كتب – روماني صبري
احتفى محرك البحث الشهير "جوجل"، بالذكرى الـ131 لميلاد الأديب والشاعر الروسي الكبير "بوريس باسترناك"، وهو من مواليد 10 فبراير عام 1890 ، واستبدل جوجل شعار صفحته الرئيسية بصورة لباسترناك، وباسترناك مؤلف الرواية الشهيرة "دكتور زيفاجو"، والتي قدمها المخرج العالمي "ديفيد لين" في فيلم سينمائي ضخم يحمل نفس الاسم من بطولة الفنان الكبير عمر الشريف عام 1965، ورغم الشعبية الكبيرة للرواية في العالم، إلا أنها كانت محظورة في الاتحاد السوفيتي لعقود، ولهذا السبب، لم يكن هناك مجال لإنتاج الفيلم في الاتحاد السوفيتي وصُور في إسبانيا بدلا من ذلك.
هزه حلم التغيير
عمل الرجل خلال الحرب العالمية الأولى، ودرس في مختبر للكيميائيات في الاورال، وهي التجربة التي ستقدم له مادة أولية خصبة سيستخدمها لاحقا في (دكتور زيفاجو)، على العكس من الكثيرين من أبناء طبقته وأصدقائه وأقاربه الذين تركوا روسيا بعد الثورة البلشفية، فإنه بقي في بلاده وقد أبهرته شعاراتها وهزه حلم التغيير عبر الثورة.
باسترناك حزين .. النظام الشيوعي يرفض زيفاجو
عندما غيب الموت "جوزيف ستالين"، قائد الاتحاد السوفيتي، عام 1953، كشف باسترناك عن روايته "دكتور زيفاجو" التي تنتقد النظام الشيوعي، وأرسلها لمجلة أدبية في روسيا، وبسبب الخوف من النظام رفض صاحب المجلة نشرها، فنزل الحزن والاكتئاب بباسترناك، وبعد مرور 3 أعوام قرأ الرواية الناشر الإيطالي "فلترينبلي"، وأبدى إعجابه الشديد بها، وقال لصاحبها لننشرها في إيطاليا، وتم نشرها رغم محاولات الحزب الشيوعي الإيطالي لمنعها، لتصبح الرواية من أشهر ما كتب في الأدب الروسي.
ورغم أن أحدا من النقاد السوفييت لم يكن قد أطلع على الرواية إلا أنهم هاجموها بعنف، بل وطالبوا بطرد باسترناك، وشهد عام 1958 منح باسترناك جائزة نوبل للآداب، لكنه رفضها رغم السعادة الشديدة التي عرفته بعد إعلان فوزه بالجائزة، ويقول حول ذلك :" رفضت الجائزة حيث شن الاتحاد السوفيتي هجوما كبيرا ضدي بسبب دكتور زيفاجو"، ولم تنشر الرواية في الاتحاد السوفيتي إلا في عام 1987 مع بداية البيريسترويكا والغلاسنوست (سياسة الانفتاح).
حياتي الشقيقة
يشتهر باسترناك في روسيا كشاعر مرموق، مجموعته حياتي الشقيقة تعد من أهم المجموعات الشعرية التي كتبت بالروسية في القرن العشرين، باسترناك من مواليد موسكو لأب يهوديا وتحول إلى الكنيسة الأرثوذكسية، وهو رسام متميز وأستاذ في معهد الفنون، والدته هي روزا كوفمان التي كانت عازفة بيانو مشهور، نشأ بوريس في جو عالمي منفتح على مختلف الثقافات، وكان من زوار والده الدائمين سيرجي رحمانينوف، ريلكه، وليو تولستوي، تحول والده إلى المسيحية أثر كثيرا على بوريس، والكثير من أشعاره تعكس مواضيع مسيحية بوضوح.
لنترك الكونسرفتوار ونكتب الشعر
دخل بوريس كونسرفتوار موسكو عام 1910، لكنه سرعان ما ترك الكونسرفتوار ليدرس الفلسفة في جامعة ماربورغ، رغم نجاحه الدراسي إلا أنه رفض أن يعمل في مجال تدريس الفلسفة وترك الجامعة عام 1914، وهي نفس السنة التي أصدر فيها ديوانه الأول.
لا تلمسوا ساكن الغيوم هذا
خلال ذروة حملات التطهير الكبير في أواخر الثلاثينات، شعر باسترناك بالخذلان والخيبة من الشعارات الشيوعية وامتنع عن نشر شعره وتوجه إلى ترجمة الشعر العالمي إلى الروسية، وترجم لشكسبير هاملت، ماكبث، الملك لير، كما ترجم لجوته فاوست، بالإضافة إلى مجموعة من الشعراء الجورجيين الذين كان يحبهم ستالين، ترجمات باسترناك لشكسبير صارت رائجة جدا رغم أنه اتهم دوما لأنه كان يحول شكسبير إلى نسخة من باسترناك.
أنقذته عبقريته اللغوية من الاعتقال أثناء حملات التطهير، حيث مررت قائمة أسماء الذين صدرت أوامر باعتقالهم أمام ستالين، فحذفه قائلا: لا تلمسوا ساكن الغيوم هذا"، وفي 30 مايو عام 1960 غيب الموت باسترناك، ولم يحضر جنازته سوى بعض المعجبين المخلصين الذين أحبوا كتاباته."