ارنست وليم
دون ان نجامل انفسنا بما ليس فينا - فلنبحث في التاريخ بموضوعية ونمتدح حقا ما كنا عليه فعلا ونسيناه - واهم هذه الاشياء التي عرفناها في مصر القديمة وتتأكد اكثر واكثر مع كل كشف وبحث جديد هي ان الدين للضمير وجزء من الحريات الشخصية ، وان العبودية والاستعباد هزيمة انسانية ، وانتقاص المرأة مهين للرجل ، مدمر للمجتمع ، وفيه نهاية كل قائم .
وكما كان الدين الذي اوجده الانسان في كل ثقافة بشكل يناسبه ، كان الدين في مصر القديمة عون له على المجهول ومحقق من خلاله قيمه الانسانية النابعة منه والتي تطورت طبيعيا لتصير بالحقيقة سامية جدا ... ولكنه للأسف صار الدين ، لأسباب معقدة لا مجال للحديث عنها ، عبئ على الانسان الذي اوجده من عدم لخدمته بعد ان تضخم وتداخل مع كل تفاصيل الحياة فصار غيب شؤم وسحر وشعوذة ، تميمة ودعاء ومكر على الآلهة والبشر لتحقيق غايات دنيئة ، ففقد المصري روحه وصار عبد لمن على يديه شُكل ولكنه نسي طريقة طبخه فكانت الهزيمة.
وصار الباب الان مفتوحا لسيطرة نماذج دينية ثقافية غريبة عليه ، فتخلى عن الباقي من انسانيته وهو الذي يؤمن بحرية الضمير ، فصار مُضطِهد لابن بلده المتمسك بما بقي من ديانات مصرية باسم المسيحية الاجنبية التي انتشرت بقرار امبراطوري وليس بالتبشير كما يقولون السذج من اهل التبشير – الجهلة بالتاريخ . او الاسلام العربي الاجنبي ايضا والذي غزى وسبى وأذل فصرنا اليوم نفخر به وكأن في تدمير هويتنا والتنازل عن جذورنا نصر مبين لنا – نحن ابناء المذلة وموضوع الكسرة والمهانة – والمزيفين للتاريخ نلبس جلد عدونا فنقتل ابانا الذي عاش على هذه الارض ولم يكن ابدا نكرة.
كل المحاولات الجادة لمعرفة التاريخ بأكبر قدر من الموضوعية اعتقد انه جزء اصيل من علاجنا النفسي والمجتمعي ، والأساس الصلب لقيام حضارة انسانية متصالحة واعية لا تنزلق إلى الفخر الزائف وتصفية حسابات مع جدي أو جده " المتوهم " و "المرحوم" قاتل كان أم مقتول .
وبين الشعور بالاعتزاز بالمنجز الحضاري لكل حضارة ، والفخر والمفاخرة - شعرة . وبين الواقعية والتجرد ، والبرود وانعدام التعاطف - ما دون الشعرة . فكيف نسير بلا سقوط في شوفينية متعالية لتعويض نقص بواقع الحال ، او تحطيم حلم جميل لعقل بسيط دون ان يشعر بانه ريشة في مهب الريح او اخف ، يحتاج لبديل وإلا سلبوه ماضية لأصل اجنبي عنه ؟ سؤال عويص .