حمدى عبد العزيز
ربما اصبحت الأحداث شاهدة علي تداعي أسلو وسلطة أسلو ، وربما أيضاً حملت هذه المرة إشارة واضحة علي وصول حل الدولتين لمرحلة الإضمحلال بعد مرور عقود زمنية وحقب تاريخية شهدت هيمنة الأفق المسدود علي جميع مسارات هذا الحل ، ومن ثم أصبح ضرورياً إعادة النظر في سياقات حل القضية علي ضوء الحقائق والمعطيات الراهنة سواء كان ذلك عبر المقاومة بشقيها السلمي والمسلح أو عبر مسارات اكتساب أراض جديدة من الأتصار والداعمين للقضية الفلسطينية في العديد من مناطق العالم وقواها الشعبية المؤثرة وصولاً إلي تحقيق قوة دعم مجتمعي دولي لها تأثيرها الهائل علي الرأي العام العالمي وقوي ومؤسسات اتخاذ القرار في العالم .
 
 ومن وجهة نظري (الشخصية) كمواطن مصري يري أن أمن مصر القومي يرتبط ضمن مايرتبط ارتباطاً وثيقاً بتداعيات عمق مابعد الحدود الشرقية لسيناء بل ومنطقة شرق الأبيض المتوسط والبحر الأحمر إلي منطقة القرن الأفريقي ومنها إلي منطقة حوض النيل ومنابعه ، وهذا بخلاف مابعد الحدود الغربية علي نحو يجعلنا في ارتباط وتشابك دائمين بقضايا هذه المناطق ، وهذا اختيار لاتحسمه الأهواء ولاالإنتماءات والإنحيازات بحكم ماتحكمه (الضرورة الجيوسياسية) التي يحتمها الموضع الجغرافي والتاريخي والعمق البشري للدولة المصرية  ..
 
ولذلك أري أن الحل هو فلسطين الدولة الموحدة التي تجمع بين المسيحيين واليهود والمسلمين والعرب والدروز واللاجئين الفلسطينيين العائدين إليها بالإضافة إلي من اختار البقاء فيها من ذوي الأصول الأوربية والأجنبية الذين توطنوا فيها عبر حقب من تراكمات الإحتلال الإستيطاني دون فصل أو تمييز عنصري أو ديني أو عرقي .. 
 
دولة تجمع بين كل هؤلاء علي أساس المواطنة لابد أن تكون علمانية الطابع ذات هوية منفتحة علي مكونات تاريخها الممتد وموضعها الجغرافي وتنوع ثقافات سكانها الذين تعددت مشاربهم واعراقهم  ..
 
هذا هو الأفق الذي أراه مناسباً لاستراتيجية تحرير ، وإن كنت أتفهم أن الشعب الفلسطيني هو المنوط بتحديد آفاقه المستقبلية وتحديد إستراتيجياته المرحلية وأهدافه النهائية وتحديد أدوات الوصول إليها بمافي ذلك اختياره لقيادته ، واشكال مقاومته سواء في جانبها السلمي أو المسلح العنيف الذي أراه شرعياً طالما ظل الشعب الفلسطيني علي معاناته من الإحتلال الإستيطاني ذو الطابع العنصري الصهيوني  ..
 
وطالما لم يتحقق السلام العادل والشامل علي أرض فلسطين فمن النجاعة والحق والشرعية أن يمتلك الشعب الفلسطيني مقاومته التي نعرف أنها لن توازن الترسانة المسلحة لدولة الإحتلال الصهيوني ، ولكنها تستطيع في حدود إمكاناتها وماتيسر لها من دعم لايؤثر علي إستقلالها أن تراكم عملية استنزاف تاريخي لقوي الإحتلال التي كلما تصاعد انفاقها علي العسكرة والتسلح كلما تناقصت امكانات الرفاه للمجتمع الإسرائيلي ، ومن ثم تناقصت درجة وحدة المجتمع الإسرائيلي والتفافه حول القيادات الصهيونية التي تدفع دائماً نحو عسكرة الدولة  ..
 
الاستنزاف العسكري والإقتصادي والإجتماعي والمعنوي للمجتمع الإسرائيلي ربما يكون هو أحد الأدوات التي تجبره علي الإنصياع لحل عادل وشامل يرتكز علي إعطاء الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه في أرضه وفي وطنه وفي الحياة بسلام ورفاه ، وربما ينزع من كامل منطقة الشرق الأوسط أهم مبررات التعصب والتطرف الديني  ..
 
هذا رأيي الذي اعتقد أن الكثيرين سوف يختلفون معه بدرجات من الرفض والحدة ، أوبالتسامح أو تبادل الجدل والنقاش ، وكل هذا متفهم ومقبول ومرحب به ، ذلك أنه لايوجد أحد بعينه يمتلك الحقيقة حتي لو خيل له ذلك أو توهم أو زعم  ..