في مثل هذا اليوم 14 مايو1964م..
الاحتفال بتحويل مجرى نهر النيل عند السد العالي وذلك بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف، وكانت قناة التحويل مسقطًا مائيًا يسمح بتشغيل أكبر محطة كهربائية في الشرق الأوسط.
في مثل هذا اليوم الرابع عشر من مايو تم تحويل مجرى النيل فى اسوان فى نطاق مشروع السد العالي وذلك بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر ورئيس الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروشوف، جاء ذلك إيذاناً بانتهاء المرحلة الأولى من بناء السد العالى، وبدء تحول جديد فى مستقبل مصر.
الأبطال الحقيقيون للحدث من مهندسين وعمال، والذين قاموا بالتمهيد لغلق المجرى المائى نهائيا عن طريق وضع كميات كبيرة من الصخور والأتربة بواسطة سيارات النقل، مع وجود فتحة عرضها 50 متر فقط لمرور المياه، وفى يوم الاحتفالية تم ردم هذه الفتحة بالكامل وتحويل مجرى النيل عقب تفجير السد الرملى أمام وخلف السد العالى.
بدأ تحويل مجرى نهر النيل (الذي استمر ثلاث ايام) فى الساعة الثانية إلا الثلث ظهراً، حيث تم إغلاق المجرى نهائيا وتحويل المياه إلى القناة الأمامية للسد العالى بطول 1950 متر مرورا بستة أنفاق رئيسية بطول 282 متراً وقطر 15 متراً للنفق الواحد، ليتم بذلك تغيير مجرى نهر النيل، وتنتهى المرحلة الأولى من إنشاء السد العالى والتى بدأت فى 9 يناير 1960 حتى 15 مايو 1964م.
والسد العالي مشروع هندسي يعد ضمن ما أنجزته البشرية في القرن العشرين، تجاوزت أهميته القيمة الاقتصادية المباشرة من تشييده، لتحمل نفقات تمويله تبعات سياسية هائلة ساهمت في تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط منذ نهاية الخمسينات.
منذ اقدم العصور أدرك المصريون أهمية تخزين مياه النيل، فأقيمت مشروعات التخزين السنوي مثل خزان أسوان للتحكم في إيراد النهر المتغير، كما شيدت القناطر على النيل لتنظيم الري. إلا أن التخزين السنوي لم يكن إلا علاجاً جزئياً لضبط مياه النيل والاستفادة منها، فإيراد النهر يختلف من عام إلى آخر إذ قد يصل إلى نحو 151 مليار متر مكعب أو يهبط إلى 42 مليار متر مكعب سنوياً. لذلك اتجه التفكير إلى إنشاء سد ضخم لتخزين المياه في السنوات ذات الإيراد العالي لاستخدامها في السنوات ذات الإيراد المنخفض، فكان إنشاء السد العالي أول مشروع للتخزين المستمر على مستوى دول الحوض.
وبعد إجراء دراسات مصرية مستفيضة حول جدوى السد وأهميته تقدمت شركتان هندسيتان من ألمانيا أوائل 1954 بتصميم المشروع الذي راجعته وأقرته لجنة دولية فنية رفيعة المستوى تولت التدقيق في المواصفات الهندسية وشروط التنفيذ.
وبعد موافقة البنك الدولي بالعام 1955 على تقديم معونة لمصر بما يساوي ربع تكلفة الإنشاء، سحب عرضه في العام التالي تحت ضغوط الدول الغربية الكبرى بعد العدوان الثلاثي علي مصر في 1957، فتحولت مصر ناحية روسيا موقعة معها اتفاقية الحصول على قرض ب 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الأولى من السد العالي.
يبلغ طول السد العالي 3830 مترا، ويبلغ ارتفاعه 130 مترا فوق منسوب قاع نهر النيل، وتقع محطة الكهرباء على الضفة الشرقية منه معترضة مجري قناة التحويل التي تنساب منها المياه إلى التوربينات من خلال ستة أنفاق مزودة ببوابات للتحكم في المياه بالإضافة إلى حواجز للأعشاب، وتنتج محطة الكهرباء طاقة كهربائية تصل إلى 10 مليارات كيلو وات ساعة سنويا.
بدأت أولى مراحل العمل مطلع العام 1960، وشملت حفر قناة التحويل وتبطينها بالخرسانة ووضع أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب 130 متراً. وبعد حصول مصر على قرض ثان من روسيا بموجب اتفاقية ثانية أبرمت في نهاية 1960 تسارع معدلات الأداء لنصل إلى تحويل مياه النهر في مثل هذا اليوم من العام 1964، لتنطلق بعدها الشرارة الأولى من محطة الكهرباء في 1967، وبدء تخزين المياه بالكامل منذ 1968، ليكتمل الصرح العملاق في منتصف 1970 ليحمي مصر من كوارث الجفاف، إلى جانب تحويل الري الحوضي إلى ري مستديم، والتوسع في زراعة الأرز، وتحسين الملاحة النهرية على مجرى النيل طوال العام.!!