سحر الجعارة
خلف الرئيس «عبدالفتاح السيسى» يصطف 100 مليون جندى: الفلاح الذى يرتبط مصيره بالمياه، الأم التى تُرضع وليدها من نهر النيل، الطلبة فى المدارس الذين يقدمون «تحية العلَم» ويدرسون معنى «الأمن القومى» والأمن المائى.. الخرّيج الجامعى الذى وضع مستقبله فى عدة فدادين يستصلحها فى الصحراء، والمستثمر الذى وضع رأسماله فى مشروعات تنموية لزيادة الرقعة السكانية «الخضراء».
خلف «القائد الأعلى للقوات المسلحة» سنوات من تنويع مصادر السلاح، وتدريبات شاقة لقواتنا المسلحة، مناورات فى البر والبحر والجو.. وفى قلبه «أبناء» استُشهدوا فى الحرب على الإرهاب، وفى رقبته أسر مصرية تطالبه بحماية «الوطن» وصون كرامته وأمنه.. وفى عقله خطط كثيرة «سلمية وتنموية» هذه هى معركته الحقيقية، ولديه أيضاً خطط عسكرية «لحرب الضرورة» إذا فرضت نفسها.. فهذا واجبه.
الشعب المصرى الجبار لم يراهن على «السيسى» من فراغ، لقد اختبره فى أصعب معركة لتحرير الوطن من «مؤامرة اغتصاب الإخوان للحكم»، اختبر صبره على كل أطراف المؤامرة وسقوطهم تباعاً.. هذا الشعب قدره أن يحارب، أن يقف على جبهة القتال دائماً.. حتى لا تنحنى مصر.
(«وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل»، مفهومها عندى مختلف شوية، مش القوة العسكرية بس، لكنها قوة تنموية وفكرية وثقافية ومعنوية).. جملة قالها الرئيس بثبات وثقة وهو يؤكد أنه لم يستنفد فرص الحلول السلمية بعد، رغم التعنت الإثيوبى وفشل التوصل إلى صيغة توافقية حول مفاوضات سد النهضة فى كنشاسا.
ثم حذر الرئيس الجانب الإثيوبى بود «الأشقاء»: «بلاش تمس نقطة مياه من مصر لأن كل الخيارات مفتوحة».. إنها رسالة واضحة وحاسمة، تابع الرئيس تأكيداً لنفس الرسالة: «انتم متابعين التطورات ورد فعل أشقائنا وتعنتهم وفرض أمر واقع»، مضيفاً: «يا جماعة لازم نكون بنتعلم من التحديات والمشاكل اللى احنا على الأقل عاصرناها وشُفنا حجم التكلفة اللى بتترتب على أى مواجهة».
ثم قال الرئيس محذراً: «هو أنتم ماشفتوش مواجهة زى 1962 و1967عملت إيه وتكلفتها إيه، ماشفتوش مواجهة زى اللى حصلت من أشقائنا فى العراق عملت إيه وغيره وغيره؟؟».
واستكمل «السيسى»: «بالتالى التعاون والاتفاق أفضل كتير، ونحن فى حالة تنسيق مع أشقائنا فى السودان على الإجراءات، ونؤكد للعالم عدالة قضيتنا فى إطار القانون الدولى».
إذاً مصر تحذر وتنذر، وتوضح مخاطر وكلفة «الخيار العسكرى».. فلا تزال أوراق الضغط فى أيدينا، وإثيوبيا لم تكشف أوراقها التى تتوافر كل المعلومات عنها لدى الأجهزة المصرية.. وتعلم إثيوبيا جيداً أن اللجوء لمجلس الأمن قد لا يحسم القضية بقرار ملزم لإثيوبيا بوقف عملية بناء السد لحين التوصل لاتفاق ملزم وعادل بين الأطراف الثلاثة، لذلك فهى تراوغ وتستهلك الوقت أملاً فى الوصول للملء الثانى للسد الإثيوبى الملعون.. وفى تصريح «غير مسئول» قال وزير المياه والرى الإثيوبى «سيلشى بيكيلى» إنه لا يعتقد أن هناك من يحاول الإضرار بسد النهضة، وأكد أنه «إذا كان هناك من يفكر فى ذلك فهذا جنون».. لأنه لم يختبر بعد عاصفة الغضب التى قد تصيبه بالجنون!
الآن على المجتمع الدولى الاضطلاع بمسئوليته فى حفظ السلم والأمن على المستوى الإقليمى والدولى.. لكن هذا لن يمنع مصر والسودان من اتخاذ إجراءاتهما للدفاع عن حقوقهما المائية: «كل الخيارات مفتوحة»!.
نقلا عن الوطن