بقلم: جون ألفي
الوصفة بسيطة، إجعل صورة حسابك الخاص علي مواقع التواصل الاجتماعي " علم مصر " ، واسم مستعار يحمل كلمة ثورة او حرية او تحرير ، انتقد المجلس العسكري ، طالب بإعدام الفلول ، والمستحسن ان تكثر من ذكر كلمة شهداء ودماء الشهداء ، انت الان ثوري ومن شباب الثورة.
او أتخذ موقف معارض لكل من يعترضك ، واجعل صورة حسابك علي مواقع التواصل الاجتماعي مشروع النهضة او الرئيس مرسي ، وتكيل الاتهامات بالفلولية والعمالة والخيانة لكل من لا يتبني منهجك ، وناور في المواضيع ذات الحساسية العالية حتي تكون علي صواب دائماً فانت لا يمكن ان تخطئ ، ويا حبذا لو تكثر الاستشهاد بالآيات القرانية في احاديثك وردودك ، انت إذن إخواني.
والأسهل ان تنتقد كل من ذكرت عاليه حتي توصم بانك " فلول".
في مصر لم نعهد الإتقان في الصناعة المصرية ، فنستورد السواد الأعظم مما نستهلك من الخارج ، وبالتالي عدوي الجودة المصرية انتقلت الي السياسة ، والي الثورة ، فجودة ثورتنا آلت بنا الي الاستشهاد بكل ما حدث في الثورات التي سبقت نهوض العديد من القوي العظمي ، ونتندر علي حال ثورتنا ووضعنا السياسي ، ونتمني ان يؤول بنا الحال لبلاد شهدت ثورات واستقرت ونهضت وتقدمت.
ارتفع في عنان سماء التحرير -لمدة ١٨ يوم وقت الثورة - علم مصر فقط ، الان اصبحنا نشاهد اعلام مصر ، ورايات الاخوان الخضراء ، والسلفيين السوداء ، وحتي التحرير نفسه اصبح ميدان التيار الاسلامي " الملاكي" ، وتحول التيار المدني الي مدينة نصر ، وهذا هو حالنا الان ، انقسم الشعب الفذ صانع الثورة الي اقسام وفصائل لا تطيق بعضها البعض ، ويحاول كل فصيل إثبات وجوده بأي ثمن ولو علي حساب الشعب والوطن وحتي الثورة نفسها.
أتابع بحكم أني شاب من شباب هذا الوطن يوميا مواقع التواصل الاجتماعي ، وعليها آري كم المأساة التي اصبحنا فيها ، فالصفحات علي " فيس بوك " التي تطلق علي نفسها ثورية ومشرفيها يتباهوا انهم من شباب الثورة ، أراهم ينادوا بأقصي درجات الحرية والديموقراطية وفي نفس الوقت لا يطيقوا كلمة معارضه واحدة ضدهم ، فضلا عن افظع الألفاظ التي لا تعبر عن ثوريين بأي حال ، لذا اكتفيت بأن انتهج المشاهدة لا المشاركة ، فليست تلك السياسة الخلاقة التي كنت أتوقعها من شباب يطلق علي نفسة ثوري ولا يستطيع ان يثور علي "القمع" لمعارضيه بسياسة " البلوك".
حالة التشتت والانقسام التي نعاني منها منذ تنحي مبارك ، آري أسبابها ثلاثة ، المجلس العسكري الذي أدار مرحلة انتقالية متخبطة بكل السبل واتخذ قرار منفردا بتوقيع اتفاقية التوأمة بينه وبين الاخوان المسلمين وحزبهم معتبرا انهم الفصيل الوحيد القادر تنظيميا والطامع سياسيا ، ثاني الأسباب بالطبع جماعة الاخوان المسلمين التي طمعت واستحوذت وأقصت غيرها واعتبرت مصر مغنم الغنائم وكبراها اعلاءاً لمصلحتها اولا وآخراً ، ثالثا عدم توحد القوي الثورية وهي بشكل كبير مدنية وانشغالهم في موضوعات تافهه لا تعبر عن متطلبات شعب ثائر يبحث عن ثمار ثورته ولو معنوياً.
