الأقباط متحدون - نسر.. وسيفان متقاطعان!!
أخر تحديث ٠١:٣٩ | الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢ | ٢٠ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٣٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

نسر.. وسيفان متقاطعان!!

بقلم- جون ألفي
الجيش حمى الثورة!.. شخصيًا لا أؤمن بتلك المقولة. أرى الجيش مكلف بمهمة ما كان يجب أن تأتي في صورة تكليف، لأن التكليف بإدارة شئون البلاد جاء ممن اُنتزعت وزالت وانتهت عنه شرعيته.

القوات المسلحة لم تنحاز للثورة، بل أراها وُضعت أمام الأمر الواقع بالتعامل مع الثورة والثوار، فتماشت مع الوضع القائم. فطبيعة وعقلية العسكري تجعله يؤمن أنه الأكثر ولاءًا وانتماءًا للوطن دون غيره من المدنيين، وبالتالي اقتناع العسكري بوطنية غيره غير مكتمل، كما أن الجيش المصري قليل الخبرة في التعامل مع السياسة ودهاليزها والتواءاتها، وظهر هذا جليًا في إدارة المرحلة الانتقالية، وما عاصرها من تخبط وعنف ودماء. وشخصيًا أحمِّل المجلس العسكري كل ما حدث ويحدث منذ قيام الثورة وبمشاركة أكثر كفاءة من الإخوان المسلمين.

المجلس العسكري الآن هو أمل البلاد الوحيد، وأكرر الوحيد، لتأكيد مدنية الدولة، فمنذ أن أطلق العنان لتيار الإسلام السياسي بعد الثورة، تغولوا وانتشروا ولم يستحوا في السيطرة على كافة مقاليد الحكم في الدولة، وهذا لا يدع مجالًا للشك أنهم يريدون الدولة الدينية التي لا وجه لمعارضتهم فيها، فحتى الأزهر الشريف وإمامه لم يسلما من هجمتهم لتمسك الأزهر بمبادئ الشريعة الإسلامية ومدنية الدولة. وعلى الجانب نفسه نجدهم لا يعبأون بالتيار المدني- الضعيف- ولا يولونه اهتمامًا يُذكر، فهم لا يتراجعون إلا أمام الأقوى، ولا يرون قويًا حتى الآن إلا المجلس العسكري، الذي يفرض نفسه محافظًا بشكل أو بآخر على خلق نوع من التوازن السياسي بين كفتي الحياة السياسية المصرية. وأقول هذا واعترف- في الوقت نفسه- أن المجلس العسكري لا علاقة له بالثورة، وسحل واعتقل وأهان الثوار بشتي الطرق، إلا أننا في "مصر" لا نملك رفاهية الاختيار، فكل الاختيارات سيئة، إلا أن القوات المسلحة في هذة اللحظة لا نلومه في الضغط علي التيار الإسلامي حتى لا يستفحل ويملك كل مقدرات الوطن بعقلية الهواة والمراهقين والانتهازيين ومتاجري الدين، ولم استغرب تصريح عسكري بأن الجيش المصري سيعمل على تأكيد مدنية الدولة إذا طلب منه الشعب هذا، فكيف الحال وكل التيارات المدنية تتراجع أمام طوفان الإسلاميين في كتابة الدستور؟ وكيف الحال والشعب يطالب ويؤكد على طلبه بمدنية ووسطية الدولة؟ فمن استجاب لهذا الطلب؟ ومن لا يملك تحقيقه؟.

أقول هذا وأتمسك برفضي القاطع لحكم العسكر والدولة العسكرية البوليسية، ولكن مَنْ غير القوات المسلحة نملكه لتحقيق وإرساء دعائم الدولة المدنية؟ الثوار اختفوا ولم يصبحوا قوة تذكر، والتيار المدني لن أضيع وقتي ووقتكم في تعداد خطاياه وسقطاته، حتى الأزهر الشريف لم يسلم من النقد والتخوين والتكفير، ولا مجال لأن نتحدث أساسًا عن منتفعي دولة "مبارك"، فمكانهم الطبيعي السجون والمعتقلات.. إذًا وصل بنا التعقيد والحساسية تجاه الموقف الراهن أن نرى المجلس العسكري الذي أقل ما نفعل تجاهه أن نقاضي قياداته، هو الملاذ الوحيد للضغط على هيمنة وإقصاء التيارات الإسلامية التي تحاول أن تنقلب على كل من لا يدر عليهم مصلحة أو مكسب، هؤلاء المتأسلمون تجار الدين الذين لا يجدون غضاضة في نزول الدين السامي المقدس ليكون سلعة تدفع الجهلة والفقراء إلى طلب رضوان الله وغفرانه عن طريق الانسياق ورائهم وتأييدهم نصرة للدين.

هذا هو حال الثورة المصرية المدنية (فهي لم تكن ثورة إسلامية بأي حال) أن تجد مدنيتها بين يدي جلادها.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter