الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢ -
٠٧:
١١ ص +02:00 EET
بقلم : إسماعيل حسني
لم يتبق على إعلان قيام الدولة الدينية رسميا في مصر سوى معركة فاصلة تخوضها كتائب الإسلام السياسي المنظمة والممولة والمدعومة ضد أطياف الشعب المصري الذي تركه مبارك أشلاء يصعب جمعها على قلب رجل واحد في الأجل القريب.
هذه المعركة هي معركة الدستور، حيث يسعى الإسلاميون لفرض دستورا فاشيا يؤسس لدولة دينية تحكم بالغلبة، وتقنن القمع والإستبداد.
فالمادة الأولى تنفي ديموقراطية نظام الدولة حين تجعلها قائمة على مبدأ الشورى ذي المفهوم الديني المناقض لكافة أسس الديموقراطية «نظام الدولة ديمقراطى يعتمد على مبادئ الشورى والتعددية والمواطنة»، والمادة الثانية تبقي على عبارة «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع» ولكنها تجعل من الأزهر الشريف وليس المحكمة الدستورية هو المرجعية النهائية فى تفسيرها. كما تم استحداث مادة جديدة تؤسس لولاية الفقيه تنص على أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، وهو المرجعية النهائية للدولة فى كل الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية طبقاً لمذاهب أهل السنة والجماعة.
ولا يتوقف الأمر عند هذه الكوارث، بل يصادر الدستور مبدأ حرية العقيدة بقصر الحق في إقامة الشعائر الدينية على أتباع الديانات السماوية الثلاث، وتم استحداث مادة تحظر المساس بالذات الإلهية، وذوات الأنبياء والرسل وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين، كذلك تم إلغاء النص على حظر قيام الأحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية، واستبدال ذلك بحظر قيام الأحزاب على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين.
ويخوض الإسلاميون هذه المعركة بلجنة محكوم للمرة الثانية ببطلانها إلا أنهم يسعون لستر عوراتها وتجنب هذا المصير عن طريق ضم شخصيات غير إسلامية من الباحثين عن المناصب والكاميرات أو الحالمين بالجوائز العالمية أو أولئك الذين يمكن التأثير على توجهاتهم عن طريق بعض السفارات الأجنبية، ويأملون أن تؤدي الضغوط الداخلية والخارجية إلى تغيير حكم القضاء وإصدار شهادة ميلاد لهذه اللجنة.
إن الإسلاميون يعلمون أن دستورا بهذا الإعوجاج وتلك التناقضات غير قابل للحياة ولن يقيم سوى دولة عرجاء تسقط يوميا في بحر من الصراعات والمشكلات، وهذا بالتحديد ما يسعون إليه في هذه المرحلة، وهو خلق مناخ من الفوضى والإضطراب يمكنهم من الوثوب على الدولة واختطافها نهائيا بعد أن يستكملون الأدوات القمعية لنظامهم الجديد.
إننا ندعو المصريين جميعا لنبذ كافة الخلافات الأيديولوجية والسياسية ورفض هذا الدستور والعمل على إسقاطه بكل السبل الممكنة، لأن نجاح القوى الفاشية في تمرير هذا الدستور معناه القضاء على حلم إقامة دولة حديثة والعودة بمصر قرونا إلى الوراء.