كتب: هانى لبيب
نحتاج إلى تصحيح مفاهيم خاطئة انتشرت فى مجتمعنا، واتخذها أصحاب الأفكار المتطرفة ذريعة لتبرير أعمالهم الإرهابية.
وأهمية كتاب «مفاهيم يجب أن تُصحح فى مواجهة التطرف» أنه يفند تلك المفاهيم ويرد عليها، وقد أشرف عليه د. محمد مختار جمعة «وزير الأوقاف» وشارك فى إعداده د. عبدالله مبروك النجار، ود. محمد أبوسالم أبوعاصى، وسوف أتعرض هنا لعدد من تلك المفاهيم:
أولًا: التكفير، وهو من أكثر المفاهيم التباسًا. وقد حسم الكتاب هذه القضية الشائكة، حيث أكد أن استحلال قتل البشر أو ذبحهم أو حرقهم أو التنكيل بهم من قبل الأفراد أو الجماعات أو التنظيمات يعد خروجًا على الإسلام، وأن التكفير حكم شرعى لا يصدر إلا عن أدلة شرعية قاطعة، ومن ثم فإن مرجعه هو أحكام الشريعة وفقه نصوصها، ولا يجوز فى ذلك كله الخوض بلا علم ولا برهان من الله، وبالتالى لا يجوز لواعظ أو عالم أو جماعة أيًا كانت أن تحكم على الناس بالكفر، وإنما يكون ذلك لحكم القاضى أو المفتى لما لهما من علم بالأحكام الشرعية والإجراءات القضائية. ببساطة، إن التكفير هو قضية مرجعها صحيح الدين، وليس رأى عامة الناس ممن يعرف ومن لا يعرف.
ثانيًا: الجهاد، وقد فسر أن الجهاد الدعوى من أحكام التبليغ، فالدعوة تتسع وتضيق حسب ثقافة الداعية، أما الجهاد القتالى فهو من أحكام السياسة الشرعية، والقاعدة فى باب الجهاد أن الجهاد الدعوى كان ولايزال حوارًا وإقناعًا، وليس إرغامًا أو إكراهًا، والجهاد القتالى إنما يكون درءًا للحرابة والاعتداء، لا عدوانًا وحربًا، وهو ما يعنى أن مفهوم الجهاد حسب صحيح الدين له قواعد تأتى على النقيض مما تروج له الجماعات المتطرفة لتحقيق مصالحها المباشرة.
ثالثًا: الدين والدولة لا يتناقضان.. الدين والدولة يرسخان معًا أسس المواطنة المتكافئة فى الحقوق والواجبات، ومن يتوهمون صراعًا بين الدين والدولة لا يفهمون الأديان فهمًا صحيحًا. لذا هناك حاجة وضرورة للتأكيد على احترام دستور الدولة وقوانينها وإعلاء دولة القانون، وألا تنشأ فى الدول سلطات موازية لسلطة الدولة أيًا كان مصدر هذه السلطات، لما يمكن أن تمثله من خطر داهم لا يستقيم معه أمر الدين ولا أمر الدولة، وهو ما يعنى أن الدين والدولة وجهان لعملة واحدة هى دستور الدولة وقوانينها.
رابعًا: الخطاب الدينى، والذى أصابه السطو والتسلق والاختطاف والمتاجرة من البعض به كغطاء لعمالتهم وأعمالهم المشبوهة ضد أوطانهم فى أعمال عنف وتخريب، بل تجاوز الأمر ذلك إلى أعمال قتالية وإرهابية، وحدد الكتاب ثلاث معضلات أمام الخطاب الدينى هى: الجمود، والإسلام فوبيا «الخوف من الإسلام»، والخوف من التجديد، وأكرر ما كتبته كثيرًا أن الذى يحتاج إلى تجديد هو الفكر الدينى الذى يمثل المرجعية الفكرية، والذى ينتج عنه الخطاب الدينى وليس العكس.
نقطة ومن أول السطر..
نحتاج لإعادة فتح باب الاجتهاد بشكل حقيقى يستند إلى المرجعيات الفقهية والشرعية لنستطيع تقديم إجابات مقنعة عن تحديات العصر ومستجداته، بعيدًا عن المشكوك فيه من التراث.