في مثل هذا اليوم 10 فبراير 2011م..
الفريق سعد الدين الشاذلى اللغز المحير والعقل المدبر لحرب أكتوبر. اتسمت حياته بالغموض واختفاؤه طوال فترة حكم الرئيس السادات ومحمد حسنى مبارك وتم اقصاؤه بعد انتصار اكتوبر 1973 من قبل الرئيس السادات الذى كان يريد أن يتخلص منه بسبب شعبيته داخل الجيش وانتقاده لاتفاقية كامب ديفيد التى وقعها السادات مع إسرائيل إلى أن انتهى به الأمر إلى أن يحبسه الرئيس السابق مبارك القابع فى سجن طرة الآن. وافته المنية يوم 10 فبراير قبل يوم واحد فقط من إعلان تنحى الرئيس مبارك وسقوط نظامه الذى كان امتداداً لنظام السادات الذى اضطهده وبمجرد الإعلان عن وفاته كانت ميادين مصر تمتلئ بالثوار الذين يطالبون بسقوط مبارك حيث رفعوا صورًا له وطالبوا بتكريم سعد الدين الشاذلى ورد الاعتبار له باعتباره العقل المدبر لحرب أكتوبر واحد ضحايا نظامي السادات ومبارك.
ولكن القدر وقف حائلاً دون تكريم الشاذلى وهو حي ورد الاعتبار له بعد نجاح الثورة فى إسقاط النظام الذى اضطهده وتجاهل دوره فى الحرب كما أن اعتلال صحته منعه من التعليق على أحداث الثورة فى بداياتها على حسب ما ذكره مقربون منه. الفريق الشاذلى هو الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذى لم يتم تكريمه بأى نوع من أنواع التكريم وتم تجاهله في الاحتفالية التي أقامها مجلس الشعب المصري لقادة حرب أكتوبر والتي سلمهم خلالها الرئيس أنور السادات النياشين والأوسمة كما ذكر هو بنفسه في كتابه مذكرات حرب أكتوبر. ولد سعد الدين الشاذلي في أبريل 1922 بقرية " شبراتنا" مركز بسيون بمحافظة الغربية في دلتا النيل ووصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط بارليف فى حرب أكتوبر.
حظى بشهرته لأول مره في عام 1941 عندما كانت القوات المصرية والبريطانية تواجه القوات الألمانية في الصحراء الغربية خلال الحرب العالمية الثانية وعندما صدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب بقى الملازم الشاذلي ليدمر المعدات المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة وأثبت الشاذلي نفسه مرة أخرى في نكسة 1967 عندما كان يقود وحدة من القوات المصرية الخاصة المعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط أسوأ هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية وكنتيجه لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء فقد اتخذ الشاذلي قرارًا جريئًا فعبر بقواته الحدود الدوليه قبل غروب يوم 5 يونيو وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوالي خمسة كيلومترات وبقى هناك يومين الى أن تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التي أصدرت اليه الأوامر بالانسحاب فورًا فكان آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء.
بعد هذه الحادثة اكتسب الشاذلي سمعة كبيرة فى صفوف الجيش المصري فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات وقد كانت المرة الأولى والأخيرة فى التاريخ المصرى يتم فيها ضم قوات المظلات وقوات الصاعقة الى قوة موحدة هى القوات الخاصة. في 16 مايو 1971 وبعد يوم واحد من إطاحة الرئيس السادات بأقطاب النظام الناصري فيما سماه بثورة التصحيح عين الشاذلي رئيسًا للأركان بالقوات المسلحة المصرية باعتبار أنه لم يكن يدين بالولاء إلا لشرف الجندية فلم يكن محسوبًا على أي من المتصارعين على الساحة السياسية المصرية آنذاك.
عرف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصرى الناجح على خط الدفاع الإسرائيلى بارليف فى حرب أكتوبر عام 1973 إلا أنه فى 13 ديسمبر من نفس العام وفى قمة عمله العسكرى تم تسريح الفريق الشاذلى من الجيش بواسطة الرئيس أنور السادات وتعيينه سفيراً لمصر فى إنجلترا ثم البرتغال. فى عام 1978 انتقد الشاذلى بشدة معاهدة كامب ديفيد وعارضها علانية ما جعله يتخذ القرار بترك منصبه والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسى وفى المنفى كتب الفريق الشاذلى مذكراته عن الحرب والتى اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين أثتاء سير العمليات على الجبهة أدت إلى وأد النصر العسكرى والتسبب فى الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلى.
عاد إلى مصر عام 1992 بعد 14 عاماً قضاها فى المنفى بالجزائر وقبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن دون محاكمة رغم أن القانون المصرى ينص على أن الأحكام القضائية الصادرة غيابياً لابد أن تخضع لمحاكمة أخرى وذلك بتهمة نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه واعترف "الشاذلى" بارتكابها أما التهمة الثانية فهى إفشاء أسرار عسكرية فى كتابه وأنكر الشاذلى صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية. من أهم مؤلفات الفريق سعدالدين الشاذلي كتاب حرب أكتوبر والخيار العسكرى العربى والحرب الصليبية الثامنة وأربع سنوات فى السلك الدبلوماسية.!!