتهن 55% فى الاستفتاء على دستور 2014، كما بلغت أصواتهن نسبة 54% من إجمالي أصوات الناخبين فى الانتخابات الرئاسية لنفس العام .
 
   نعم ، لقد انتصرت ثورة 30 يونيو في الحدوتة الأكبر لتتويج نضال المرأة و استعادة حقوقها وتمكينها ، حيث ارتفاع نسب المشاركة والوجود في البرلمان بشكل رائع بمساندة بعض لوائح التمييز الإيجابي المؤقت منها والدائم .. كما كان ارتفاع نسبة مشاركتها في المناصب العليا والقيادية .
 
 وتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 بما يتماشى مع أهداف التنمية الإقليمية والدولية، والتى تتكون من 5 محاور هى: التمكين السياسى والاقتصادى والحماية المجتمعية والمحور الثقافى والقانونى . 
 
 وعليه قامت الدولة المصرية بتعزيز دور المرأة وتمكينها وحمايتها عبر مظلة تشريعية من قوانين سنّها مجلس النواب المصري و تأتى تعديلات قانون العقوبات لتغليظ عقوبة التحرش وتحويلها إلى جناية بدلا من جنحة نظرا لخطورتها الشديدة علي المجتمع وانعكاساتها النفسية علي المجني عليه بمثابة انتصار جديد للمرأة المصرية .
 
 أما أن تحتاج المرأة أن تناضل أيضًا من أجل ارتداء الفستان و نحن فى القرن الواحد و العشرين ، أيعقل أن تتعرض فتاة للتنمر لإرتدائها الفستان ؟! تلك الحادثة تستدعى منا وقفة مع النفس و التساؤل من هو عدو المرأة الحقيقى ؟
 
   بالتأكيد لست أقصدك أيها الرجل فنحن شركاء الوطن و الحياة لسنا فى خصومة معك بل على العكس فهناك كثير من الرجال الداعمين لحرية و حقوق المرأة و مساواتها بالرجل ؛ لكنها تلك الأفة التى تنخر فى مجتمعنا " الثقافة الذكورية " و ما تقدمه من تحقير و دونية للمرأة تشل حركتها و تعوقها عن التقدم و تمحو شخصيتها ، لذلك على الدولة تجفيف المنابع الفكرية التي تغذي الثقافة الذكورية من العقل الجمعى المصرى خاصة و أنه لا يتناسب مع مكتسبات ثوراتنا المجيدة و جمهوريتنا الجديدة و عصر التنوير و الانفتاح ؛ فهل تعاقب الفتاة و المرأة صاحبة هذا التاريخ النضالى و الإنجازات و شرارة إشعال الثورات على أنوثتها و إقبالها على الحياة و الأمل فى غٍد واعد مشرق ؟ !! .