الأقباط متحدون - النيل والأقباط
أخر تحديث ٠٥:٠٦ | الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢ | ١٢ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٢٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

النيل والأقباط

 بقلم: لطيف شاكر

في احدي حلقات برنامج مصر الي لانعرفها الذي كنت اعده واقدمه وجهت سؤالا  الي ضيفي الكريم  عن ربط الاقباط بالنيل وطبقا لما ردده الكاتب الكبير الاستاذ محمد حسنين هيكل انه لابد من وضع ملفي الاقباط والنيل علي مكتب اي رئيس لمصر.


ولا اعرف هل  جاء بملفي  الاقباط والنيل معا علي سبيل الصدفة او ربما عن قصد كانهما مرتبطان ببعضهما .
 
وبالرغم من ذكاء الضيف المفرط الا انه لم يدرك مغزي السؤال وكانت اجابته منفصلة عن الاقباط والنيل فقد ذكر عن الاقباط:
 
 الإنسان في مصر هو القبط أو الأقباط الذى صنع الحضارة العظيمة على أرض مصر أو دار القبط, منذ فجر التاريخ (3200 قبل الميلاد) وحتى سنة 641 ميلادية تاريخ الغزو العربى لمصر , وهو نفسه الزمن التاريخى للشعب المصرى المسيحى (القبطى) , ثم بعد ذلك الزمان وحتى العصر الحديث.
فالمصريون الموجودون على كافة أرض مصر , ومنذ دب الإنسان بقدمه على أرض وادى النيل , وحتى القرن السابع الميلادى , هم الأقباط , وبعد ذلك الزمان هم المصريون المسيحيون من سكان مصر وحتى الآن ...
 
وهذه التسمية " أقباط" التصقت بهم بعد دخول العرب مصر , دون غيرهم من باقى السكان , بسبب ديانتهم المسيحية, مع ان تاريخ الأقباط ماهو إلا تاريخ مصر كلها , مع إرتباطه بتاريخ الكنيسة القبطية.
 
وحتى دخول العرب , فقد ظهرت معالم جديدة تميزت بها كحضارة قبطية لها خطوطها البارزة والفريدة.
 
اما عن النيل فاجاب سيادته ان  هيرودوت قال  ان مصر هبة النيل  دا كلام صحيح لحد دلوقتي بعد اكتر من الفين سنة من كتابته، النيل هو السبب الرئيسي ورا حضارة مصر العظيمة وهو الحاجة الوحيدة اللي بتفرق مصر عن بقية دول شمال افريقيا ولولاه كانت مصر مجرد صحرا و رمل من-غير بداية ولا نهاية. لكن رغم كدا النيل كان بيعدى مناطق كتيره قبل ما يوصل مصر لكن ما ظهرتش فيها حضاره عظيمه زى حضارة مصر. المصريون القدامي من العصر الحجري و هم مرتبطين في كل حياتهم بنهر النيل يعني من اكتر من سبعة الاف سنة و المصريين مستقرين على ضفاف نهر النيل..
 
النهر دا هو اللي حول الارض على الجنبين من ارض صحراويةالي ارض من اكتر اراضي العالم ف الخصوبة و الانتاجية الزراعية ومن زمان اوي و المصريين اتحولوا من ثقافة الرعي لثقافة الزرع ودا وفر ليهم الغذا بشكل وفير و خصوصا القمح (تجارة القمح مع الدول و الشعوب المجاورة لمصر ساعد في دعم الاقتصاد المصري) والحبوب بشكل عام، كمان قدرو يربو حيواناتهم زي الجاموس و البقر و الجمال اللي استعملو لحومها في الاكل و استعملو ضهورها في النقل و التواصل. نهر النيل كان وسيلة مهمة من ايام الفراعنة للنقل النهري للبضايع و الناس من الجنوب للشمال و العكس.
وحقيقة كانت  اجابات مقنعة لو كان هو مغزي السؤال ولكن كان قصدي مخالفا تماما لاجابته والهدف من سؤالي هو ربما الصدفة التي ربطت بين الاقباط والنيل عندما طرح الاستاذ هيكل هذا الطرح الهام امام رئيس مصر هو حقيقة الترابط بينهما  ويصح المثل القائل
 
