هاني صبري - المحامي
آثار انتشار فيروس كورونا حالة من الفزع والهلع في جميع أنحاء العالم، وألقي بظلاله أيضاً على الأجواء داخل الكنيسة مما دفع بعض الكنائس إلى إلغاء الصلاة فيها، كما طالب الكثير من الأقباط داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بضرورة الاستغناء عن ملعقة (الماستير) وهى ملعقة واحدة تستخدم لمناولة الجميع.

 حيث أن تاريخ إدخال الماستير لأدوات المذبح في الكنائس كان في القرن السادس عند الأقباط وقبلها كان التناول من الكأس مباشرة.

في البداية دعُونا نتّفق كلّنا على إيماننا بالأسرار المقدّسة، وأنّ ما نتناوله في نهاية القدّاس هو جسد الربّ ودمه الأقدسين، .. وأن القيمة في دم المسيح وليس في الماستير . فليس هناك من ينكر ذلك من الأقباط ، فلا داعي لأيّة مزايدة أو ذكر أي اتهامات معلبة لمحاولة النيل من المختلفين معك في الرأي.

إن طبيعة طقس التناول لا خلاف عليه لكن بعض الوسائل المستخدمة في التناول ومنها الماستير ليست سر ولا جوهر إيمان ويجب التخلي عنها نهائياً لأنها بعيداً عن فيروس كورونا ممكن تسبب عدوى، وتوجد طرق بديلة للتناول داخل الكنيسة القبطية صحياً أفضل ومنها غمس القربان فى عصير الكرمة، وهو أمر متداول ومعروف ويتم إستخدامه فى أثناء مناولة المرضى خارج الكنيسة ، وهناك كنائس قبطية فى بعض الدول الأوروبية لا تستخدم (الماستير).

فالحقيقة واضحة: الأسرار المقدسة لا تنقل المرض، ولكن بسبب أنّ المرض ينتقل من البشر المصابين إلى آخرين عن طريق أدوات المذبح التي تتلامس مع الفم، فقد تنتقل العدوى من الشخص المصاب أو الحامل للمرض إلى الشخص السليم ، فلا داعي للخلط في الكلام واتهام الناس بضعف الإيمان.

فعلي الرغم من أن الأدوات الطقسية التي تستخدم في التناول طقوس عملها البشر وليست عقائدية إلا أن المطالبين بتغيير بعض وسائل التناول نالوا قدرًا كبيرًا من الهجوم الغير مبرر حيث أتهمهم البعض بأنهم «ضعاف الإيمان» وذلك لعدم ثقتهم بأن حماية الله للجميع ، وبالقياس نتساءل لماذا نختزل الإيمان والعقيدة في أمور شكلية؟! يستخدمها البعض كنوع من التشدد والمغالاة لإثبات أنهم حراس الأمور الطقسية والباقين في نظرهم ضد الكنيسة والطقس. «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ."

جدير بالذكر أن هناك خلط بين ( قيمة جسد ودم المسيح) والجميع يعلم بقيمة ذلك تماماً وبين (الأدوات الطقسية التي تستخدم في التناول) بالتأكيد يمكن تغييرها لأن طقوس الكنيسة ليست جامدة عملها البشر وبتطور حسب متطلبات وظروف العصر.

وفي تقديري الشخصي أن تغيير بعض الوسائل المستخدمة في التناول ومنها الماستير أمر عادي وبسيط للغاية وليس مخالف للعقيدة إطلاقاً ، وهو أمر معروف ومسموح به ولَم يكن شىء جديد داخل الكنيسة القبطية في ظروف معينة وفِي بعض كنائسنا خارج مصر يتم تطبيقه، إذن لماذا لا يتم تغيير الوسائل التي تندرج تحت الاحتياجات الرعوية وفقاً لمنطق الأشياء وحفاظاً علي صحة الإنسان لضمان عدم انتشار العدوي، ومثل هذه الأمور لا تحتاج إلى المجمع المقدس لتغييرها.

نناشد لجنتي شؤون الايبارشيات ، وشئون الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس، برئاسة قداسة البابا الأنبا تواضروس إصدار مزيد من الإجراءات الاحترازية وتفعيلها بكل دقة حفاظاً علي حياة الإكليروس (رجال الدين) وكل المترددين علي الكنائس، وإيقاف الزيادات للأديرة مؤقتاً لحين انحصار جائحة كورونا.
ونهيب بالجميع البعد عن الخلافات والصراعات والانقسامات وعدم التحزب داخل الكنيسة، والحرص علي مصلحة الكنيسة ليتسنى لها القيام بدورها بقوة وفاعلية لخدمة الإنسان. حفظ الله الجميع من كل شر ومكروه.