الأقباط متحدون - الأقباط والجمهوريات الإسلامية
أخر تحديث ٠٤:٢٧ | الأحد ٥ اغسطس ٢٠١٢ | ٢٩ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٤٣ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأقباط والجمهوريات الإسلامية

بقلم- لطيف شاكر
في ضوء تولي د. "محمد مرسي" رئاسة "مصر" وتكليفه للدكتور "هشام قنديل" بتشكيل حكومة من 35 وزيرًا، السمة الغالبة لها أنها إسلامية الفكر ودينية الهوى, وفي تحدٍ سافر، أسقط نصيب أو كوتة الوزراء الأقباط من التشكيل الوزاري، واكتفوا بتعيين امراة واحدة لا حول لها ولا قوة, وللأسف لم ترفض المنصب وتقدم استقالتها كرامةً للأقباط, أسوة بالمناضل الفارس "منير فخري عبد النور"، الذي استطاع في فترة وجيزة ورغم الظروف الحالكة بالوطن أن يشد من أزر السياحة، ويبعث فيها نبضات الحياة بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة, إلا أن السيدة "زخاري"، فضلًا عن أنها وزيرة دولة وهي وزارة خدمية ليس لها تواجد حقيقي واسم ليس على مسمى فلا يوجد أبحاث ولا يحزنون ولم تقدم اختراعات أو ابتكارات أو مساهمات للإنسانية، إلا أن سيادتها قبلت المركز في خزي وعار، تملقًا للإسلاميين، وفوزًا بالوظيفة الخائبة.

ولم تستح من هذا الموقف المهين والمخزي للأقباط في شخصها الواهن الضعيف، وأصبح الأقباط لا يستحقون تمثيلهم إلا بامراة عديمة الجدوى، وليكن هذا تقليدًا إسلاميًا للحكومات المتعاقبة لا قدر لها لو استمر الحكم الإسلامي في البلاد.

لقد عمد رؤساء الجمهوريات السابقون بتأسيس تقليد معين للأقباط بتولي وزير واحد أو اثنين في التشكيل الوزاري، على أن تكون في أغلب الأوقات وزارات خدمية، باستثناء القلة منهم، وكأنها ذرة في عيون الأقباط وكواجهة مدنية أمام العالم, ومن أجل تمثيل شكلي للأقباط في المجالس التنفيذية والتشريعية، وهذا الإرث بدأ منذ الانقلاب العسكري الذي كان نكسة على البلاد ووكسة على الوطن.

لكن، لو تصفحنا ورقات التاريخ المصري الحديث، سنجد اختلافًا واضحًا لهذا التقليد، ولناخذ من التاريخ درسًا مفيدًا لو قرأناه ليكون بمثابة عبرة ونبراسًا نهتدي به, لكن للأسف نحن لا نقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم، وإذا فهمنا لا نعمل كما يقول المثل "اضرب في المتبلم يصبح ناسي".

بتاريخ 28 يناير 1924 كلف الملك "فؤاد" الزعيم "سعد زغلول" بتشكيل الوزارة، وقدم الأخير في خطاب قبوله تكليف الوزارة برنامج الحكومة وأسماء الذين اختارهم من الوزراء، وكان بينهم قبطيان لأول مرة من تشكيل الوزارة، وهما: "مرقص حنا بك" لوزارة الأشغال العمومية، و"واصف بطرس غالي أفندي" لوزارة الخارجية.

فقال الملك لـ"سعد زعلول" عند اعتماده لأعضاء الوزارة: توجد غلطة فيما قدمته أن الوزراء عشرة بينهم وزيران قبطيان, مع أن التقاليد المتبعة أن يكون في الوزارة قبطي واحد مقابل تسعة وزراء مسلمين.
فأجابه الزعيم قائلًا:
"هذه ليست وزارة تقاليد وإنما هي وزارة ثورة، وعندما كان الإنجليز يطلقون الرصاص على الشعب لم يلاحظوا نسبة واحد على عشرة بين الأقباط والمسلمين, وعندما نفونا إلى "سيشيل" لم يراعوا النسبة أيضًا، فكنا أربعة مسلمين واثنين أقباط, وعندما حكم الإنجليز على أعضاء الوفد بالإعدام لم يراعوا النسبة كذلك، فكانوا ثلاثة من المسلمين وأربعة من الأقباط.. فكيف نراعي نحن الآن هذه النسبة؟!"

فهز الملك "فؤاد" رأسه بالموافقة مضطرًا أمام هذه الحقائق، إلا أنه عاد وقال:
"إن في الوزارة اثنين من الأفندية (لم يحملوا البكوية أو الباشوية) هما واصف غالي وزير الخارجية ومحمد نجيب الغرابلي وزير الحقانية، ولم تجر التقاليد على أن يصبح الأفندية وزراء، ولهذا فإنني أرى أن أنعم عليهما برتبة البشوية ويصدر المرسوم بأسماء الوزراء جميعًا باشوات."

فقال "سعد": "هذا فضل عظيم، ولكنني أريد أن يصدر المرسوم وفيه أفندية وأقباط يتولون الوزارة، وبعد أن يصدر المرسوم يمكن لجلالتكم أن تنعموا عليهما برتبة الباشوية."

واستقبلت الأمة المصرية وزارة "سعد زغلول" بالغبطة والابتهاج، وأسمتها "الوزارة الشعبية".

وفي وزارة "عبد الخالق ثروت باشا" الثانية، وكان عدد الوزراء تسعة تم تعيين "مرقس حنا باشا" وزيرًا للخارجية.
وفي وزارة "النحاس باشا" كان "واصف غالي" وزيرًا للخارجية، واُختير "ويصا واصف" رئيسًا لمجلس النواب.
وفي وزارة "عبد الفتاح يحيي" عُين "صليب سامي" وزيرًا للخارجية، وتقلد هذا الوزير المناصب التالية في عدة وزارات:
1933 وزير الخارجية.
1934 تقلد "صليب سامي" وزارة الحربية والبحرية.
وعُين بجانب جميع مناصبه السياسية وبأمر الملك "فؤاد" عام 1928 عضوًا بمجلس الجامعة المصرية.
1940 وزيرًا للتموين، وهو الذي وضع نظام الكيروسين بالبطاقات بسبب ظروف الحرب،  وبعدها عمم هذا النظام في توزيع السكر والزيت والشاي (لكل الشعب وليس رشوة لشراء الأصوات).
1941 تعين "صليب سامي" وزيرًا للتجارة والصناعة، ومنحه الملك "فاروق" الباشوية.
1942 تعين "صليب سامي" وزيرًا للخارجية.
1946 تولي وزارة التجارة والصناعة والتموين.
ثم وزيرًا للمواصلات، ووزيرًا للتجارة والصناعة، ثم وزيرًا للزراعة في وزارات متعاقبة.

كثير من الأقباط تولوا وزارات سيادية، وكان عدد الوزراء تسعة أو عشرة، وكان نصيب الأقباط واحد أو اثنين.

ما ذكرته غيض من فيض، فمن يتصفح تاريخ الزمن الجميل يجده مشرفًا وجميلًا.. لكن ماذا سيذكر التاريخ عن مملكة الإخوان وجمهورية "العياط" ووزارة "الغزاوي" إلا تعيين امرأة  قبطية ضعيفة في وزارة عديمة الأثر من تشكيل يضم 35 وزيرًا إسلاميًا؟!!.

هل الأقباط في نظرتهم الضيقة المتعصبة مجرد أعباط لا يصلحون في تولي وظائف في مجلس المخابيل اللقاط ودولة إخوان "مرسي العياط" وحكومة "هشام  قنديل" الاحتياط؟.. فمثلهم لن يكون مصيره إلا الزوال والإسقاط.

اقرأوا التاريخ أنه مرآة الأمم، يعكس ماضيها، ويترجم حاضرها، وتستلهم من خلاله مستقبلها. هل لكم آذان للسمع وعيون للبصر وعقول للفهم؟.. لا أظن؛ لأن الكراهية والحقد ملأت قلوبهم السوداء, وسددت آذانهم الصماء، وغمضت عيونهم العمياء, ومحت عقولهم الأغبياء.. وبئس المصير يا مصر في حكمهم القصير..

من أقوال "سعد زغلول": "لولا وطنية الأقباط لتقبلوا دعوة الأجنبي لحمايتهم، وكانوا يفوزون بالجاه والمناصب بدل النفي والسجن والاعتقال, ولكنهم فضلوا أن يكونوا مصريين معذبين محرومين من المناصب والمصالح, ويُساقون للضرب ويذوقون الموت والظلم، على أن يكونوا محميين لأعدائهم وأعداء الوطن."


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter