كمال زاخر
ما دار خلال الأيام القليلة الماضية من جدل حول تحليلى الأخير (مشاهدات علمانية على الحالة القبطية) يمثل حالة كاشفة لوضع ظللنا لثلاثة عقود نحذر من كارثيته، وحُسبنا مختلين وهراطقة  وعملاء لأكثر من جهة، وكانت جهات متباينات، وابدع المهاجمون، عبر لجانهم الالكترونية المسعورة، فى تجميع قاموس من الألفاظ المنتقاة التى تشهد لطبيعة الإيمان الذين يحرسونه ويحمونه، فى غير التفات لترنح الكنيسة تحت سنابك خيولهم الهائجة، لحساب صراع ساذج مشخصن، وشخوصه فى جملتهم غادرونا وبقيت آثارهم تقطر نزاعاً وشقاقاً.
 
فيما أؤمن أن الحوار والتوثيق وتحقيق النصوص، ثلاثية لازمة لعلاج ما نعانيه الكنيسة، وهى ثلاثية نفتقدها فى ادارة الأمر، أو الأزمة المعاشة، والأخطر هو عدم ادراك الكنيسة - الإدارة - لأهمية هذه الثلاثية، فلم تترجمها لواقع، ربما لأنها تفتقر للثقة فى غير الاكليروس، وترى فى الاستعانة بهم ضعفاً.
بينما يوظف اعداء الادارة الكنسية كل طاقاتهم لتدمير البنية اللاهوتية والفكرية  للكنيسة بل واسقاط الادارة نفسها.
 
ما نراه لا يعدو كونه صراعاً يتكرر بتنويعات مختلفة بامتداد تاريخ الكنيسة، سيعبر كما عبر قبلاً، وستعود الكنيسة، الكيان والرسالة والدور، بقوة اعظم. 
 
هنا اتذكر ثمة جملة صارت لصيقة الصلة بالقديس يوحنا ذهبى الفم "ستعود بقوة أعظم" قالها لرفيق صبوته وشبابه الذى ذهب بعيداً عن حياة الإيمان، وانغمس فى اللهو، فبعث له بها ضمن رسالة تحفزه على تذكر ايامهما المشتركة  وخبرات الملء، ولم تكن جذوة الروح قد انطفأت داخله بعد، فعاودت الاشتعال ليعود ويعوض السنين التى أكلها الجراد، ويسترد وعيه الروحى بل ويلتصق بالمذبح ويصير اسقفاً.
 
ظنى ان ذات الجملة تنطبق على كنيسة اليوم - باتساع المسكونة - وهى تتأهل بهدوء لتقتبلها وتفعلها وتسترد مجدها حتى وإن بدا انها فى النزع الأخير بقياسات العالم.
 
لدىَّ شعور يغازله اليقين، أن الأيام - بحسابات الله - ستشهد عودة الروح ومعها عودة الوعى...
 
سنرى عجباً وعلينا ان لا نسكت ولا ندع الروح يسكت.