وليبقى الله رب لكل الشعوب... والشعب حرا بربه
بقلم د. عوض شفيق
طالب التيار الاسلامى بأن لن يتراجعوا عن استبدال نص "السيادة للشعب، "لتكون السيادة لله"
عندما نضع لفظ "سيادة" فى الدستور لابد أن نعرف مضمونها القانونى طالما نتكلم عن دستور
المعروف كلمة دستور هو "عقد اجتماعى" ينشىء حقوق وواجبات فهو القانون الأعلى الذى يحمى الفرد من الآفراد الآخرين، ويحمى أيضا حقوق وحريات الأفراد من سلطة الدولة ويحمى الدولة من الفردية.
ويحفظ النظام القضائى ياستقلال رجالته، التوازن التام بين حماية الفرد وممارسة حقوقه وواجباته وسلطة الدولة على الفرد ويضع حدود وواجبات على الدولة للحد منعا للتفرد بالسلطة وللحد من فرديتها، ويحافظ القضاء على حقوق اما يقررها أو يكشف عنها
ومن الثوابت القانونية ايضا بأن مفهوم "الحرية المكفولة بالقانون" ، "ومفهوم الحرية الفردية" ، أن "مفهوم الحرية المكفولة بقانون" تعنى بأنه كلما ظهر نزاع بين حرية الفرد الشخصية وبين الحقوق والمصالح الأخرى، كانت الغلبة لحرية الفرد. ويعنى "مفهوم الحرية الفردية" بأنه حرية كل شخص يحترم القانون فى أن يفكر كيفما شاء ويعبر عن آرائه وأن يعبد الله كيفما يشاء ، وأن يختار اعتقاده وديانته كيفما يشاء ويمارس حقوقه وحرياته دون أى عوائق أو موانع من جانب أى فرد.
الا أن هذه الحريات والحقوق يجب أن تتعادل مع الاعتراف واحترام حقوق الغير وحرياته ومع مقتضيات الأخلاق العامة والنظام العام والأمن فى مجتمع ديمقراطى. فمن الضرورى أيضا للحفاظ ولاجل التوازن الصحيح بين الحريات والحقوق الأساسية وسلطة الدولة على الفرد أن تكون هذه القيود المفروضة على الحقوق شرعية وقانونية، أى تتمتع بحماية مزدوجة ينص عليها فى الدستور وينص عليها فى القانون ، أى حماية دستورية وحماية قانونية .
والسيادة للشعب فى مفهومها القانونى تعنى الحقوق والواجبات للشعب التى ينص عليها الدستور و القوانين ولا بد أن تتوافق مع المعاهدات الدولية للحقوق الانسان ولا بد أن الدستور ينص على حمايتها ولا تترك للأهواء والرغبات الشريرة أن تقييدها بقانون آخر ولا بد أن تكون حماية الفرد وممارسة حقوقه مقيدة باحترام وحقوق الغير.
اذا كان هذا الاطار العام القانونى لمفهوم السيادة للشعب التى يمارسها الشعب فى الحدود التى ينص عليها الدستور . وحماية هذه السيادة لا تستند فقط على الأحكام القانونية ولكن الى الارادة السياسية للحكومة والشعب فى وقت واحد ، فمصطلح السيادة هنا حق مقيد وليس مطلق بل مقيدة بحدود السيادات الأخرى.
أما السيادة لله ، هى حق مطلق لله . ولا أعرف كيف تجرأ اعضاء اللجنة التأسيسية للمطالبة بتاسيس لحقوق الله وواجباته وفرض قيود على الشعب فى ممارسة واجباته نحو حقوق الله المطلقة ووضعها فى الدستور ، وينشئوا "لله" حقوق وواجبات مقيدة بدستور وقوانين. الله هنا هو الحق والسيد ونحن نؤمن ونعترف بأن الله حق وواجب الله نحونا الحفاظ على كينونتنا والمشاركة معه فى أعماله على الأرض ، وهو اى الله وعدنا به فى كتبه المقدسة . وعندما خلق الله الانسان ، وكما يقول قداسة البابا شنودة الثالث - الذى هو فى السماء عند الله الحق - "يقول قداسته : كنا فى عقل الله فكرة وفى قلبه مسرة " ، أى أن الله كان مسرورا باعطاء الانسان الحق فى الحياة ، الذى لا يستطيع أى مخلوق على الأرض حرمان الانسان تعسفيا من الحياة ، وهذا ما قررته المادة 6 من قانون حقوق الانسان بأنه لا يجوز حرمان الانسان تعسفيا من الحياة ولا يجوز اهدار كرامته الانسانية . هذه هى الواجبات الدستورية القانونية التى يجب أن توضع للحد من اهدار الحق فى الحياة الذى منحنا الله.
فالسيادة لله "حق "وجوهر الله" أما واجباتنا نحو الله تكون فى العبادات وايضا بارادة حرة غير مكره فعلى كل انسان "أن يعبد الله بارادة حرة" ، "ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". نعبد الله ونحن أحرارا وليس عبيدا، لا عبيدا عند الله ولا الاخوان والسلفيين وغيرهم من الجماعات الأخرى.
السيادة لله، تمنع الرق والعبودية وحيازة ملكات اليمين والجوارى ، السيادة لله تمنع الغش والتزوير السيدة لله ، أنشأت المصالحة بين الحق الألهى والحقوق الأرضية ، وبهذا تأسست عقيدة المسيحيين عندما كنا فى عقل الله فكرة وفى قلبة مسرة وتجسد الله على الارض بكلمته وصلب عن البشرية وقدمها فداء لها ، ولم يتنازل عن حقه الألهى لاى نبى من انبياءه ولا ملاك ولا رئيس ملائكة من خدامه وتحررت الانسانية من قبضة الشيطان والكذاب وابو الكذابين وتحررت الانسانية من العبودية
السياد لله هو العدل ويكره الله ظلم الانسان لاخيه الانسان ويكره الله كل من مذنب البرىء ومبرىء المذنب ومن السيادة لله تأسس حق افتراض البراءة للمتهم وتأسس مفهوم المتهم برىء حتى تثبت ادانته ومن عدم الشهادة بالزور وتأسست المبادىء الاخلاقية والنظام العام للمجتمع الديمقراطى الحر.
وأخيرا وليس اخيرا نستطيع أن نقول أن الله بسيادته المطلقة منحنا حقوق انسانية صالحة يقوم الشعب بممارسة هذه الحقوق والواجبات فى اطارى تنظيمى وليس فى اطار تقييدى واذا لزم الأمر لتقييد وتحديد بعض الحقوق لابد أن تستمد هذه القيود من قواعد العدالة نفسها التى من مهمتها تطرير الفكر البشرى فى الحق فى المعرفة باعتباره حق أصيل لابد من الدولة أن تقوم ويكون لها دور ايجابى فى تطوير المعارف والحصول على المعرفة حتى لا يهلك الشعب بعدم المعرفة فالجاهل بمعرفة حقوقه يؤكد أنه يعرفه والعالم بحقوقه تثيره فى نفسيته الشكوك ويسال عنها ويطلبها أما العاقل حينما يعرف ويسأل عن حقوقه فانه يتدبر الحق اما بالاحترام الواجب والمفروض على الدولة واما بضمان وكفالة حقوقه فى دستور وقوانين واما أ يطالب الدولة بالوفاء عنها ويقوم بمسؤوليتها.
ولذا يجب حث الشعب على أن يشترك فى عملية وضع الدستور وصناعة القوانين ونشر الوعى برب هذه الحقوق بين الشعب ويكون الوعى واجبا علينا وعلى سلطات الدولة بأن نقوم بممارسة هذه الحقوق بارادة حرة ، ونرفض باى حال من الأحوال رفض وضع هذه المصطلحات المسيئة الى الله ونضعها أما الشعب بالاختيار اما بالرفض أو القبول فى حالة الاستفتاء على مواد الدستور .
ونكون بهذا اردنا أن نطبق حكمة الحكماء فى أن الجاهل يؤكد .. والعالم يشك .. والعاقل يتدبر.. وبالعقل أومن وبالايمان اتعقل.
وأخيرا ليكن الله رب لكل الشعوب... والشعب حرا بربه