تنصيب الملك حسين ملكًا على الأردن ليتولى الحكم رسميًا بعد أبيه الملك طلال الذي تنازل عن العرش في 11 أغسطس 1952 بسبب المرض.
الحسين بن طلال بن عبد الله الأول الهاشمي (14 نوفمبر 1935 - 7 فبراير 1999)، هُو ملك الأردن الثالث. تولى الحكم من الحادي عشر من أغسطس عام 1952 حتى وفاته في السابع من فبراير عام 1999.
وُلد الملك الحسين في العاصمة الأردنية عمَّان؛ ليكون أكبر أبناء الأمير -آنذاك- طلال بن عبدالله وزوجته زين الشرف بنت جميل. وقد بدأ دراسته في عمّان في الكلية العلمية الإسلامية، بينما أكمل تعليمه في الخارج بالمملكة المتحدة. وبعد أن تولّى الملك طلال حكم المملكة الأردنية الهاشمية عام 1951 م، سُمِّي الحسين وليا لعهد مملكة الأردن. بعد ذلك، عزلَ مجلس النواب الأردني الملك طلال بعد عام من توليه الحكم؛ نظراً لمرضه آنذاك، مما حدا بالمجلس لتعيين مجلس وصاية على العرش حتى يبلغ الحسين السن الدستورية للحكم؛ إذ اعتلى العرش وهو يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً فقط، وذلك في الثاني من أيار/مايو من العام 1953 م. وقد حكم الحسين الأردن ذات النظام الملكي الدستوري لأطول مدّةٍ بين أفراد أسرته الذين توّجو ملوكا للأردن أو للعراق منذ 1920 م.
تزوج الحسين بن طلال أربع مرات منفصلات، وقد أنجب من تلك الزيجات الأربع أحد عشر إبنا وابنة، وهم: عالية بنت الحسين من زوجته دينا بنت عبد الحميد، وعبد الله الثاني بن الحسين وفيصل بن الحسين وعائشة بنت الحسين وزين بنت الحسين من زوجته الأميرة منى الحسين، وكل من الأميرة هيا بنت الحسين وعلي بن الحسين من زوجته علياء الحسين، كذلك حمزة بن الحسين وهاشم بن الحسين وإيمان بنت الحسين وراية بنت الحسين من زوجته التي تُوفي عنها نور الحسين.
تولّى الحسين حكم المملكة ليكون ملكا دستوريا مبتدئا عهده بما اصطلح على تسميته "تجربةً ليبرالية"؛ إذ سُمح في العام 1956 م بتشكيل أول حكومة برلمانية منتخبة في تاريخ الأردن. وبعد شهورٍ قليلة على تلك التجربة، أجبرَ الحسين تلك الحكومة التي كانت برئاسة سليمان النابلسي على الاستقالة؛ حيث أعلن الأحكام العرفية وحظر الأحزاب السياسية. يُذكر أن الأردن في عهد الملك الحسين كان قد دخل في ثلاثة حروب مع الكيان الإسرائيلي، كان أبرزها حرب الأيام الست عام 1967 م، والتي انتهت بفقدان الأردن لثلاث محافظات منه كانت تُشكل ما يُعرف باسم الضفة الغربية. وفي عام 1970 م، طردت الحكومة الأردنية مقاتلي المنظمات الفلسطينية بعدما شعر المسؤولون في البلاد بتنامي سلطتهم التي تهدد أمن الأردن والسلم الاجتماعي فيه فيما اصطلح عليه فلسطينيا بإسم أيلول الأسود وأردنيا بإسم فترة الأحداث المؤسفة.. وفي العام 1988 م أعلن الحسين قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، متنازلا عن السلطة الرسمية والشرعية فيها لصالح منظمة التحرير الفلسطينية التي عدتها جامعة الدول العربية في قمة الرباط الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وتبع ذلك اعتراف دولي بالمنظمة كذلك؛ الشيء الذي يعده كثيرون في الأردن غير دستوري وتنازل عن أراض أردنية بنص دستور الأردن 1952 م. وعام 1989 م رفع الملك الأحكام والقوانين العرفية، معيدا الانتخابات مجددا وذلك بعد الهبة التي شهدها الأردن، خصوصاً في الجنوب، على ارتفاع أسعار الخبر فيما عُرف شعبياً وإعلامياً باسم هبّة نيسان. وبعد توقيع اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والكيان الإسرائيلي، وفي عام 1994 م، أصبح الحسين الزعيم العربي الثاني، بعد أنور السادات الذي وقع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1978 م، الذي يوقع على معاهدة سلام مع الكيان الإسرائيلي، والتي اشتهرت باسم معاهدة وادي عربة، رغم الرفض الشعبي العارم لها.
في الوقت الذي تُوج فيه الحسين ملكا، كانت الأردن لا تزال دولة فتية حديثة تحكم الضفة الغربية. ونتيجة لحرب عام 1948، فقد كان الأردن ملاذا لأعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينين الفارين من الحرب. إضافة لذلك يعد البعض الأردن بأنه بلد محدود الموارد الطبيعية، فيما يرفض آخرون هذا الرأي ويرون أنه بلد غني بموارده المتنوعة. ومما هو جدير بالذكر في تلك المرحلة وبعدها، أن الحسين قاد بلده خلال أربعة عقود من الحروب والأزمات في الصراع العربي الإسرائيلي والحرب الباردة بنجاح، موازنا بين الضغوط التي كانت على الأردن من قبل القوميين العرب والاتحاد السوفييتي والدول الغربية والكيان الإسرائيلي؛ حيث أدى ذلك إلى تحول الأردن في نهاية الـ 46 عاما من عهده إلى دولة حديثة مستقرة. بعد عام 1967 م بذل الحسين جهودا متزايدة لأجل حل القضية الفلسطينية. ولقد عمل الحسين بصفته وسيطا بين الأطراف المتعددة المتنازعة في منطقة الشرق الأوسط؛ مما أظهره بمظهر صانع السلام. وعلى الرغم من تعرض الملك الحسين لعدد كبير من محاولات الاغتيال والانقلاب عليه، إلا أنه يُعدُّ صاحب أطول مدة حكم في الإقليم. تُوفي الحسين عن عمر يناهز الثلاثة وستين، بمرض السرطان في السابع من شباط/فبراير عام 1999 م. وتُعد جنازته الأكبر في التاريخ من حيث عدد الزعماء الدوليين الذين حضروها منذ عام 1995 م. وقد خلفه في الحكم ابنه الأكبر الأمير -آنذاك- عبد الله بن الحسين الذي أصبح اسمه الملك عبد الله الثاني بن الحسين.!!