بقلم نسيم عبيد عوض
أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين اليوم بيانا بمناسبة بدأ شهر الصيام رمضان ‘ ودعا د.محمد بديع " الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور إلى الإعتماد على القرآن الكريم فى صياغة الدستور الجديد للبلاد قائلا: القرآن يمثل المنهج المتكامل الذى يجب على الأمة أن تستند إليه فى صياغة دستورها". وكررأيضا بذكر شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن " وهو يمثل المنهج المتكامل الذى يجب على الأمة أن تستند إليه فى صياغة دستورها" ‘ ثم أشار بديع تحديدا "أن جماعة الإخوان المسلمين إتخذت شعارها (القرآن دستورنا ) من هذا المنطلق ‘ مشيرا إلى أن التغيير لا يتم إلا على صرح أخلاقى قوى متين وتغيير النفوس الضعيفة اليائسة المنهزمة من داخلها ‘ والجملة الأخيرة لم يوضح من هم الذين يقصدهم ‘ ولكن المعنى مفهوم أنهم كل من هو غير عضو بالجماعة ‘ وهذا لا يهمنا فى شيئ سوى إصراره على تطبيق الشريعة الإسلامية وتقننينها بالدستور .
وهو بالطبع ومعه كل التيارات والجماعات الإسلامية فى مصر تعمل بكل جهدها على تغيير دستور مصر المعمول به منذ أكثر من مائة عاما (بخلاف ماأدخله الرئيس المؤمن أنور السادات على دستور 1971) ‘ إلى دستور يعمل بأحكام الشريعة الإسلامية كما يحدث فى باكستان والسودان ‘ مع ملاحظة أنهم يصرون على الحكم على نظام الخلافة الإسلامية ‘لأنه مبدأ مقنن فى دستور جماعة الإخوان المسلمين ‘ ومع عدم إعترافنا بتشكيل اللجنة التأسيسية الحالية والتى دخل فى تشكيلها أعضاء من الشعب والشورى وهذا أمر مخالف للإعلان الدستورى ولكل الدساتير فى العالم كله ‘ ومتوقعا إلغائها إن آجلا أو عاجلا ‘أقول بدأت محاولت تغيير الدستور فى المادة الأولى بوضع لفظة الشورى بدلا من الديموقراطى‘ وعندما جاؤا للمادة الثانية بدأت المعركة حول لفظة مبادئ ‘مع العلم أنه بداخل المبادئ تختفى الأحكام بمعنى شمول كلمة المبادئ للأحكام ويمكن إستخدامها فى أى وقت لتقننين الأحكام حسب الشريعة الإسلامية وخصوصا مع مجلس شعب مثل المنحل ‘ومع ذلك أضافوا جملة (أن يكون الأزهر هو المرجعية عند تفسير كلمة مبادئ ) وقد تم الموافقة بأغلبية على المادة متضمنة ذلك وللأسف وافق الأقباط عليها ‘وهذا موضوع آخر لن نناقشه اليوم ‘ جائت المادة مبتورة ومعوقة للتنفيذ لأن مرجعيةتفسير الدساتير هو القضاء ويمثله فى مصر المحكمة الدستورية العليا لتفسير أى بند مختلف على تفسيره ‘ وفى المادة الثالثة أصروا على تغيير السيادة للأمة الى السيادة لله ‘ وأعتقد أنهم مازالوا عند هذه الفقرة واقفون .
ومع وجود جماعةالإخوان المسلمين فى الإستمرار فى خطف مصر تحت عباءتها ‘ والهيمنة على كل مكونات الدولة من مؤسسات وسياسات ‘وإختراق الأمن والجيش والإقتصاد ولنا مثل فيما يفعله الشاطر نائب المرشد العام للجماعة ‘ يغزو السوق المصرى وينشئ الشركات ويتصرف ولم يوقفه أحد حتى يسأله عن موافقات الجهات المختصة ‘ فهو يقول اليوم عن مشروعة وينفذه ثانى يوم وبدون أن يعترضه أحد ‘وهذا دليل واضح أن الأمور متروكة بين أيدى هؤلاء الجماعة ‘ وعلى الرغم أنهم فى تلك التصرفات يتجاهلون تماما وجود الأقباط فى مصر ‘ ولنا مثلهم تماما كافة الحقوق فى ثروة مصر التى هى أصلا ملكنا والتى تنتزع منا فى كل مناسبة وآخرها تأميم ثروة الأقباط فى أوائل السينات (وكانت تمثل 75%من ثروة مصر الإقتصادية) ‘ ثم عادت وخصخصتها بالبيع للقطاع الخاص ولم تفكر أن تعوض الأقباط أصحاب هذه الثروات. والأخطر والمهم هو محاولة إستيلائهم على مؤسسات التشريع ‘ليقننوا مايحلوا لهم من قوانين .
