بقلم المهندس باسل قس نصر الله، مستشار مفتي سورية
أرسَلَ لي صَديقي "سامر عوض" كاتباً: هل مِن المَعقول ألّا تكتب عن "ميادة بسيليس" وهي ابنة مدينتكَ حلب؟
عزيزتي ميادة، ماذا أكتبِ لكِ؟
أنتِ التي كتبتِ بصوتكِ أجمل مما يكتبهُ صوت أوراقُ الشجر.
أنتِ التي مررتِ كالبرقِ في سماءِ أحلامِنا
وجعلتينا نَستنشقُ هواءَ رُقِييكِ.
ورفعتينا بصوتك لنكونَ ملائكةً لا بشرْ
نجحتِ في وقتِ الهبوط، وَرَفعتِ أغنيتكِ الى مرتبة الصلاة، ونجحتِ في جعلِ الكثير من الناس يُرددون مقاطع من أغانيكِ.
قد لا أكون مُقَرّباً كثيراً منكِ، ولكنّ تَرانيمُكِ جعلتني أكثر خشوعاً في الكنائس، وأغانيكِ جعلتني أرقى إحساساً بالناس الذين غَنّيتي مشاكلهم ببساطة، وأعطيتي أحاسيسكِ صِفةً، شَعَرَ بها كل شخصٍ وكأنها تُعبِّر عن حالاته.
كنتُ أتبنى – وما أزال – فكرةَ أن نجاح الأغنية هو مُحَصّلة ثلاثة عوامل: الكلمة واللحن والأداء. ولكني أعتذر منك لأنكِ لم تُغنّي أو تؤدِّي فقط، إنّما – كالقليل – كنتِ تُحلِّقين معَ الملائكة.
مِن "كذبك حلو" و "يا غالي" الى "يا طيوب" مررتِ بالكثير من روحنا وبَلسَمْتيها بغنائكِ.
لكنّ ما جعلني أقف حزيناً هو صوتكِ في شارة مسلسل "حارس القدس" الذي يتكلم عن حياة سيدنا "المطران ايلاريون كبوجي"، فكانَ صوتكِ الدافىء القوي يزيد من عمقِ هذا المسلسل.
لو سمعكِ "سيدنا ايلاريون" لبكى.
كانَ صوتكِ يعطي عنفواناً فوق عنفوان الشخصية.
كان صوتك في أغانيك، ببساطة كلماتها وعمقها، والحانها السماوية، نوعٌ آخر من مقاومتنا لمشاكل وآلام الحياة، لأنها تجعلنا اقل تعاسة.
آخر مرة التقينا فيها كانت منذ أقل من ثمانية أشهر، في عرس ابن حميك والذي هو ابن صديقي وكنّا نضحك ولكني شعرتُ بألمُكِ الداخلي.
هاجر الشاعر "سمير طحان" جسداً الى فرنسا.
وهاجرتِ يا "ميادة" روحاً
وبقي زوجكِ وملحِّن أغانيكِ "سمير" جسداً يَفقد جزءاً من روحه
إن أغنيتك "كذبك حلو" ما زالت تتسرب في روحي
أما أنتَ أيها الموت فحقيقتك مُرّة
وبين الكذبِ الحلو والحقيقة المُرّة فقدناكِ يا "ميادة" "يا طيوب"
اللهم اشهد اني بلغت