الكل يبحث عن مصلحته وفقط مصلحته ، والمصريين يدفعوا ثمن هذا التخبط وسيعانوا بلا منقذ الي ان تحل معجزة التوافق وتفضيل مصلحة الوطن قبل اي شئ ، انقسمنا الي ثوار وإخوان وسلفيين وجماعات اسلامية وليبراليين وعلمانيين ومسيحيين وعسكريين و" فلوليين" ، وكلٍ في وادي.
نقول ثورة ، ولكني اعتبرها " انتفاضة اجتماعية" تم تغليفها في قالب سياسي لمصلحة الاخوان ولا غيرهم ، فالثورة التي اعرفها ويعرفها الجميع هي التي تثور فتحكم ، تنتفض فينتفض لها كل الشعب وكل الشعب يمثّل فيها من برلمان منتخب ، ورئيس للشعب وليس لجماعه " وأصر انه رئيس تحركه الجماعه" ، ثورة لا يدير مرحلتها الانتقالية أشخاص ( مكلفين ) من النظام المخلوع ، ثورة عنوانها اقتلاع نظام سياسي كامل وليس إقصاء شخص متمثل في رئيس ، ثورة يعمل كل من قام عليها لتحقيق أهدافها التي لم نري اي منها حتي الان ، فنحن سعداء برئيس " مدني " لأول مره في تاريخ مصر ، و" تناسينا " انه ثاني اختيارات جماعته ، ودخل المنافسة ليس رغبة شخصية منه ولا لانه رأي نفسة كفء لهذا المنصب بل تلبية لأمر رجل تعهد واقسم له بالسمع والطاعة ، رئيس بتولي المنصب دون ان تلاحقه اتهامات " تسويد " بطاقات تصويت لصالحه ، او منع ناخبين من الإدلاء بأصواتهم ، هذا مع كامل احترامي وتقديري لشخص الدكتور / محمد مرسي.
إذن هذة ثورتنا التي نسميها ثورة قام ائتلاف شبابها بحل نفسه لانه عجز عن مواصلة الكفاح لتحقيق أهدافها ، واكتفوا بمواقع " الانترنت " لاقناعنا انهم مازالوا يعملون وتناسوا أيضاً ان التغيير الذي حدث ما كان ليحدث الا بنزولهم للشارع الذي تركوه لتيارات الاسلام السياسي تحت تصرفهم ولخدمة مصالحهم في تقاسم السلطة والمناصب ، فمن يبحث عن خدمة الوطن ينكر ذاته اولا ويقدم مصلحة بلاده علي نفسه ووقته وحياته ، لتصبح مقدرات الوطن الان بين يدي من كانوا يطالبوا بطرد سفير اميريكا ويتغنوا لزيارتهم الان ، ومن كان شغلهم الشاغل تحريم البيبسي والكوكاكولا ليصبح شغلهم الشاغل النهوض بالوطن من باب السياسة الثورية التي لا يفقهوا في مفرداتها اي معني بل اقل ما يوصفوا انهم " مراهقين " سياسياً يلهثوا وراء مكاسب مادية لا ترقي بنهضة مصر ، اصبح مصير الوطن بين يدي من ينفقوا ستمائة الف جنية مصري في خمسة شهور علي المنشطات الجنسية ، ليخرجوا علي الشعب بوجوب حجب المواقع الإباحية وتحريم اللغة الانجليزية ، فآية ثورة تقولون وأي نهضة تتوقعون وأي مستقبل مشرق تنتظرون يا من تعبثوا بلا رحمة بوطن اكثر من ٦٠٪ من شعبه يأكل الفقر جسده.
هو الله العزيز القدير امل البلاد والعباد ، من سيظل عينه ساهرة علي شعب سلّم نفسه ووطنه لمن لا يستحق ويقدر حجم المسئولية