هاني لبيب
«مكرم محمد أحمد» واحد من أشهر الأسماء الصحفية، تاريخه المهنى يضرب بجذوره فى أرض المؤسسات العريقة وإصداراتها، بداية من عمله بجريدتى الأخبار والأهرام، مرورًا ببيته دار الهلال، وصولًا إلى توليه منصبى نقيب الصحفيين المصريين، والأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب، فضلًا عن توليه رئاسة المجلس الأعلى للإعلام.
سنوات من العمل والخبرة جعلت من مكرم محمد أحمد شخصية مهنية ومحنكة بالدرجة الأولى، سواء على المستوى الصحفى أو المستوى السياسى، حاد فى مواقفه، وصلب فى صراعاته، يمتلك قدرة دبلوماسية فى التعبير عن آرائه ومواقفه مهما كانت، ولذا قد تختلف معه لكن لا يكون بوسعك سوى احترامه وتقديره، كما كان شخصًا خفيف الظل، وليس ذلك المسؤول الصارم كما بدا دائمًا فى الصور الرسمية.
تاريخ مكرم محمد أحمد حافل بالأحداث والمواقف المهمة، التى ترسم ملامح شخصيته، وأذكر منها على سبيل المثال قيامه بنشر بنود اتفاقية كامب ديفيد قبل إعلانها. ومن المفارقات أن الرئيس الراحل أنور السادات قد غضب من نشرها، وظل مكرم محمد أحمد محتفظًا بالسر، إلى أن أعلنه بعد مرور 40 سنة على تلك الواقعة، وكان بطل تسريبها هو د. أسامة الباز، الذى كلفه الرئيس السادات بالتحقيق مع «مكرم» لمعرفة مَن سربها له حينذاك.
وأذكر أيضًا تعرض مكرم محمد أحمد لمحاولة اغتيال سنة 1987 بإطلاق النار على سيارته بالقرب من ميدان التحرير بسبب مواقفه الصلبة من الإرهاب والتطرف وجماعات الإسلام السياسى.
ورغم ما سبق، فقد أُتيحت لمكرم محمد أحمد فرصة الحوار مع قادة التطرف والإرهاب خلال فترتى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، وحاور قيادة الجماعة الإسلامية فى سجن العقرب بناء على مبادرة وقف العنف التى أعلنتها الجماعة الإسلامية فى شهر مارس 1997. وكان له دور بارز فى تسجيل اعتراف قيادات الجماعات التكفيرية بأخطائها الفقهية، ومراجعة قناعاتهم الفكرية، فبسببها تم استقطاب شباب مُغيَّبين باسم الدين، وسالت دماء أبرياء. وهذه المبادرة وتلك المحاورات أسفرت عن صدور 4 كتب مهمة تحت عنوان رئيسى، هو «تصحيح المفاهيم»، مع عناوين فرعية شارحة مثل: «مبادرة وقف العنف.. رؤية واقعية.. ونظرة شرعية»، و«حرمة الغلو فى الدين.. وتكفير المسلمين»، و«تسليط الأضواء على ما وقع فى الجهاد من أخطاء»، و«النصح والتبيين فى تصحيح مفاهيم المحتسبين». وقد أصدر مكرم محمد أحمد خلاصة هذه التجربة فى كتابه القيم «مؤامرة أم مراجعة؟.. حوار مع قادة التطرف فى سجن العقرب»، الذى صدرت طبعته الأولى عن دار الشروق 2002.
يُذكر أيضًا للأستاذ مكرم محمد أحمد موقفه الواضح والمعلن من اختطاف مصر، وعدم موالاة جماعة الإخوان فى حكمها، ومساندته ثورة 30 يونيو العظيمة.
نقطة ومن أول السطر..
سيذكر تاريخ الصحافة فى مصر مكرم محمد أحمد بأنه من الرواد، الذين يندر أن تنجب الصحافة مثلهم، فهو حقًا علامة مميزة فى تاريخ الصحافة، محترف ومتابع جيد للأخبار والأحداث العالمية. يختلف مع زملائه، ولكن لا يتركهم فى أزماتهم ومشكلاتهم، وظل وفيًا لزملاء المهنة رغم كل المناصب التى تقلدها، وتعامل كنقابى على مدار سنوات طويلة، سواء كان داخل النقابة أو خارجها.
نقلا عن المصري اليوم