صدفه غريبه والحقيقه ماعلى الدنيا غريـب   يازينها صدفه بـلا سابـق وعـد يازينهـا  
 
وهنا يسمح لي القارئ ان اضرب بعض الامثلة لاوضح ربط النيل بالاقباط  او مغزي السؤال:
في عهد المستنصر بالله  الفاطمي  شحت مياه النيل وقلت في المجري المخصص للنهر العظيم وعم القحط نواحي مصر بسبب بناء الاحباش سدود علي النيل في بلادهم منعت تدفق الماء علي مصر .فبعث المستنصر بالبطريرك ميخائيل الي الحبشة حمله بهدايا للنجاشي حاكم الحبش وتكلم البطريرك مع النجاشي فوافق علي فتح سد كان حائلا دون تدفق مياه النيل, واتحسنت العلاقات مابين مصر والحبشة وبالتالي انسحيت هذه العلاقة علي الاقباط بعد ان عانوا اشد المعاناة من الجور والظلم وتثقيلهم بانواع عديدة من الجزية والجباية المتعددة , وجرت مياه النيل بالخير لكل المصريين وانتعشت البلاد وانتشر السلام بين ربوع مصر.
 
وتكرر شح المياه ايام المماليك  وكانوا قساة علي الاقباط  واذلوهم ,  وعم الجفاف والقحط في البلاد واضطروا الي دفع البطريرك للتوسط مع حاكم الحبشة ونجح في حل مشكلة المياه وتدفقت المياه حاملة البركات والنعم بعد القحط الشديد .
 
وفي عهد سعيد باشا الذي حكم مصر عام  1845 وكان متعصبا للاقباط في اول حكمه وفي عهده كاد يجف مياه النيل وهدد مصر بالعطش والموت,  فبعث الخديو سعيد بالبابا كيرلس الرابع لحل مشكلة المياه  واستطاع البابا كيرلس بحكمته الرصينة  حل هذه المشكلة التي كانت ستسبب في  موت الكثيرين عطشا وتبوير الاراضي ونفوق المواشي .
 
وهكذا كلما حلت مشكلة  جفاف مياه نهر النيل  وتهديد شعب مصر بالموت عطشا وتحويل خصوبة الارض الي  التصحر يطلبون وساطة البابا للتدخل مع حكام اثيوبيا(بلد المنبع) لحل المشكلة وفي كل مرة يستجيب  رئيس الحبشة بكلام البابا وتنفرج ازمة الشعب المصري ويخلد الي الراحة ويعم السلام في الوطن.
 
وكانت العلاقات الأثيوبيه المصريه في أزهي صورها في عصر الرئيس جمال عبد الناصر لان مصر كانت لديها ورقه عظيمه تلعب بها بل كانت تحسن اللعب بها آنذاك وهي الورقه الدينيه. 
 
فأثيوبيا في ذاك الوقت كانت تابعه للكنيسه الأرثذوكسيه المصريه بل وكانت الكنيسه الأم في مصر ترسل القساوسه من مصر للعمل في الكنائس الأثيوبيه, وكان للبابا السابق البابا كيرلس علاقات شخصيه بالإمبراطور هيلاسلاسي و كثيرا ما كان الرئيس جمال عبد الناصر يوظفها في خدمه المصالح المشتركه ,وكانت تتم دعوه الامبراطور هيلاسلاسي في إفتتاح الكنائس في مصر وكان البابا أيضا يفتتح الكنائس في أثيوبيا .
وبالتالي كانت العلاقات أكثر من ممتازه خاصه وأنها كانت مؤازرة بروابط دينيه وادت الي حلول مستمرة لمشكلة مياه النيل التي تؤرق مصر وشعبها في كل وقت..
 
وعندما تولي ابو الغيط وزارة الخارجية في عهد المخلوع حسني مبارك وكانا كلاهما يتمتعين  بقدر كبير من الغباء والاستعلاء الفارغ  علي شركاء حوض نهر النيل وبلاد  المنبع وانصرافهم الي العرب لكسب ودهم والعروبة الزائفة استطاعت اسرائيل الاستفادة  بهذا المناخ وامتدت يدها الي مصادر النيل  لتسيطر علي شريان نهر النيل  بالمشروعات الضخمة المائية والاستثمارات الهائلة النيلية والافكار الجهنمية السدودية.
ولابد لنا من نوبة صحيان واللعب علي وتر العلاقات بين  الكنيستين القبطية والاثيوبية فالكنيسة الاثيوبية  بمثابة الابن البكر لكنيسة مارمرقس وهما  يتبادلان الاحترام والتوقير ويكن الشعب والكنيسة  الاثيوبية  كل الود والمحبة والطاعة لكنيسة مصر . والمثل يقول  (اللي تغلب بيه العب بيه) لان مشكلة المياه ستكون صدمة كبيرة وعائقا حقيقيا علي النمو الاقتصادي وعلي امن مصر وحياة الشعب في القريب العاجل واسألوا خبراء المياه حتي لانصطدم بالواقع المرير والمستقبل الخطير والمخطط الشرير.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter