بقلم: نبيل المقدس
"ماينفعش تكوين إتحادات مسيحية .. من الباب للطاق , و ما ينفعش إقامة أحزاب مسيحية .. من لا شيء , وما نقدرش ننهض بمجموعات إخوانجية مسيحية .. لمجرد الندية .
نحن فعلا في اشد الإحتياج إلي تكوين جمعيات قبطية مؤثرة و إتحادات قبطية فعالة و مجموعة إخوانجية مسيحية تخدم الوطن وليست الجماعة .. إلاّ أننا لا نتمكن من تحقيقها إلاّ في حالة وجود أولا الكيـــان المسيحى المصرى .. هذا الكيان يمثل القوة الفعالة لردود افعال الأحداث التي تقع علي مسيحيى مصــر . هذا الكيــان هو عبارة عن الساتر الحديدي الذي يتصدر لأي هجمة شرسة تنال ابناء اقبــاط مصــر بضرر . الكيـــان المسيحي المصرى هو الشخصية الإعتبارية التي تحمل السمات الخصوصية القومية والوطنية للمسيحيين في مصــر ليصبحوا لهم خطوط حمـــراء تحذر الآخرين والمسئولين من إجتيازها . الكيــان المسيحى المصرى هو حال لسان كل قبطي مسيحي في التعبير عما يدور في فكره الخاص من جهة مصالح وطنه بعيدا عن فكره الديني . وفي نفس الوقت الكيــان المسيحي المصرى هو جزء لا يتجزأ من نسيج مصــر , ولا ينفصل بتاتا عن اخيه المسلم أو الكيانات الأخري المختلفة دينية .. بل يتحد معهم في المواطنة ويشاركهم العمل من أجل خير وتقدم مصــر..!
الكثير من الناس يميلون و يحبذون أن لا نشدد علي ذكر الهوية المصرية المسيحية في حياتنا السياسية .. فهم يبررون ذلك أنه لا يصح الفصل بين المسيحي والمسلم , وبناء عليه فلا داعي التشديد والتأكيد عليه , لأن هذا الكيان سوف يكون مصدرا للفتنة وصراعا بين طوائف الوطن الواحد . انا لم اقصد في هذا المقال و جميع ماكتبته في مقالاتي السابقة حول الكيــان المسيحي أن هدف إقامتة هو التفرقة ... أو تقسيم الهوية المصرية إلي هوية مسيحية و هوية مسلمة .. كل ما أردتُ توضيحه أنه "طالما أن نوع الديانة ما يزال يحتل خانة مخصوصة في البطاقات الهوية " , هذا يعني أن هناك علي أرض الواقع كيــانات متعددة طبقا لنوعية الديانة" , فمنها كأمثلة : الكيــان المسيحي المصرى نسبة لذكر نوع الديانة في خانة بطاقة الهوية وهكذا بالمثل نجدها في الكيــان الإسلامي والكيــان أبو شرطة ( البهائية ).... إلخ . كما ان وجود هذه الكيانات لا تُعتبر سبة أو جرسة لذويها ولا حتي لبلدنــا مصر . الهوية الدينية موجودة أصلا في الدستور القديم وايضا في الدستور الذي يتم تجهيزه الآن والمعروف بإسم اول دستور ما بعد ثورة 25 يناير والذي كنا نأمل كمسيحيين أن لا نجد فيه مرة أخري أي ذكر للبند الثاني من الباب الأول .. والتي تنص علي " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع وتسرى بالنسبة لغير المسلمين أحكام شرائعهم فيما يتعلق بممارسة شعائرهم الدينية السماوية وتنظيم أحوالهم الشخصية واختيار قيادتهم الروحية. "
بهذا النص الدستوري نجد أنفسنا مجبورين أن نقيم كيــان مسيحيى مصرى .. كان أملنا أن نعيش حياة عدم التمييز بعد ما يُقال عنها ثورة 25 يناير .. لكن لم تأتي الرياح بما نشتيه .. ظلت هذه المادة الثانية سيفا علي رقابنا .. فنحن معرضون لأي قانون لا يناسبنا أو قانون تمييزي يخرج من تحت عباءة " مباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع" .. ومهما تُوجد بنود أخري في الأبواب الأخرى للدستور التي تخص الحريات , فهي بدون ضمان كافي لغير المسلمين أمام القوانين التي تخرج من مباديء الشريعة الإسلامية .. وما حز في نفوسنا كمسيحيين أخذت الجماعة السلفية المشاركة في اللجنة الدستورية تتلاعب بمشاعرنا في إدخال بعض التعديلات التي ربما تدمر العلاقات بين طوائف الشعب .. لذلك فإن وجود الكيــان المسيحى المصري هو واجب , وخصوصا أن هذا الكيــان بدون قيادة أو مجلس قيادة أو سكرتارية أو حتي أعضاء .. هذا الكيــان هو عبارة عن مفاهيم وطنية بحتة يكتسبها الشخص المسيحى المصرى توافق وتناسب عقيدته ولا تتعارض معها وفي نفس الوقت تتفق تماما مع هويته المصرية الأصيلة , وتكون مطابقة مع كل الكيانات الأخرى غير المسيحية في التطبيق الوطني لأن ما يربطه مع الآخرين هو تاريخ وحضارة هذا الوطن .. نحن لا نقبل أن ينتقص جزء من تاريخ مصــر باي حال من الأحوال .. لأن هذا التاريخ مر فيه ذو الهوية المسلمة المصرية وذو الهوية المسيحية المصرية معــا .
الكيان المسيحى المصرى يعمل علي توعية الشعب القبطي وتدريبه علي التمسك بالبلد مهما واجه من ذل وتعب وإضطهاد .. أنا لست ضد قيام إتحادات قبطية أو جمعيات قبطية أو مجموعات إخوانجية مسيحية .. بل انا افتخر بكل هذه الهيئات وأشجعها ولا أقف ضدها بأي كلمات تثبيط .. كل ما أفكر فيه هو أن أقيم وعي سياسي في مسيحي مصر .. هذا الوعي يتركز في الإنتماء لمصــر .. والدليل علي ذلك ... جاءني منذ سنتين إلي محل عملي " حامل القمامة " وهو شاب يتراوح عمره من 25 سنة إلي 27 سنة , لا يقرأ ولا يكتب .. متزوج وله إبنة علي ما أعتقد , يسألني عن طريقة تساعده إلي ترك البلد والسفر إلي امريكا .. تعجبت جدا بالرغم ان هذه المهنة توارثها أبا عن جد .. لكن لديه شعور داخلي أنه غريب عن مصــر , وكأنه يريد أن يعود إلي وطنه أمريكا . هو يعيش في قلق دائم .. لا يشعر بأنه ينتمي إلي شخصية من نوعية هويته يسند عليه رأسه .. قلت له : أنتم يا أهل منشية ناصر لديكم أكبر صرح تستطيع أن تركن عليه جسدك لتستقي الراحة الروحية أولا ثم الحياتية وهي كنيسة سمعان الشهيرة .. أجابني قائلا : كل شباب الكنيسة عايزة تهاجر .. وكثير منهم هاجروا .....!!!!
تقابلت مع صديق لحفيدي من ذوي المجاميع العالية والثقافة الواسعة .. وقد إنصدمتُ عندما قال لي أنه ذاهب إلي إمريكا أيضا ليدرس هناك الهندسة الإلكترونية طرف خالته التي هاجرت إليها منذ زمن بعيد .. وبالرغم أن أمامه فرصة تُعتبر غير مكلفة أن يدخل جامعة القاهرة , إلاّ أنه وبسبب ضعف إيمانه وإنتمائه لهويته المصرية المسيحية فضل أن يدرس في أمريكا كأول خطوة للإستقرار فيهـــا ...!
متي نشعـــر أننا نمتلك كيـــان خاص بنا , لكي نستطيع ونحن من مركز القوة لا من موقف كوننا أقلية , ان نتوحد مع الكيانات الأخري مهما كانت أكثرية , في عمل واحد علي اساس الموطنــة ....!!!!؟؟
متي يكون لدينا كيان عظيم يستطيع أن يفرز من داخله جمعيات وإتحادات ومجموعات إخوانجية قوية ومؤثرة ومن ذوات النفس الطويل .. حيث أن هذا الكيــان سيصبح بمثابة الأرضية الصلبة والخلفية العميقة التي تعمل عليها وبها هذه المجموعات المصرية ذات الهوية المسيحية ...!!!؟؟؟؟
أخيرا متي يأتي اليوم وأن يصبح لمسيحيى مصــر صوتا من خلال كيـــان قوي يستطيع أن يقـــول لأ ...!!!!؟؟
لكِ السلامـــة يا مصــــر ....!!!!