وعلى الرغم مماعاناة الأقباط من حكم الولاة المسلمين وآخرهم محمد حسنى مبارك ‘من قتل وخطف وأسلمة بالقوة ‘وحرق ممتلكات وسلب ونهب وإغتصاب ومجموع الجرائم الإنسانية التى حدثت لأهل البلاد الحقيقيين فى السنوات الأربعين الأخيرة كانت كفيلة وحدها للعرض على الأمم المتحدة لإتخاذ قرارات حاسمة أو تقضى بما هو عادل لشعب مسجون ومقهور داخل جدران بلده ‘ إلا أن أغلبية شعبنا وأنا واحد منهم رفضنا فكرة الدولة المستقلة ‘ والتدويل والحكم الذاتى وكل أفكار عزل المواطن القبطى عن بلده ‘ رغم أن شيوخ هؤلاء المتطرفين وهم كثرة هذه الأيام يدفعوننا دفعا للهجرة من بلدنا ‘ ولكننا حتى الآن نقاوم هجرة الأقباط وخصوصا مع تسهيل الدول الكبرى للجوء إليها ‘ فالعملية لا تستغرق ساعة واحدة أمام مكاتب الهجرة ويمنح القبطى اللجوء ‘ وفقا لمايحدث من التيارات الإسلامية ضد الأقباط . ولكن كل ماحدث شيئ يمكن قبوله إلا تغيير دستور الدولة إلى دستور طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية وبالتالى تنفيذ الحدود ‘ فهذا غير مقبول بالمرة ‘وإستحالة قبول الأقباط لهذا النظام ‘ لأنه على الأقل لايحترم وجود هذا القطاع المكون لشعب مصر ‘ولن نوافق على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على مسيحي مصر ‘ وهكذا سنكون مضطرين مع إعتبار أننا لا ولن نوافق على ترك أرضنا وطين أجدادنا ‘وسنلجأ الى التوجه للهيئات الدولية وسيكون ذلك حق مشروع لنا ‘ بل وأن البعض يخطط لذلك ويستغل غباء التيارات الأسلامية فى تقسيم مصر ‘ أقول أننا سيكون أمامنا طريق واحد لاغير وهو الحكم الذاتى فى دولة مستقلة داخل أرضنا ‘ وفى هذه الحالة سنطالب بحقنا فى ثروة مصر وكل مواردها الإقتصادية من مناجم الذهب ألى دخل قناة السويس ومناجم البترول الى حد نقل آثار أجدادنا الفراعنة معنا ‘ واليونسكو قام بهذا النقل سابقا ‘سيكون الأمر صعبا وسنتحمله مرغمين ‘ وخصوصا أنه تم تنفيذه فى جنوب السودان . وأقول الصدق أننى طوال حياتى كنت أرفض هذا الحل ولكننا لن نعيش تحت حكم الشريعة الإسلامية وتنفيذ أحكامها علينا ‘ فهذا من رابع المستحيلات .
والحل فى عدم لجوئنا الى ذلك من قبل هو تصدى الجميع لشق الوطن وتقسيمة ‘والحل الوحيد لذلك منع جماعة الإخوان المسلمين للوصول للسلطة فى مصر ونحن قد بدأنا ومستعدين من اليوم لمحاربة سيطرتها على مصر بهذا الأسلوب الطائفى والعمل سريعا على تقننين الدولة الحديثةبكل أركانها والقضاء على كل الطرق التى تنفتح أمام التيارات الإسلامية لخطف مصر فى شباكها وتغيير الحكم لدولة دينية وهذا خيار أمام كل المخلصيين فى مصر لأن الأقباط هم رمانة الميزان فى مصر كما سماهم أحدهم وهم عناصر من نسيج الوطن سيكون سحب خيوطة طوليا وعرضيا تمزيقا لجسد مصر كلها ولكن الخيار صعبا وقاسيا لأنه إزهاق لدولة عاشت مدنية أكثر من 7ألاف سنة ثم يأتى من يحجمها داخل نقاب الدين الإسلامى دون مشاركة من يدينون بالمسيحية فيها وأنا أعلم أن الكثيرين لن يقبل ماقلته ولكن صدقونى أن الأغلبية القبطية اليوم بدات تتفق على هذه الخطوات أمام سيطرة التيارات الإسلامية على مسار الأمور فى مصر ومع إيمانى الصادق والكامل أن إلهنا الصالح لن يقبل لشعبه المبارك منه أن يتعرض للتمزيق ونحن نترك بين يدية المشيئةوالإختيار لما هو صالح لمصر ‘وفى الخضوع لإرادته سننتظر لما سيحدث وعندئذ نعاود الحديث.