كتب – روماني صبري
بات سيد قطب العضو السابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق لقسم نشر الدعوة في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمون، والأب الروحي للتيارات التكفيرية، "تريند" مؤشر جوجل، وحديث مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما قال عنه الشيخ السلفي محمد حسين يعقوب، انه لم يتتلمذ على يد أي شيخ، ولم يتعلم ويتفقه في علوم الدين، بل كان شاعر وأديب قصد أمريكا في يوما ما" وهو ما اغضب الإخوان، واعتبروه خيانة لهم، كون يعقوب طالما نادى في خطبه بتطبيق أفكار قطب الجهادية.
وصرح يعقوب بذلك خلال الاستماع لشهادته في القضية رقم 271 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة طوارئ قسم إمبابة والمقيدة برقم 370 جنايات أمن دولة عليا، والمعروفة إعلاميًا بـ"خلية داعش إمبابة"، ووجهت النيابة العامة للمتهم تهم تولى قيادة جماعة إرهابية هدفها الدعوة إلى الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، وتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والأمن القومي.
دمروا المجتمعات اليهودية والنصرانية
طالب قطب بمحاربة المجتمعات حتى العربية واعتبرها جاهلية وقال في كتبه :" قيام مملكة الله في الأرض وإزالة مملكة البشر وانتزاع السلطان من أيدي مغتصبيه من العباد، ورده إلى الله وحده، وسيادة الشريعة الإلهية وحدها إلقاء القوانين البشرية... كل أولئك لا يتم بمجرد التبليغ والبيان، لأن المتسلطين على رقاب العباد والمغتصبين لسلطان الله في الأرض، لا يسلمون في سلطانهم بمجرد التبليغ والبيان".
ويضيف في كتابه "معالم في الطريق" :" والحل لتدمير الأمم "الجاهلية" لا يكون إلا من قبل طليعة مؤمنة منفصلة عن "المجتمع الجاهلي".
ورأى :" ولتعريف المجتمع الجاهلي ... جميع المجتمعات القائمة يوما في الأرض، تدخل فيه المجتمعات الشيوعية.. بإلحادها في الله وبإنكارها وجوده... وتدخل فيه المجتمعات الوثنية وهي ما تزال قائمة في الهند واليابان والفلبين وإفريقيا... وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا.
تراب الوطن ليس له قيمة
كما رأى التكفيري سيد قطب :" هذه المجتمعات بعضها يعلن صراحة علمانيته، وعدم علاقته بالدين أصلاً، وبعضها يعلن أنه يحترم الدين ولكنه يخرج الدين من نظامه الاجتماعي أصلاً.. وبعضها يجعل الحاكمية الفعلية لغير الله ويشرع ما يشاء، ولابد من نشر فكرة الجهاد متعدد الأبعاد للتغلب على الجاهلية، والتسوية أمر مستحيل بين عالم الجاهلية وعالم الإسلام، وهناك مسلم حقيقي وغير حقيقي، وبالتالي لا خيار سوى اتخاذ الجهاد ضد الثقافة الحديثة من الجاهلية، وتراب الوطن ليس له قيمة أو وزن، والوطن يستحق الدفاع عنه فقط عندما يكون خاضعاً لنظام الخلافة، والإسلام عقيدة ثورية تسعى لتغيير النظام الاجتماعي في العالم بأسره، وإعادة بنائه بما يتفق مع معتقداته الخاصة، ولا يجب ان يكون الجهاد هدفه الدفاع فقط.
نزعة تخريبية يسميها: طريق الإسلام
كان كلف الشيخ حسن مأمون الإمام الأكبر وشيخ الأزهر عام 1965 الشيخ محمد عبد اللطيف السبكى إعداد تقرير بخصوص كتاب"معالم في الطريق" لسيد قطب، في إطار الكشف عن التنظيم الإخوانى، وقيامه بتدمير وتخريب مؤسسات الدولة وقتل عدد من الشخصيات العامة في عمليات إرهابية.
وكتب السبكي في تقريره :" لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه: الدعوة إلى الإسلام، لكن أسلوبه أسلوب استفزازي، يفاجأ القارئ بما يهيّج مشاعره الدينية، وخاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذين يندفعون في غير رؤية إلى دعوة الداعي باسم الدين، ويتقبّلون ما يوحى إليهم من أحداث، ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة".
ويضيف :" أحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف، لتكون أمامنا في تصور موقفه، إن المؤلف ينكر وجود أمة إسلامية منذ قرون كثيرة... ومعنى هذا: أن عهود الإسلام الزاهرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم في الدين، والتفسير، والحديث، والتفقه، وعموم الاجتهاد في آفاق العالم الإسلامي، معنى هذا: أنهم جميعـًا كانوا في جاهلية، وليسوا من الإسلام في شيء، حتى يجىء إلى الدنيا سيد قطب"!!
لافتا :" إن كلمة "ولا حاكمية إلا لله" كلمة قالها الخوارج قديما، وهى وسيلتهم إلى ما كان منهم فى عهد الإمام على، من تشقيق الجماعة الإسلامية، وتفريق الصفوف، وهى الكلمة التى قال عنها الإمام على: "إنها كلمة حق أريد بها باطل".
كما لفت :" فالمؤلف يدعو مرّة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية، ثم يتوسع فيجعلها دعوة فى الدنيا كلها، وهو دعوة على يد الطليعة التى ينشدها، والتى وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة، وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية، وهى نزعة تخريبية، يسميها: طريق الإسلام، والإسلام كما هو اسمه ومسمّاه يأبى الفتنة ولو في أبسط صورة، فكيف إذا كانت غاشمة، جبارة، كالتى يتخيّلها المؤلف".
مضيفا :" وما معنى الحاكمية لله وحده؟؟ هل يسير الدين على قدمين بين الناس ليمتنع الناس جميعـًا عن ولاية الحاكمية، أو يكون الممثل لله فى الحكم هو شخصية هذا المؤلف الداعى، والذي ينكر وجود الحكام، ويضع المعالم فى الطريق للخروج على كل حاكم فى الدنيا، تلك نزعة المؤلف المتهوس، يناقض بها الإسلام، ويزعم أنه أغير الخلق على تعاليم الإسلام، أليست هذه الفتنة الجامحة من إنسان يفرض نفسه على الدين، وعلى المجتمع.
الإخوان يرتاحون له .. فيقتلون ويُقتلون
في 23 أغسطس عام 1952 عاد قطب من الولايات المتحدة إلى مصر للعمل في مكتب وزير المعارف، وقامت الوزارة على نقله أكثر من مرة الأمر، لم يحب ذلك، فقدم استقالته من الوزارة واستقطبت حركة الإخوان المسلمين المثقفين ومنهم سيد قطب جراء مشروعه الذي ارتاحوا له إذ قال :" لا بد وأن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص"، وكانت بداية العلاقة بين سيد قطب والإخوان المسلمين هو كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي الطبعة الأولى كتب في الإهداء:الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون"، وفهم الإخوان المسلمون أن هذا الإهداء يعنيهم هم فأصبحوا يهتمون بأمره ويعتبرونه صديقاً لهم إلى أن انضم فيما بعد إلى الحركة وأصبح مسؤولًا للقسم الدعوي فيها.