"جحود الأباء".. تلخص تلك العبارة قضية أب هان عليه أطفاله فتارة يعتدى عليهم ضرباً، وأخرى يتركهم وسط ذئاب الشارع بلا شفقة ولا رحمة، ليلقى مصيره الذى طالما تحداه بجحوده ونكرانه لعاطفة الأبوة خلف القضبان.
كانت بداية تلك القصة، بتحقيق النيابة العامة مع أب بتهمة الاعتداء بالضرب على طفلته، وتركها بمكان مهجور معرضا حياتها للخطر هى وشقيقها.
الأب الذى حضر للقاهرة بحثا عن الرزق، وتعرف على سيدة مطلقة لديها طفل حيث اتفقا على الزواج وعاشا داخل حجرة بمدينة نصر، رزق الزوج والزوجة بـ4أطفال - بنتين وولدين - أكبرهم 7 سنوات وأصغرهم 8 أشهر، ونتيجة الحياة الخالية من أى سبل المعاملة الحسنة، أصابتهم الأمراض المزمنة وسوء التغذية بجانب المعاملة السيئة التى كان الأب يعامل بها الزوجة والأبناء.
لم يكتف الزوج بسوء معاملته زوجته وأبنائه، بل طرد الزوجة ومعها طفلها الرضيع، وابنها الآخر، واحتفظ بثلاثة أطفال لاستغلالهم فى التسول، وفى أحد الأيام فوجئ الأطفال بقيام الأب بضربهم بعنف وقسوة شديدة وطردهم ليقيموا فى حديقة، الأب الجاحد طرد الأبناء للشارع حيث أقاموا فى «خرابة»، ما أصاب الأطفال بحالة صحية سيئة.
تم القبض على الأب وإحالته للمحاكمة بتهمة تعريض أطفاله للخطر، وأمام المحكمة برئاسة المستشار سيد عبدالعزيز توني، وعضوية المستشارين بولس رفعت وأيمن عبدالرازق المستشارين باستئناف القاهرة، بحضور محمود الجيزاوى وكيل النيابة، وأمانة سر ممدوح غريب، اعترف الزوج بجريمته.
المحكمة قضت بمعاقبته بأشد العقوبة بالحبس سنة مع الشغل ليكون عبرة لغيره ممن تسول لهم أنفسهم استغلال أطفالهم.
وناشدت المحكمة فى حيثيات حكمها، توفير الرعاية الدائمة لهذه الأسرة المنكوبة وأمثالها العديد من الأسر يعيشون بين ظهرانينا ونحن عنهم غافلون، ويأبى الضمير الإنسانى بطبيعته أن يرى مثل هذه الأسر تعانى شظف العيش ومحرومه من الحد الأدنى من الحياة الكريمة رغم ما بذله ويبذله رأس الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية من جهود ملموسة لإعانتهم وتحسين ظروف معيشتهم ووضعهم على رأس أولوياتها حماية لهم وللمجتمع من أن يضلوا السبيل.