الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: مينا ملاك عازر
انتقلت مصر من مرحلة الإرهاب الدموي قبل الثورة بالتفجيرات سواء على أيدي أمن الدولة أو على أيدي حبايبنا المتطرفين إلى مرحلة الإربهاب السلمي بعد الثورة على أيدي متظاهرين يرهبون القضاء، وأرهبوا المجلس العسكري، اعتصموا حتى تولى مرسي، ويتظاهروا حتى تبقى التأسيسية حتى دفعوا رئيس محكمة القضاء الإداري لأن يقول أن ما يتعرض له القضاة إرهاباً!!!
وليس كل الإرهاب بالدم والسلاح، وإنما فيه إرهاب للفكر والقرار وذلك بالضغط بكل الوسائل، وإن كان من معك قادرين على النوم في الخيام فاعلم أن البلد لك، والقضاء إن لم يخضع لنزواتك الدستورية والقانونية فهو مسيس، والمجلس العسكري إن لم يعلن فوز مرشحك فخليها ولعة، وده كله عشان فرعون ما لقاش حد يلمه من أول يوم حرق كنيسة صول، ولم يجد من يضرب على يده ويحاسبه اشربوا بقى.
قامت الثورة وأول مطالبها حرية ولم تنادي أكيد بتقويض صروح الحرية، وإنما ارتفاع اسقفها، وكل ما جرى أن صارت الحرية مباحة لكل من يحشد مظاهرة، ومقيدة لكل عاجز عن حشد عدد من البشر حتى ولو كان على حق، هل هذه الحرية التي مات لأجلها الشهداء؟ أم أنها حرية على المقاس؟ حرية على الدواق؟ إتفضل حضرتك ذوق الحرية دي، هذه حرية بطعم سوداني أتت على طائرة الرئيس، لا تدع لعابك يجري هكذا، فهناك حرية سعودي لم تأتي معه، يبدو لأن مكاناً على طائرة الرئيس لم يكن متاح، كما أن هناك رائحة حرية بمعتقالات مصر نفسها بنكهة المجلس العسكري يعجز أي أحد من أولائك المتحتشدين للضغط على القضاء أن يطالب بحرية أولائك المعتقلين المصريين بالسجون المصرية، ولا تقل لي لماذا؟ فأنا لا أعلم لكن ما أعلمه أن تلك الحرية لا تهمهم، فقط ما يهمهم حرية القضاء، تلك الحرية التي تناسبهم، أما حرية الساسة والنشطاء الذين بذلوا حريتهم في اعتصمات أدت بهم إلى كراسيهم الحالية، فلا قيمة لها وطعمها لا يعجبهم.
حرية للبيع، مبادئ للبيع، ناد بحريتك ولا تعبء بحرية الآخرين، لأن الآخرين لن يقدموا لك أكثر مما قدموا، ولا مانع أن يقدموا حريتهم قربان مقابل ما تريده من حرية لنفسك، ترضي نزواتك، وتشبع نهمك للسلطة، فقط عليك أن تُطمئن الجميع قائلاً سأعطيهم حريتهم لا تقلق لكن في الوقت الذي يناسبني، ويؤمن لي مطالبي، حرية أولائك المعتقلين في معتقلات مصر والسعودية، حرية سيأتي وقتها حين أجد نفسي بحاجة للمساومة عليها في أمر آخر.
وانتبه، أن الحليم متى يغضب سيتكأ على القانون لردعك. نعم، سيتكأ على ذات القانون الذي لا يحترمه في سبيل إرضاء أطماع وشهوات ورغبات الجماعة، فالقانون سيكون لعبة في أيدي الحليم الذي اتقاء شره خير لك من اتقاء الله، ومن اتقائه هو نفسه لله في شعب في رقبته سيحاسب عليه يوم الدين
المختصر المفيد الحرية تاج على رؤوس المحتشدين، لا يراه إلا غير القادرين على الاحتشاد.