بقلم- جرجس وهيب
في الوقت التي تحترق فيه مصر، حيث شهدت البلاد أربعة أحداث دامية خلال الأيام القليلة الماضية نتج عنهما ضحايا أبرياء وعمليات تخريب وحرق وسلب وتهجير لمواطنين أبرياء، سوف أتحدث في هذا المقال عن الحوداث الثلاثة الأولى وسأترك حادث رفح المفجع لمقال خاص آخر، لما له من دلائل قوية عن وجود علاقة مريبة بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس.
فخلال الأيام الماضية تم إجبار، تحت وقع الحرق والسلب والنهب والتظاهر والتهديد والوعيد، أكثر من 500 قبطي على ترك منازلهم بقرية دهشور بمركز البدرشين، بعد حدوث مشاجرة بين مكوجي قبطي ومواطن مسلم علي حرق قميصه، مما أدى إلى نشوب مشاجرة بين الطرفين نتج عنها وفاة مواطن لا يعلم على وجه اليقين من قتله أثناء المشاجرة، فقيل أنه أُلقي عليه قنابل مولوتوف من قبل المتهم المسيحي، فهل هناك قنابل مولوتوف يستخدمها الأقباط وقنابل مولوتوف يستخدمها المسلمون؟ وهل هناك اختلاف كبير بينهم، حتى يتم التأكد من أن القنابل التي أصابت المواطن المسلم تم إلقائها من الجانب المسيحي؟؟ هذه ذرائع كما قلت قبل ذلك وحجج جاهزة لتأجيج المشاعر ضد الأقباط ودفع الأقباط لمغادرة البلاد، وهناك من يغذيها ويدعمها ويربيها ويستغلها.
كما شهد مركز التجارة العالمي هجومًا غوغائيًا من قبل بلطجية ومؤجرين ضد شركات وفنادق رجل الأعمال القبطي "نجيب ساويرس"، ونتج عنه احتراق عشرات السيارات والدرجات البخارية خاصة بمواطنين عاديين، فضلًا عن وقع هذه الحادثة أمام السياح الأجانب الموجودين بالفندق الموجود بمركز التجارة، وما لذلك من عواقب وخيمة على النشاط السياحي الذي بدأ يتعافى بعض الشيء.
وشهدت البلاد أيضًا حادثة أخرى مروعة بمحافظة "بني سويف"، وهي حادث اشتباك بين عناصر من جنود معسكر الأمن المركزي الموجود بقرية "أبو سليم" وبين عدد من سكان القرية، نتج عنه مصادمات دامية وأربع قتلي و9 مصابين بعضهم حالته خطيرة، وتطور الأمر بعد ذلك لهجوم شامل من جانب اسر الضحايا وبعض المتعاطفين معهم من سكان القرية على ديوان عام محافظة بنى سويف قبل الإفطار بدقائق معدودة، نتج عنه تحطيم وجهة الديوان العام ومدخل المحافظة، ومكتب المستشار ماهر بيبرس محافظ بنى سويف، والمركز التكنولوجي، ونقطة شرطة مستشفي بنى سويف العام، وإحراق ثلاث سيارات تابعة لمديرية أمن بنى سويف، وإتلاف مقر شرطة المسطحات، وقذف رجال الشرطة بالطوب والزلط.
وعلي الرغم من هذه الحوادث الثلاثة المروعة، والتي نتج عنها وقوع أربع ضحايا و9 مصابين وتشريد المئات من الأقباط والإساءة لسمعة مصر السياحية، لم نجد أي إدانة من قبل قيادات التيار الديني، ولم نجد اهتمام من جانب الرئيس الذي فتح أبواب القصر علي مصراعيها أمام وفود حماس في أي وقت وفي أي زمان، بينما رفضت الرئاسة استقبال بعض رجال الدين المسيحي لعرض مشكلة قرية دهشور لانشغال الرئيس!.
كما خرجت وفود وأعضاء أكثر من 23 فصيلًا دينيًا إسلاميًا للتظاهر أمام سفارة دولة بورما، تنديدًا بالاعتداءات على مسلمي بورما، وأنا لست من المعترضين علي إدانة ما يحدث للمسلمين بدولة بورما أو تنظيم وقفات للتنديد بذلك، فأنا ضد العنف بكافة أشكاله وصوره، ولكن أن يكون ولاء الإسلاميين الأول والأخير لما يحدث خارج البلاد هو شيء خطير ومقلق، وخاصة مع تولي بعض قيادات هذه التيارات التي ليس لديها أي تعاطف مع ما يحدث داخل مصر مناصب قيادية وتثور وتغضب لما يحدث خارج مصر بينما لا تحرك ساكنا عما يحدث داخل البلاد. فماذا سيحدث لو تولي أحد أنصار هذه التيارات منصب وزير الدفاع؟ هل سيكون الجيش المصري للدفاع عن مسلمي العالم بينما لا يتحرك لنجدة والدفاع عن أقباط مصر من حدوث اعتداءات؟
شيء مقلق وملاحظات مرعبة على مستقبل مصر في ظل هيمنة فكرة الإمارة الإسلامية على وجدان ومشاعر أغلب قيادات وأعضاء وأنصار التيار الديني والقضاء علي الهوية المصرية، فأنا أسأل من تظاهر لنصرة مسلمي بورما: ألا كان يزعجكم من ضم للمظاهرة مطلب بضرورة عودة المواطنين الأقباط لمنازلهم وإدانة محاولة التعدي على مركز التجارة العالمي وإدانة الاعتداء علي مواطني قرية أبو سليم وديوان عام محافظة بنى سويف؟ أم أن اهتمامات التيارات الدينية ينصب علي ما يحدث خارج مصر، ولا يشغلها ما يحدث داخل مصر؟ سامح الله من شارك في وجود هؤلاء على الساحة السياسية المصرية، ودعاة المقاطعة والفذلكة.. وحمي الله مصر منهم.