الأقباط متحدون - هل حقا كل الأقباط يريدون دولة مدنية؟
أخر تحديث ٠٧:٣٢ | السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢ | ٢١ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٣٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل حقا كل الأقباط يريدون دولة مدنية؟


 وقع ممثلي الكنائس المصرية الثلاثة داخل الجمعية التأسيسية، في نفس الفخ الذى يقع فيه "الإخوان والسلفيين"، وهو التمييز السلبي ضد مواطنين مصريين مختلفين في الاعتقاد، فالتعديل الأخير لنص المادة الثانية من الدستور الذى وافق عليه ممثلي الكنائس والأزهر والإخوان والسلفيين، أهدر حق المصريين الذين لا يدينون بالإسلام والمسيحية واليهودية، ومنهم (البهائيين، المسلمين من المذهب الشيعي، شهود يهوه الذين لاتعترف بهم الكنائس الثلاثة، الملحدين واللاأدريين، واللادينيين، وغيرهم من المصريين أصحاب المعتقدات الآخرى). وكأن هؤلاء المواطنين قٌصر ويجب أن تحدد لهم الدولة فى الدستور أن يختاروا من بين الديانات الثلاث فقط، وإلا لن تعترف بهم الدولة كمواطنين مثلما حدث مع البهائيين وحصلوا على (- ) فى خانة الديانة بالبطاقة.

 
فرغم إجماع كافة الحركات والشخصيات القبطية العامة ورجال الدين على مطلب "بناء دولة مدنية حديثة"، عقب ثورة 25 يناير، ومطالبتهم بكتابة "دستور يحترم الحريات الشخصية، وحرية الاعتقاد والعبادة، ولا يميز بين المواطنين بسبب الجنس أو الدين أو العرق"، وهذا كلام عظيم لا يختلف عليه أحد إلا المتشددين وأنصار الدولة الدينية، إلا أنهم يرفضون فقط الدولة الدينية التى يحكمها تيار "الإسلام السياسى"، وليس لديهم مانع فى دولة "يتحكم فيها البابا أو الأكليروس".
 
وهنا أستفسر عن أقلية تعانى من ظلم وفرز من الأغلبية ويتم التضييق عليهم فى ممارسة شعائرهم الدينية وبناء دور عبادة جديدة، ولا يحصلون على نفس المساحة فى الإعلام الرسمي للدولة المخصصة للبرامج الدينية، ويتم التمييز ضدهم فى تولى المناصب العامة، كيف لهؤلاء الذين يعانون أن لا يراعو معاناة غيرهم من الأقليات وهم يكتبون الدستور؟.. بل اندهش كيف لا يقفون ضد التمييز الذى يقع على مواطنيين آخرين ويرفضون مثل تلك النصوص؟ ويضعون من يقترحها فى مواجهة الناس.
 
الغريب أن أغلب ممثلي الكنائس أعربوا فى تصريحات صحفية عن رضاهم بالنص الجديد بإضافة "حق المسيحيون واليهود بالاحتكام لشرائعهم، والأزهر صاحب حق تفسير مبادئ الشريعة"، حتى أن بعضهم قال إن "النص مناسب، ولا يفتح الباب لديانات آخرى مثل البهائية".
 
السؤال الذى يطرح ذاته هنا، هل تفعلون ذلك بوعى أم دون وعى؟.. لو بوعى يبقى بتضحكوا على الناس بالمطالبة بدولة مدنية وأنتم فى قرارة أنفسكم ترسخون لدولة دينية عنصرية، ولو بدون وعى تبقى الطامة الكبرى أن يكتب دستورنا أناس ليس لهم وعى.
 
أتساءل أية "دولة"؟ وأية "مدنية"؟ تتحدثون عنها وأنتم تبحثوا عن امتيازاتكم الخاصة و"تأكلون" حق مواطنين آخرين يعانون مثلكم، بل وتقسمون الناس بشكل طائفى ليتحكم فيهم رجال الدين فقط، هل فعلا تريدون دولة مدنية أم بسط نفوذ رجال الدين على المواطنين؟ لتزداد سطوتهم وسيطرتهم على الناس. ولنا فى أصحاب مشاكل الزواج الثانى والطلاق مع المجلس الإكلريكى عبرة.
 
الدولة المدنية التى تطالبون بها ليس لها هوية دينية، ولا تمنع حق أى مواطن ينتمى لها فى أن يدين ويعتقد كما يشاء دون وصاية، دولة تحترم القانون وتساوى بين مواطنيها فى الحقوق والواجبات وفى الوقوف أمام القانون، دولة لاتجعل حق الإنسان فى الزواج وتكوين أسرة فى يد رجال الدين فقط، بل تتيح لهم كتابة عقود مدنية بعيدا عن المؤسسات الدينية وتعترف بها كما تعترف بالزواج الذى تجريه المؤسسات الدينية، وتمنح مواطنيها حق الاختيار بين هذا وذاك.
 
أنتقد موقف ممثلى الكنيسة والأقباط لأنهم ينادون بدولة مدنية، ولأن أغلب المسلمين المعتدلين يعقدون عليهم أمل بدفع مصر نحو دولة مدنية، لذا أتمنى أن تراجعوا أنفسكم جيدا، وتعوا جيدا أين تقفون.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.