كتب – روماني صبري
في مثل هذا اليوم 24 مارس، من عام 1882، نجح العالم الألماني العظيم (روبرت كوخ)، من اكتشاف البكتيريا المسببة لمرض السل، الذي حير العلماء قديما لعجزهم عن معرفة أسبابه، حتى اكتشف كوخ الجرثومة المسببة للسل، وأثبت أن هذا الميكروب يمكنه إحداث تغيرات مرضية في مختلف أعضاء الجسم مثل الحنجرة والأمعاء والجلد، كما تمكن من استخلاص مادة التيوبركلين من جرثومة السل، وهي المادة التي تستخدم حتى اليوم في تشخيص مرض السل وتحديد ما إذا كان الشخص محصنا ضد المرض أو سبق له الإصابة به، وقد كانت أبحاث كوخ حول مرض السل تحديداً هي التي قادته إلى الحصول على جائزة نوبل، وما زال البعض يطلقون على بكتيريا السل اسم "عصيات كوخ".
مؤسس علم الجراثيم
كوخ من مواليد 11 ديسمبر عام 1843، كان شخص متقد الذكاء، ما سمح له بتحقيق نجاح عظيم في مجال علم البكتريا، وهذا الطبيب والعالم المؤسس الحقيقي لعلم الجراثيم كعلم طبي مستقل.
تربى كوخ في منزل لعائلة كثيرة الأفراد فقد كان ثالث ابن من عشرة أطفال، درس الطب في غوتينغن علي يد الطبيب الألماني فريدريك جوستاف جيكوب وتخرج في عام 1866، وشارك بعد ذلك في الحرب الفرنسية البروسية حيث عمل لاحقا كضابط طبيب، وباستخدام إمكانيات محدودة للغاية أصبح أحد مؤسسي علم البكتيريا، بالإضافة إلي لويس باستور، وعمل طبيباً في العديد من المستشفيات الألمانية وأستاذاً في جامعة برلين.
كوخ يكتشف سبب الأمراض المعدية الفتاكة
أولى اهتماما كبيرا للبحث العلمي، باذلا جهودا علمية كبيرة في اكتشاف الميكروبات والجراثيم ودراسة الأوبئة، ويعد روبرت كوخ أول من أثبت منذ حوالي مائة عام أن الأمراض المُعدية، التي كانت تفتك بشعوب أوروبا، سببها عضويات حية مجهرية، ففي سنة 1876كلف كوخ ببحث وباء الجمرة الخبيثة للكشف عن مسببه، إذ كان حينذاك منتشراً في القارة الأوروبية، وعرف هذا الوباء بإصابة الآلاف من رؤوس الأغنام والماعز والخنازير وكذلك بقدرته على إمراض المزارعين الذين يقومون بتربية هذه الحيوانات.
عبر تجربة علمية قام كوخ بتنمية بكتيريا الجمرة الخبيثة في خارج جسم الحيوان، ولاحظ نموها تحت مجهره، ثم حقنها في فئران فماتت وعندما فحص الفئران وجد فيها أعدادًا كبيرة من البكتيريا نفسها التي حقنها بادئ الأمر في هذه الفئران، وازدادَ ثقةً واطمئنانًا بأن هذه البكتيريا هي بذاتها المسببة للداء.
أعاد كوخ التجربة عدة مرات على حيوانات أخرى مثل الأبقار، وتوصل إلى النتيجة نفسها، وهكذا برهن على أن البكتيريا هي التي تسبب مرض الجمرة الخبيثة، وبعد أن نشر كوخ اكتشافاته، قام العلماء بدراسة الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان، وتوصلوا إلى أن البكتيريا تسبب عددًا من الأمراض للإنسان، مثل الدفتيريا، والكوليرا، والحمى التيفوئيدية.
كوخ يكتشف مرض خطير في مصر
نجح كذلك كوخ من اكتشاف مرض الكوليرا في مصر، وشهد عام 1883 دراسة كوخ لمرض الكوليرا في مستشفى الإسكندرية بمصر، بعد أن اجتاح ذلك الوباء مصر وأدى إلى حدوث أكثر من أربعين ألف حالة وفاة، وفي منتصف سنة 1890 بدأ يجري أبحاثه حول أمراض الدم المعدية في أفريقيا كالملاريا ومرض النوم، ولقد قضى روبرت فترة طويلة في أفريقيا بين البحث في أسباب المرض وإيجاد العلاج، كما أجرى كوخ أبحاثه عن مرض الطاعون اللمفاوي في الهند واكتشف مرض الكوليرا الآسيوية، قام بتأسيس معهد الأمراض المعدية ببرلين عام 1891، وصار مديراً له.
مؤسسات علمية عدة تحمل اسمه
نتيجة لجهوده قامت مدينة كلاوس تال - مسقط رأسه - بمنحه لقب مواطن شرفي، والآن تحمل العديد من المؤسسات العلمية والمنشآت في هذه المدينة اسم كوخ، فهناك مدرسة روبرت كوخ، ومستشفى روبرت كوخ، وشارع روبرت كوخ، وجائزة روبرت كوخ ومكتبة روبرت كوخ وغير ذلك.
وبحكم شغفه للمغامرة والسفر ربط روبرت بين هوايته وإهتماماته العلمية حيث لم يتخل يوماً في معاينة الأوبئة والأمراض في البلد الذي انتشرت به مغتنما الفرصة لاكتشاف العالم في وقت لم يكن فيه السفر عبر العالم ممتعا كما هو الشأن اليوم، وودع العالم الألماني روبرت كوخ الحياة يوم 27 مايو عام 1910 على اثر إصابته باحتشاء في عضلة القلب.