بقلم : يوسف سيدهم
تشهد نقابة الصحفيين الجمعة القادم 2 أبريل انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة -علاوة علي منصب النقيب- والتي تجري كل سنتين, وكما هي العادة يزخر المشهد الانتخابي بحرارة المنافسة بين المرشحين وزخم البرامج الانتخابية سواء ما تسطره من إنجازات أو ما تبشر به من وعود… لكن المتابعين والمراقبين لهذه الدورة من الانتخابات لا يفوتهم أن حرارتها اختلفت بسبب الظروف التي تمر بها البلاد في ظل وباء كورونا والتي ألقت بظلالها علي المشهد برمته بدءا من الاستعدادات والترتيبات مرورا بالحملات الدعائية والتجمعات وصولا إلي يوم العرس الانتخابي… حتي أنه يستقيم أن نطلق عليها انتخابات بطعم كورونا… وهذه بعض الخواطر التي شغلت وأظل مشغولا بها في هذا الخصوص:
** بعد أن حسم القضاء محاولات إيقاف إجراء الانتخابات وقرر إجراءها في موعدها المحدد, شغل مجلس النقابة بمعضلة تأمين العملية الانتخابية إزاء مخاطر التجمعات وكيفية الالتزام بالتدابير الاحترازية -خاصة والجميع لا يغيب عنهم المشهد المألوف يوم الحشر الانتخابي حيث يعج السرادق المقام أمام مبني النقابة بجموع الصحفيين ويمتد التزاحم عبر البهو الرئيسي إلي كل أرجائها من سلالم ومصاعد ولجان انتخابية موزعة علي الأدوار… وحاول مجلس النقابة الحصول علي الموافقات الأمنية لإغلاق شارع عبدالخالق ثروت -الذي يطل عليه مبني النقابة -من بدايته عند شارع رمسيس وعبر امتداده حتي شارع طلعت حرب بهدف إقامة نحو خمسة سرادقات موزعة علي ذلك الامتداد يتم فيها تقسيم مجموعات الصحفيين وتحقيق التباعد الآمن بينهم, إلا أن هذا المسعي لم تتم الموافقة عليه ووجد مجلس النقابة نفسه مضطرا للسيطرة علي الانتخابات فتم الاتفاق علي إجرائها بمقر نقابة ونادي المعلمين بالجزيرة.
** هذا الأمر بالقطع سيكون له مردوده علي نسبة مشاركة الأسرة الصحفية في العملية الانتخابية, فبالرغم من كل الجهود التي تبذلها النقابة للحفاظ علي التباعد والالتزام بالتدابير الاحترازية ستظل هناك شكوك وهواجس إزاء المخاطر المحدقة بالتجمع الانتخابي مما قد يدفع الكثيرين إلي إيثار السلامة والإحجام عن المشاركة… وأنا أعرف أن الظروف الاضطرارية تملي اللجوء إلي حلول غير تقليدية مثل إجراء الانتخابات موزعة علي أيام متتالية عن طريق تقسيم الصحفيين إلي مجموعات تبعا لأرقام عضويتهم, ومثل إجراء الانتخابات بنظام الاقتراع الإلكتروني, أو غير ذلك من الأفكار التي تندرج تحت مسمي للضرورة أحكام, لكني أعرف أيضا أن التشريعات والأحكام التي تحكم العملية الانتخابية تحول دون مثل تلك المرونة.
** من تابع الحملات الانتخابية للزملاء المرشحين -ونحن في وطني كان لنا نصيب نعتز به من توافد الكثيرين منهم -سوف يسترعي انتباهه تمسكهم بالنمط الكلاسيكي المألوف للدعاية الانتخابية وهو مرور المرشح علي سائر دور الصحف للقاء أسر التحرير والتحاور معهم وعرض برنامجه الانتخابي مقسما إلي إنجازاته السابقة ووعوده اللاحقة وتكون في حوزته كميات من النشرات الانتخابية التي تضم كل ذلك يتولي توزيعها علي الكافة سواء تم الترتيب لاجتماعه بهم في قاعة أو اكتفي بالمرور عليهم في مكاتبهم… لكن أعود وأقول إن المرشحين الذين قدموا إلي وطني تم استقبالهم من جانب العدد المحدود جدا من الصحفيين الذين تصادف وجودهم وإبلاغهم بأن العمل الصحفي بسبب كورونا ومنذ نحو عام مضي تحول إلي العمل أون لاين وأن نشراتهم الدعائية سيتم وضعها علي الوسائط الرقمية لمجموعات زملاء العمل لتعريفهم بها وحتي يتدبروا أمرهم فيمن يعطونه صوتهم الانتخابي… وأعود وأقول إن ذلك السيناريو إنما يكشف قصور إدراك المرشحين لأدوات العمل الجديدة التي فرضها كورونا وانسياقهم وراء ذات الأدوات والآليات القديمة المعهودة.
** ولأني كانت لي أكثر من فرصة للقاء عدد من المرشحين الذين شرفت بهم في مكتبي في وطني أجدني أمام عدة ملاحظات ليست غير مسبوقة وأجدها متكررة وسبق أن كتبت بشأنها في مناسبات انتخابات سابقة, وها أنا أكرر التعرض لها بأمل الانتقال بالعملية الانتخابية إلي مستوي أكثر نضجا لخدمة مهنة الصحافة وأسرة الصحفيين.
أولا: مايزال النظام الانتخابي في النقابات المهنية يقصر الترشح علي النظام الفردي ولا يسمح بالقوائم أو بالمجموعات المتآلفة, وذلك يجعل كل مرشح منفردا يدعو لنفسه ويسجل إنجازاته ويبشر بوعوده, الأمر الذي لا يخلو من حشد قد يكون منسجما وقد يكون متعارضا بين سائر برامج وسياسات المرشحين… وذلك واقع يلقي بظلاله مرتين: مرة في اختيارات الناخبين أمام صندوق الانتخاب, ومرة في درجة التجانس التي يكون عليها مجلس النقابة بعد الانتخابات حيث لا يخلو الأمر من صراع الوعود المختلفة التي يسعي كل عضو فيه للوفاء بها لمن انتخبوه ويلقي بعلامات استفهام حول ما يمكن تحقيقه منها.
ثانيا: بما أن الأمر كذلك وفي محاولات حثيثة لاستمالة الناخبين يتلاحظ الانسياق الحاد نحو الاتجاه إلي كافة أنواع الخدمات والحوافز التي لا تتصل بالنهوض بمعايير ممارسة العمل الصحفي, وذلك من شأنه أن يخلق توجسا حول تراجع الأداء المهني أمام الأداء الخدمي للمجلس.
ثالثا: حتي الآن لم يستصدر أي من مجالس النقابة المتعاقبة قرارات تحد من انفلات تعليق اللافتات الدعائية للمرشحين علي واجهة وداخل جميع أرجاء مبني النقابة, علاوة علي شطط توزيع النشرات الدعائية علي جميع المترددين يوم الانتخاب والتي ينتهي الأمر بإلقائها علي الأرض لتفترش جميع الأرضيات والسلالم في مشهد مؤسف وتدوسها الأقدام وتخلف تلالا من القمامة في شكل غير حضاري.. فهل يتم الإقلاع عن هذا المسلك غير المنضبط, علي الأقل احتراما لنقابة المعلمين التي تستضيف انتخابات هذا العام؟