بقلم :  د.ممدوح حليم
اللاهوت الأرثوذكسي – الشرقي هو الفكر اللاهوتي لآباء المراكز الرسولية في الأسكندرية وأنطاكية والقسطنطينية، والمدينتان الآخيرتان تقعان حاليا داخل الحدود التركية. 
 
أما اللاهوت الغربي فهو الفكر المسيحي الكاثوليكي المتمثل في كرسي روما الرسولي، وكذلك الفكر البروتستانتي ويمثله لاهوتيو الإصلاح من أمثال لوثر وكالفن وجون ويسلي وغيرهم.
 وتوجد معاهد لاهوت شرقي في البلاد الأرثوذكسية وبصفة خاصة اليونان وروسيا، كما اهتم الغرب بدراسته فتجد اهتماما خاصا بدراسته في جامعات إنجلترا وألمانيا والولايات المتحدة. أما تدريس اللاهوت الأرثوذكسي في مصر فيتسم بالسطحية والتقليدية. 
 
ولقد رحل عن عالمنا منذ أيام د. جورج حبيب بباوي  الذي يعد عالما لاهوتيا أرثوذكسيا كبيرا على مستوى عالمي وتشهد بذلك مؤلفاته ومحاضراته والأماكن التي قام بالتدريس فيها. إنه مصري صميم خالص فهو من أسرة نتحدر جذورها من قرية بسيطة في مغاغة بمحافظة المنيا، لكنه نشأ وتربى في حي مصر القديمة في القاهرة.  كان منزله يبعد قليلا عن كنيسة مار مينا بمصر القديمة، من هنا تردد على الأب مينا المتوحد الذي صار البابا كيرلس السادس ( 1959 – 1971 ) وخدم معه في القداسات شماسا بالهيكل، الأمر الذي جعله يعشق الكنيسة القبطية وقداساتها وليتورجياتها بما تحمله من معان لاهوتية عميقة. لقد ترك ذلك أثرا عميقا فيه، مما حدا به أن يلتحق بالكلية الإكليريكية عقب حصوله على الثانوية العامة مفضلا إياها على غيرها من الكليات 
  لنبوغه وتفوقه تعين معيدا بها عام 1961، ومن فرط شغفه باللاهوت استطاع نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات الراحل أن يجلب له بعثة في جامعة كامبردج ثاني أكبر جامعات العالم طبقا للتصنيف العالمي، وكان السفر إلى إنجلترا عسيرا في ذلك الوقت لأسباب سياسية، الأمر الذي وافق عليه الرئيس جمال عبد الناصر لمحبته للكنيسة والبابا كيرلس ,
 
استطاع د.جورج أن يحصل على الماجستير من هذه الجامعة العريقة عام 1967 ثم درجة الدكتوراة عام 1970 
عمل أستاذا بالإكليركية لمادة أقوال الآباء طوال السبعينات ورافق البابا شنودة  في زيارته التاريخية الأولى عام 1977 إلى الولايات المتحدة، وكانت له مكانة بارزة في الكنيسة طوال السبعينات وممثلا لها في المحافل اللاهوتية ومؤتمراتها مع نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي الراحل. 
   في خريف 1981 أصدر الرئيس أنور السادات قرارا بإلغاء تعيين البابا شنوده الثالث، الأمر الذي أحدث ارتباكا وتخبطا في الكنيسة، وتناثرت التصريحات وقد يكون بعضها غير مناسب، على أنه مع حساسية الموقف وحساسية الأشخاص وعدم توافر الغفران المسيحي، وضع د. جورج في القائمة السوداء لدى القيادة الكنسية. 
 
 أبعد د. جورج حبيب عن التدريس بالإكليريكية عام 1984 ، وانزوت مكانته بالكنيسة، مما حدا به أن يتعاقد مع جامعات بريطانيا للتدريس بها. 
 قام بالتدريس في معهد كامبريدج للدراسات اللاهوتية، وقد شغل منصب عميد المعهد. بعدها هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث قام بالتدريس في عدد من الكليات  اللاهوتية التابعة للكنيسة اليونانية. 
 
سلاما لروحه الوثابة، وقد تمتع بذكاء خارق وفهم عميق للعقيدة الأرثوذكسية كأستاذ قدير يندر أن يجود الزمان بمثله.