هاني صبري- المحامي
اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن رسمياً في 24 أبريل 2021، في ذكري إحياء مذبحة الأرمن علي يد الأتراك على أنها إبادة جماعية للأرمن ، وجاء هذا الاعتراف بعد 106 عام ليكون أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل 1,5 مليون أرمني على يد الدولة العثمانية عام 1915 بأنه إبادة.
وُتعرف الإبادة الجماعية وفق اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻨﻊ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ عام 1948 بأنها "التدمير المقصود الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية". وتظل الجريمة قائمة مع مرور الزمن لأنها جريمة دولية وضد الإنسانية.
وهو تصنيف تجنبه الرؤساء الأمريكيون لفترة طويلة خوفا من الإضرار بالعلاقة الأمريكية التركية.
وكان موقف الولايات المتحدة الرسمي في السابق هو وصف ما حدث بـ "أعمال فظيعة"، للحفاظ على العلاقات مع تركيا، الدولة العضو في حلف "الناتو".
وهذا القرار يحسب للرئيس جو بايدن . وكان لدىه ما يدعو شخصيا إلى الاعتراف بالمذابح ضد الأرمن، إذ إنه قدم عام 1987، عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ مشروع قانون بشأن تعريف الإبادة الجماعية. ويعتبر القرار انتصاراً لحقوق الإنسان ، وتكريما للضحايا، وتتويج لكفاح الأرمن للاعتراف بحقوقهم الثابتة.
وبذلك ستكون الولايات المتحدة الإمريكية الدولة رقم 30، التي تعترف بالمذابح التي تعرّض لها الأرمن على أيدي الأتراك العثمانيين. ويعني هذا الإعلان المساواة بين ما ارتكبه العثمانيون مع ما وقعت من إبادة جماعية في رواندا عام 1994 ، وما حدث على أيدي النازيين في الحرب العالمية الثانية.
وترفض تركيا بوصفها وريثة الدولة العثمانية اعتبار المجازر التي تعرّض لها الأرمن أنها إبادة جماعية ، وتزعم علي خلاف الحقيقة أنها كانت حرب أهلية تزامنت مع مجاعة مما أدي لمقتل نصف مليون من الأرمن. ووصل الأمر حد محاكمة الأشخاص الذين يستعملون مصطلح " الأبادة الجماعية" في تركيا.
نري أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية في تركيا وحاجتها إلى أمريكيا، ومشاكل تركيا الداخلية وأزماتها في الشرق الأوسط وشرق المتوسط تجعل الخيارات أمام أردوغان وإدارته محدودة مما تجعله يقبل بالأمر، مع قيامه هو وجماعته بحملات من الشجب الإدانة والشعبوية لكسب التأييد من مؤيديه الأتراك.
في تقديري اعتراف الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالإبادة الجماعية بحق الأرمن، يمثل قرارا تاريخياً مهماً، ينسجم مع توجه عالمي للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وستعترف معظم دول العالم بحق الأرمن ، كما يجب فرض عقوبات اقتصادية علي تركيا لصالح الأرمن.
أن هذا القرار له تداعيات خطيرة وربما يكون بداية النهاية لحكم الرئيس أردوغان الّذي لن يبقي طويلاً في السلطة، ناهيك عن تدهور الأوضاع المعيشية وازدياد معدلات البطالة والتضخم وانخفاض العملة لمستويات غير مسبوقة، التي قد تعصف به ، وإن غداً لناظره قريب.