د. مينا ملاك عازر

ربما ما كان يجول بخلدي يوماً، أن أقف مثل هذا الموقف، ولا تمنيته لي ولا لأعدائي، فالكتابة عن حلم ينهار، ويا ليته حلم شخصي، فطالما رأينا أحلام شخصية لنا ولغيرنا تنهار، واستمرت الحياة، لكنه حلم مؤسسي، حلم به شخص وصدقه وآمن به كثيرون، وسعى وراءه الأكثرين، وعمل تحت مظلته الكثيرون، والآن هو على المحك، هل يستمر أم يتوقف؟ هل يسقط أم يستمر في التحليق؟
 
الأحلام كالبشر تكبر وتنمو ولكنها لا تموت، ما لم يقتلها أحد بيده أو بتخليه عنها، هنا وهنا فقط يموت الحلم، ويبقى أسير للحظة ينتظرها ليمد أحدهم له يده ويعيده للحياة، وأما والحلم هذا على قيد الحياة، فيكون واجب على كل من آمنوا به وصدقوه أن يدعموه ولا يتخلوا عنه لألا يحاسبوا من مؤسس الحلم وممن حلم به، إذ كيف يقفون أمامه يوماً ما فيسألهم عما عملوه بحلمه الذي وضع لبنته، وحوله لحقيقة واقعة، في حين أنهم وللحظة ما ولظروف ما أيا كانت قرروا التخلي عنه، ربما ظنوا أنه اكتمل، أو أنه تحقق، ولم يعد من ضرورة لوجوده، هذا ليس صحيح، فالحلم ما دام أصبح واقع على الكل أن يتضافر ليبقى ولا يعود لحالة الأحلام، وإلا يكونوا مقصرين ومتهاونين.
 
لذا سألت لماذا الحلم الذي أصبح واقع وصار منارة للتنوير ليس للدفاع عن أقليات ولكن لتثبيت حقيقة واقعة، وهي اتحاد الأقباط مسلمين ومسيحيين، لماذا يتم التخلي عنه؟ لماذا يغلق أبوابه ويطفئ أنواره ويستحيل لجثة هامدة؟ لماذا يأتي يوم عليه تغرب الشمس فيه؟ ولا ينتظر أن تعاود الإشراق؟ لماذا كل من عمل به وقدم له سنوات عمره وجهده يشعر فجأة أنه أضاعها هباء بلا فائدة ولا جدوى؟ هنا السؤال يتحول لألم في النفس يغوص لأعماقها، ربما يخرج بلا نتيجة لكنه ينفث فيها وخز عنيف يعصف بها حين تشعر أنك قدمت الكثير ليبقى حلم الباشمهندس عدلي أبادير وكثيرين ممن صدقوه وآمنوا بحلمه، كما هو واقع يتطور مع مجريات الحياة العامة في مصر من انتصار للأقليات، فيزيد على عمله القيم هذا إنجاز وهو تنوير العقول، وتنقية القلوب، وتنمية الثقافات، الكارثة يا سادة أن وأد المشروع لا يعد إلا وأداً لكينونة العاملين به الذين ارتبطوا به وربطوا أنفسهم له، فهل من مدرك لخطورة الأزمة ومدى آثارها ليس فقط على رجل أعطى لينجز موقع الأقباط متحدون أقصد الباشمهندس عدلي أبادير، ولكن أيضاً على مشروع تنويري بل أيضاً على العاملين به، أولئك الذين ما ترددوا يوماً أن يبذلوا كل غالي ليبقوه منارة لكل من رغب واراد في الاستنارة ومقاومة الفكر الظلامي.
 
المختصر المفيد كيف أحلم بالغد؟ وأنا أشعر أن حاضري وماضِيَّ في مهب الريح، من حق من أن يهدرهما؟.