بقلم المهندس باسل قس نصر الله، مستشار مفتي سورية
يدور الكلام اليوم حول الإنتخابات الرئاسية السورية، فواحدٌ يحلِّل، وآخر يناقش، وثالث يُخطط، ورابع يُفلسِف، ولولا أن "دونالد ترامب" محظور من برنامج "تويتر" لرأيناه يُغرِّد، لكن الجميع يتكلمون باسم الشعب، فالشعب برأيهم "يرفض، ويقبل، ويندد، وغير ذلك من التحليلات"، وهذا الشعب السوري "يطوِّل باله عليهم" عندما يَراهم يتكلمون بإسمه ويقوِّلونه ما لم يقله.
بداية أُحب أن أوضح بأنني لا أنتمي إلى أي حزب سياسي أو كتلة وحتى لا أنتمي إلى وظيفة في الدولة.
إن سورية لم تصمد أكثر من عشر سنوات في هذه الحرب المجنونة عليها، إلّا لأنها كانت "جاهزة" ومستعدة لكل الطروحات المستقبلية، وأعتقد أن الانتخابات الرئاسية هي إحداها.
ولقد قررت المادة الأولى من قرار الأمم المتحدة رقم "2254" المأخوذ بالإجماع والصادر في 18 كانون الأول 2015 "ويُشدد على أن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سورية". لذلك فإن الإجابة على "من سيفوز في هذه الإنتخابات؟" فهو ما يقرره الشعب السوري، إنْ في المناطق التي تُسيطر عليها الحكومة السورية، أو في المهاجر.
وأنا برأي أن حظوظ الرئيس السوري "بشار الأسد" قوية مهما كانت الآراء المخالفة، لأنه – باعتقادي – هو "احتياج الأمة" حالياً، وسنكون بعيدين جداً عن الواقعية إنْ كان هناك من يعتقد غير ذلك لأن الرئيس السوري يملك عدّة أوراق قوية ومن أهمها – برأي – هو أنه ميزان توازن بالنسبة للكثير من فسيفساء المجتمع السوري.
أعود بقراءاتي إلى انتخاب الرئيس الأميركي "فرانكلين روزفلت" الذي انتُخب أربع مرات، بعكس "العرف" الذي يقول بأن الرئيس هو لولايتين فقط، لكنه برز كشخصية مركزية خلال الحرب العالمية الثانية، جعلت الشعب الأميركي يعيد انتخابه لقناعته بأنه ضرورة، حتى مات بعد 83 يوماً من بداية الولاية الرابعة، وبرأي الكثير – إيجاباً أم سلباً - أن الرئيس السوري اليوم وأكثر مما مضى، هو شخصية مركزية.
وعندما نتكلم عن نِسَب المشاركة في الانتخابات، فإنها تتَحدَّدْ بكثيرٍ من المعطيات، فلا يجب أن ننسى أن غالبية السفارات السورية في أوروبا والولايات المتحدة مغلقة، كما أن هناك تخوف حقيقي من السوريين الموالين للرئيس الأسد بِأن شرطة بعض الدول الأجنبية لن تتدخل في أية مشاحنات تجري بين الموالين والمعارضة بإدعائهم أن ذلك هو شأن سوري، إضافة على التضييق للوصول الى مراكز الإنتخاب بسبب جائحة كورونا أو بسبب القرارات السياسية، لذلك نَقل لي بَعض القاطنين خارج سورية الرغبة بأن تتم الإنتخابات الكترونياً.
وحتى لا يُقال أني لم أذكر المهجّرين، فأنا واثقٌ أن أصواتهم ستُعبِّر عن الرؤى السياسية للدول المستقبلة لهم، والتي ستستخدمهم كورقة بيدها، ولكن لا يجب أن ننسى أيضاً الطوابير الطويلة في بيروت التي دعمت الإنتخاب الرئاسي الماضي في ٢٠١٤.
أما من الداخل السوري فلا أعتقد أن هناك مشكلة في الإنتخاب، ومِن المؤكد أن أية كتلة سياسية ستَحشد طاقاتها البشرية للإنتخاب، والكتلة "البعثية" كتلة مؤثرة – مهما اختلفت الآراء - إضافة لوجود كتل سياسية لأحزابٍ أخرى مهما كانت أرقامها.
في إحدى القنوات التلفزيونية الغربية، سُئلتُ "كيف ترى مستقبل سورية"، فأجبتُ: "عندما تتَّفقُ الدول العظمى .. نَتَّفق"، وأنا أرى أن الحل السوري أصبح مرتبطاً بصراع دول ومصالحها المتعددة، ولأنني محكوم بالأمل، يمكنني القول تماماً بأن سورية ستنهض من جديد.
اللهم اشهد اني بلغت