عبد المنعم بدوى
إنها ثلاثة أحرف م . ص . ر ... بهذه الأحرف يتلخص كل شيىء فى حياتنا ، بها نعبر عن ذاتنا وعن محبتنا ، فالحب الحقيقى هو أن تحب محبوبتك التى هى مصر أكثر مما تحب نفسك ، والمصريون جميعا شربوا من نهر هذا العشق السحرى ، فمهما كانت انتمائاتهم ، ومهما تبدت مواقفهم وأفكارهم ، فالمصرى يسلم نفسه لحالة العشق ، فيتجسد مصريا خالص المصريه ، وتعلو به مصريته فوق كل أعتبار ... أنا يامصر فداك ، بدمى أحمى حماك .
نحن المصريون ، إذا نظرنا الى السماء نجد فوق رؤوسنا طيور هى أيضا من نبت مصر ، تمطرنا بالعطر الأبدى السحرى الأتى من ماء النيل ، تلهمنا بالألتزام بمصر ، مصر وحدها بلا أى شريك ... لاحاكم ولامنصب ولامصلحه شخصيه ولاكسب ذاتى .
ذات يوم كان " عبد الله النديم " فيلسوف الثوره العرابيه ، ورمز مقاومة الأحتلال والخديوى عميل الأحتلال ، هاربا فى ريف مصر ، وأستقر به المقام عند أحد العمد ، والعمده يعرف أن حياته قد تكون ثمنا لإيواء هذا الثائر الهارب ، لكنه تقبل المخاطره راضيا من أجل إنسان يتجسد فيه العشق لمصر .
ويوم هبط على دوار العمده مأمور المركز بدون سابق أنذار ، وكانت عينا المأمور المدربتين قد عرفتا " عبد الله النديم " فأنصرف مسرعا ، وتأكد العمده والنديم أن المأمور قد كشف سرهما ، وفيما يلملم النديم أغراضه مستعدا للهرب خوفا من القبض عليه ، وصل من المأمور رسولا يحمل خطابا مغلقا لضيف العمده ، فتح النديم الخطاب وبكى ، وكانت هى المره الأولى التى يبكى فيها هذا الرجل الصخرى الحديدى الإراده المصنوع من الجرانيت المصرى .
بكى وبللت دموعه رسالة مأمور المركز إذ قرأ فيها ... ولقد نذرت إذا لقيتك سالما ، لأقبلن مواطىء الأقدام
هكذا هم المصريون عندما يستسلمون لعشق المعشوقه الأبدية مصر.