الأقباط متحدون - سَقَطَ الصِّدقُ فِي الشَّارِعِ
أخر تحديث ٠٥:٠٣ | الاثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢ | ٢٣ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٣٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

سَقَطَ الصِّدقُ فِي الشَّارِعِ

بقلم: القمص أثناسيوس چورچ

 (إش ۱٤:٥٩)

صار الصدق معدومًا؛ لذلك شهدت علينا معاصينا التي نعرفها؛ وتعدياتنا واسترخاؤنا الروحي جعلنا في الخصومة والنزاع!!! فلماذا نتأخر في التوبة والرجوع إلى أحكام البر والاستقامة؟ فنستقيم بالتقرب إلى الله، وها يد الرب تشرق بمراحم عظيمة لتجمعنا بالإحسان الأبدي؛ محققًا وعده: فلا تنجح كل آلة تُصوَّر ضدنا؛ ويحكم الله على كل لسان يقوم علينا في القضاء. أليس هذا هو ميراث وبر عبيد الرب؟؟!! يوسع خيمتنا ويشدد أوتادنا؛ ويجعل وجوهنا كالصوان، منقوشين على كفه ومحمولين على كتفه، سهامًا مبرية؛ لنا اسم أبدي أفضل لا ينقطع.
 
الصدق هو أننا أخطأنا ونافقنا وأغضبنا... الصدق أننا نحتاج إلى أن نتوب كل يوم... الصدق هو أنك يا رب وحدك القادر على تكسير رُبُط النير وإنقاذنا من القاسي غير الرحيم، فلا نكون غنيمة لوحش الأرض؛ بل نسكن آمنين شاهدين لك. وها قد أتينا إليك لنبسط أيادينا وعيوننا نحوك ومعونتنا من عندك... ولتبطل كل الألسنة؛ لأنك أنت يا رب خالقنا؛ نحن الطين وأنت جابلنا؛ وكلنا عمل يديك... أما مضايقونا فقد داسوا مقدسك؛ ونحن ندعوك ولن نسكت؛ لكي تُجري حكمًا عادلاً؛ رافعين راية خلاصك الآتية؛ وأجرتك وجزاؤك الذي أعددته قدامك لكل من يعيش في تقوى وعدل وسلام.
 
الصدق سقط ولم تستطع الاستقامة الدخول؛ لأننا نتلوَّن ونراوغ عندما نرى المؤمنين بك يُضطهدون ويُسلبون وينزحون تاركين وراءهم كل شيء... ثم ننافق ونداهن؛ وكأن لا شيء قد حدث... الصدق سقط عندما نُجبر على الهجرة والتهجير الجماعي المصبوغ بالدماء والمآسي والتهديد اليومي؛ ثم نلتقي بالمضطهِدين والقتلة؛ وكأن ما حدث هو لا يخص قتلى بنت شعبي... فإلى البؤساء؛ هؤلاء الذين يهوِّنون ويغضون الطرف عما يجري؛ ويتكلمون بالناعمات؛ إنما يشتركون في سفك دماء بريئة؛ محاولين حمل العصا من الوسط؛ في تناقض واضح مع رسالة الشاهد الصادق الأمين التي تقول: نعم نعم ولا لا... بل ويستعملهم المضطهِد في تجميل صورته القبيحة وتمرير أعمال العذابات. فمنذ متى كانت الكنيسة وفي أي عصر كانت تبرر أفعال نيرون ودقلديان وولاة الطغيان؟؟!! وما يحز في النفس أن هناك من يحاول مداراة الأمور لتصل إلى حد التضليل؛ بينما الدماء تجري وتسيل؛ والتهميش والازدراء والتكفير والضغطات لا تقع تحت حصر.
لماذا سقط الصدق في الشارع؛ وضاعت قضايا شهداء تفجير كنيسة القديسين؟؟!! وضاعت قضايا شهداء ماسبيرو؟؟!! ومن قبلهم شهداء العمرانية... لماذا لا توضع الحقائق المؤدية إلى نتائج تحت المجهر؟؟!! إنها مطالب الحرية والعدالة والمواطنة!!! إنها مشروعة لمواطنين لا يستجدون مجرد التعاطف أو الظهور الإعلامي لتقرير ديكور زائف.
 
هناك معترفون جُدُد في كنيستنا اليوم؛ تُقطع أعضاؤهم؛ ويُحرقون ويُسلبون ويُخطفون، ليس على سبيل البلطجة فقط؛ ولكن لسبب ديانتهم يُستهدفون. فهناك من قُطعت أذنه؛ والبارحة تم تصفية عين طبيب على يد ملتحين. كذلك تُقطع الطرق أمام الأديرة وتُخطف الأمهات ومعهم أطفالهم ليوضعوا تحت السبي نظير مبالغ طائلة... لذا أقول لمن يتحدثون ويصرحون هنا وهناك أن يحسبوا نفقة ما يتفوهون به؛ لأن الصدق ينجي صاحبه؛ والحق والحقيقة هي أفضل برهان على المصداقية. وليتركوا محاولاتهم العرجاء في التكلم بإسم المؤمنين ليحصلوا على نجومية أو تبعية؛ حتى ولو كانت على حساب زوال آخر مسيحي من المنطقة.
 
إن الاتجاه الوحيد المستحيل في المسيحية هو الحياد؛ لأن الكنيسة لا تتشبه بالعالم لأنها ليست منه. فالنفاق ليس حكمة؛ والمداهنة ليست لطفًا؛ والانبطاح والتذلل ليسا وداعة؛ وكل من يبدي اللامبالاة ويعرج بين الفرقتين هو أيضًا عديم المبادئ... يهادن الشيطان؛ وطورًا يَغار لله؛ وكأنه ليس مع المسيح ولا ضده. فلنكن صادقين حتى لا يكون الإنجيل مكتومًا في قلوبنا وأفواهنا... لا نرهب ولا نخاف خوفهم البتة؛ لأن إلهنا يحفظنا في ساعة التجربة العتيدة. فمن يولد مرة يموت مرتين؛ ومن يولد مرتين يموت مرة واحدة.     

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter