كتب – روماني صبري
على مدار سنوات ظل الخلاف بشان سد النهضة قائما، إلا انه هذه المرة يبدو متخذا منحنى أكثر حدة من ذي قبل، فعلى الجانب الإثيوبي تمسكا بموعد الملء الثاني، في تجاهل واضح للمخاوف المصرية والسودانية من هذه الخطوة، القاهرة من جهتها شددت على عدم السماح بحدوث أزمة مائية لشعبها، مجددة مطالباتها باتفاق قانوني ملزم وشامل يراعي مصالح الجميع، الخرطوم أيضا لفتت إلى خطورة الملء الثاني لسد النهضة، على ملايين السودانيين، لما لذلك من تأثير على عملية توليد الطاقة في السودان، وصرح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد أمام البرلمان، أن عملية الملء الثاني للسد ستجري في موعده عند موسم الأمطار في يوليو المقبل، إلى أين تتجه أزمة سد النهضة مع هذا التصعيد؟.
أديس أبابا تضر بمصر والسودان
لمناقشة هذا الملف، قال عمرو الشوبكي، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، الجانب الإثيوبي مستمر في توجيه أضرار لكل من مصر والسودان، وهذا الإصرار والتعنت الإثيوبي كان متوقعا، وحان الوقت كي تتحرك القاهرة والخرطوم على مستوى (الرباعية الدولية)، المقترح السوداني الذي دعمته مصر ورفضته إثيوبيا.
مضيفا عبر تقنية البث المرئي لفضائية (سكاي نيوز عربية)، حتى تنقل القضية بعد ذلك إلى مجلس الأمن ولمحكمة العدل الدولية، إذ لابد من مواجهة ودحض الفكرة الإثيوبية التي تجاهلت كل الأعراف والقواعد الدولية التي تنظم عمل الأنهار، فهناك عشرات الأنهار في العالم تنظم عملها في الدول التي تمر بها القوانين الدولية، فما بالنا بدولتي المصب!."
لافتا :"إثيوبيا تنطلق من فكرة السيادة على النهر، تتعامل مع نهر النيل على انه بحيرة ملكا لها، وهذا في الحقيقة خرق للقواعد المتعارف عليها في تنظيم الأنهار.
موضحا :" بسبب التسويف الإثيوبي، كان يجب منذ فترة الدخول في تدويل الأزمة، وإتباع السياسات الخشنة والذهاب الى مجلس الأمن، وطرح القضية بقوى في المحافل الدولية.
لافتا :" وكذا توضيح أن هناك 1.6 تريليون من مياه الأمطار ونصيب مصر والسودان 100 مليار متر مكعب يعني اقل من 10% بالتالي فكرة الاستحواذ الإثيوبي على 86% من هذه المياه هو يمثل ليس فقط ضرر جسيم وفادح للبدلين بل يمثل تهديد وجودي لشعب مصر والسودان وكذا تهديد للسلم والأمن في العالم لاسيما في قارة إفريقيا.
إثيوبيا تواصل مزاعمها
لماذا ترفض إثيوبيا الوساطة الرباعية، ما الذي يخيفها من دخول أطراف أخرى لحل الأزمة؟، ردا على هذا السؤال زعم نور الدين عبدا الو، الصحفي والباحث السياسي الإثيوبي قائلا :" هي ليست مسألة خوف من الوساطة الدولية ."
وواصل مزاعمه :" لكن إثيوبيا اعتادت على المراوغة من الجانب المصري في العمل لحرمانها من الاستفادة من مياه النيل وبناء مشاريع تنموية في المنطقة لذلك ترفض الوساطة الرباعية، ومصر لطالما لم تعمل عبر التاريخ مع إثيوبيا في إطار تنمية العلاقات، بل تسعى لكبح أي محاولات تنموية لـ أديس أبابا."
السد قتل سودانيين غرقا
صرح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ان بلاده لا تريد حربا مع السودان، الخلافات والملفات العالقة بين البلدين هي شائكة خاصة بعد الخلاف الحدودي، إلى أين تتجه الأمور فيما يتعلق بأزمة الحدود وسد النهضة ؟.
لفت الكاتب والباحث السياسي يوسف الجلال :" واضح جدا أن آبي احمد ليس مستعدا للحرب مع الخرطوم، بالمقابل هو أيضا ليس مستعدا لكبح جماح ميليشياته المسلحة التي عاثت فسادا على الحدود السودانية – الإثيوبية.
مضيفا :" حيث قتلت هذه الميليشيات وشردت وارتكبت انتهاكات خطيرة بحق السودانيين جانب سرقتها الأراضي الزراعية للخرطوم، وإذا أبي احمد كان حريصا على علاقة مستقرة مع السودان وألا يدخل في الحرب فعليه كبح جماح مليشياته التي تؤجج الصراع الحدودي."
مشددا :" الجانب الإثيوبي بإعلان عملية الملء الثاني للسد، أكد انه ليس حريصا على اتفاقيات سد النهضة الموقعة، فاعلان المبادئ منح إثيوبيا حق إنشاء السد لكنه بالمقابل ألزمها بعدم اتخاذ قرار أحادي بملء السد بما يلقي بتداعيات سيئة على المشهد المائي."
موضحا :" السودان فقد العام المائي أكثر من 100 شخص جراء الفيضانات والسيول التي ضربت البلاد بصورة عنيفة غير مسبوقة جراء القرار الأحادي غير المعلن لإثيوبيا بملء سل النهضة."