سحر الجعارة
لماذا نقول وزارة الداخلية أخذت «ثأر» الشهيد «نبيل حبشى»، ولا نقول الداخلية «طبّقت القانون»؟.. لماذا نفخر بتحقيق «القصاص» ولا نُردّد عبارات عن «العدالة والاستقرار ومحاربة الإرهاب»؟.. نحن نرد بلغتهم «لغة الجاهلية» التى ينسبونها بالباطل إلى الإسلام.. تماماً كما نرد على الرصاص بالرصاص.. رغم أن دماءنا أنبل وأزكى من دماء الإرهابيين النجسة.
كان لا بد أن نستخدم تلك اللغة، بعدما رأينا عملية الإعدام بحق رجل مسيحى مصرى واثنين من أفراد قبيلة سيناوية بالرصاص، فى مقطع فيديو.. يقول «حبشى» فيه تهمته الشريفة: بناء الكنيسة الوحيدة فى مدينة بئر العبد، «كنيسة العذراء»، و(الكنيسة تتعاون مع الجيش المصرى والمخابرات «كما لقّنوه»).
فى الفيديو الملعون يظهر بعض الدواعش وهم يُهدّدون المسيحيين المصريين ويتوعدونهم بالقتل: (حتى يدفعوا الجزية وهم صاغرون).. ويكفّوا عن موالاة الجيش المصرى.. فتّش عن المرجعية الدينية لهؤلاء لنعرف «البنية الفكرية» والإطار النظرى للدواعش (ملحوظة: يستخدم لفظ الدواعش للتعبير عن مختلف التنظيمات الإرهابية).
فى تفسير الآية 29 من سورة التوبة: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ َورَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) سوف تجد فيديو شهيراً يقول فيه «الشعراوى» الكلام نفسه، وربما بترويع أكبر للمسيحيين، وهو يتحدث عن موقف الإسلام من أهل الكتاب، فيقول مع تشكيك فى رسولهم ليُصبحوا مشركين ويقتلوا: (إما الإسلام أو الجزية، حتى يعطوا الجزية عن يد من المعطين للجزية، فلا يجلس مواطن من أهل الكتاب فى مكانه ويرسل «الجزية» برسول).. ويضيف «الشعراوى» (لا بد أن يذهب ماشياً ويسلم الجزية وهو واقف «وهم صاغرون».. فنحن نأخذها عن «قهر وعلو وسلطان» لأننا نأخذها مقابل ما أديناه لهم من نعم.. صاغرون أى يؤدونها أذلاء عن انكسار)!!.
لاحظ أن «الشعراوى» كان وزيراً للأوقاف فى عهد «السادات»، ويعرف جيداً معنى «حقوق المواطنة»، كما يعلم أن المسيحى يدفع ضرائبه مثل المسلم، وأنه يدافع عن الوطن ويختلط دمه بدم زميله المسلم على الجبهة.. فلا هو فى «حماية المسلم» ولا يحتاج منا «الأمان»!.
فجأة بعد استشهاد «حبشى»، والضربة الأمنية السريعة وإعلان الداخلية عن مقتل 3 من أخطر العناصر الإرهابية فى سيناء، قبل تنفيذ عملية عدائية، فى إطار مطاردة المتورطين فى مقتل المواطن «نبيل حبشى».. ظهر غلام الأزهر «عبدالله رشدى» ليُحدّثنا ثانية عن مفهوم «أهل الذمة» وتاريخ «إذعانهم لدفع الجزية».. ويقول إن كلمة «الذمى» أو «عقد الذمة» ليست سُبة ولا عيباً، بل هى ترسيخ إسلامى لقيمة المواطنة التى عرفها الإسلام ورسّخها منذ الوهلة الأولى فى المجتمع المدنى فى المدينة المنورة التى كان يحكمها رسول الله!!.
هل عرفت الآن لماذا تتواصل حلقات الإرهاب، مع اختلاف المسميات، هل عرفت سبب الكراهية والعمليات العدائية التى تستهدف المواطنين الأقباط وممتلكاتهم ودور عبادتهم ومواقع القوات المسلحة والشرطة.. إنها «التراث الدينى» الملغم بفتاوى القتل.. إنه التراخى مع صبى الأزهر «رشدى» وتركه يُسمّم مناخ التعايش السلمى والمحبة بين المصريين بسخافاته التى يتصور أنها عبقرية.
سلام على روح «نبيل حبشى» الذى حرّض على قتله «الشعراوى»، ونفّذ عملية إعدامه الدواعش، وتولى «رشدى» تدشين زفة انتصار الدواعش التى بدّدتها الشرطة.. لا يزال لنا «ثأر» سوف يأتى اليوم ونناله.
نقلا عن الوطن