خالد منتصر
شهادة الدعاة'> شهريار الدعاة استغرقت نصف ساعة، لكنها كانت كفيلة بهدم أصنام نُحتت منذ نصف قرن، وظل الناس يلقون إليها بالقرابين ويتعبدون فى محرابها طيلة تلك السنوات وهم يظنونها آلهة معصومة، لكن الصدمة فى أنها كانت أصناماً من عجوة! استيقظ الغافلون من غفوتهم على كم من الأكاذيب التى يبررها هؤلاء السماسرة تحت عنوان «المعاريض»، استيقظوا غير مصدقين أن هؤلاء الدعاة يستحلون الكذب ويتراجعون عن فتاواهم التحريضية التكفيرية بسهولة أكل الملبن ومضغ اللبان، ويبيعون أتباعهم عند أول زقاق.
نصف قرن من ضخ نصوص الكراهية فى شرايين الوطن، جهاد وغزو وولاء وبراء وجزية وذبح وقتل وتفجير، نصف قرن فتح لهم فيها الرئيس السادات ساحات الجامعات ضرباً لليسار، وجاء مبارك وترك لهم الشارع مستوصفات ومدارس ومنابر وسيطرة وتنويم مغناطيسى، ظلوا يبتزون الدولة طيلة تلك السنوات، لكن القدر منحهم المشنقة التى لفوها حول رقبتهم بأنفسهم فى أخطر نصف ساعة من عرض الاستربتيز الظلامى الذى تعرى فيه تجار بازارات الدين وأصحاب بوتيكات السلفية من كل أوراق التوت التى كانت تستر عوراتهم.
برغم كل النفاق والاستكانة التى أظهروها بعد أن ضاعت سطوتهم، ما زالوا يقولون ويرددون أمام القضاء ممنوع قتل المسلمين فقط! وكأن أبناء الأديان الأخرى مستباحو الدم، وهمٌ كبير أن نظن أن جدال المجرمين بالنصوص الدينية سيهديهم إلى الحق ويرجعهم عن طريق الإرهاب، خدعة أن نصدق ذلك، يجب أن يحاكموا كمجرمين فى ظل قانون مدنى لأننا لسنا فى برنامج توك شو أو حوار فى معهد الدعاة، هناك دم وضحايا وفتاوى ونصوص صنعت هذا الدم وأولئك الضحايا، من حرّض على الدم فى رابعة لا بد أن يحاكَم، من حوَّل الديمقراطية إلى غزوة صناديق لا بد أن يحاكَم، من وقف فى الاستاد يدعو الشباب للجهاد فى صفوف دواعش سوريا وابنه المنعَّم المرفه يقود الهامر لا بد أن يحاكَم، من حرَّض على الشيعى حسن شحاتة حتى سحله المرضى المغيبون المخدرون المدروشون من الأتباع الضباع يجب أن يحاكَم.
نصف ساعة تاريخية فعلت ما لم تفعله برامج دينية تقول عن نفسها إنها تجدد الخطاب الدينى وهى فى الحقيقة مجرد تنويعة على نفس لحن خفافيش الظلام وغربان الخراب، نصف ساعة لبسوا فيها الأبيض ليخدعونا بأنهم ملائكة ولكن السواد نضح وغطى وساد، سقط القناع ولم تستطع اللحية أن تراوغ وتناور وتغطى على أطنان الكذب الفاجر، ذبحوا الوطن من الشريان للشريان ويقولون عن أنفسهم إنهم مجرد عُباد! استباحوا أعراض النساء وتاجروا فى السبايا وجعلوا من فحيح شهواتهم نشيداً قومياً، حاربوا المرأة فى العلن ولهثوا خلفها فى السر، وما زال لعابهم يسيل عليها فى كل صوب وحدب.
خدعوكم باللحية والجلباب والسواك وفزاعة نحن السلفيون، وهم فى الحقيقة يستليفون ويخصمون من أرصدة فرحنا وبهجتنا وحياتنا، ليضعوا أرصدة تجهم وجلافة وغلظة روح وقسوة وجدان، إنها نصف الساعة التى فضحت البشاعة.
نقلا عن الوطن