د. مينا ملاك عازر
توقفنا المقال السابق، عند وعد باستئناف الحديث حول تفاصيل تشغيل مجمع الحديد والصلب، ما يمكننا ذكره وقبول الجميع من غير المتخصصين فهمه، وهنا نبر بوعدنا، ونستأنف الحديث لعلنا نفاجأ بمزيد من التفاصيل غير الإنتاجية والأحداث الحالية، لنعرف أين نحن من ذلك المجمع المتكامل؟
ويجدر بنا الإشارة هنا، إلى أن المشروع اعتمد في إنتاجه على خامات الحديد المتوافرة بكثرة في مناجم أسوان "والتي قدرت مساحتها بـ1250 كيلو متراً مربعاً، فبالإضافة إلى جودة الخام المستخرج منها تعتبر أقرب مصادر الخامات المصرية إلى طرق المواصلات، كما اعتمد على خام الحديد المتوفر أيضاً في الواحات البحرية والبحر الأحمر، وقد بلغ إنتاج المصنع - آنذاك - ما يقرب من 210 آلاف طن ليصل إلى 1.5 مليون طن في فترة السبعينيات من الصلب المشكل على هيئة ألواح مختلفة الأحجام والسمك وقضبان وفلنكات حديدية وبلنجات السكك الحديدية، بالإضافة إلى الزوايا والكمرات والستائر الحديدية وأنابيب ومستودعات البترول وغيرها من احتياجات الصناعات المختلفة والتي كنا نستوردها سنوياً، كذلك أنتج المصنع منتجات أخرى ذات قيمة اقتصادية كبيرة منها السماد الفسفوري، حيث الأفران العالية الذي يستخدم في صناعة الأسمنت وكذلك كميات هائلة من غاز الأفران الذي استخدم لتشغيل بعض الآلات في المصنع ذاته، كما استخدم في توليد الكهرباء.
وفي هذه الفقرة نلتقي بالوضع القريب من اللحظة لعلنا نقترب من لحظة الحقيقة والمواجهة مع النفس، إذ يبلغ عدد أسهم الشركة الحالي 488,436,139 بقيمة إسمية جنيهان للسهم الواحد وتبلغ القيمة السوقية 6,630 مليار جنيه مصري، رأس المال المصدر 976,872,278 جنيه مصري، اظهرت نتائج أعمال الشركة خلال النصف الأول من أحد الأعوام المالية تحقيق خسائر بلغت 311.6 مليون جنيه.
طبعا لست في حاجة مطلقا لسرد ديون المجمع التي وصلت بحسب رأي الحكومة لتسع مليارات جنيه، ويقال أن كل عام يمر على المجمع تزيد الخسائر مليارين من الجنيهات لكن ما أنا بحاجة إليه هو سؤال واحد حاسم وواقعي، ومن حقي أن أسأله، مجمع متكامل بهذه الإمكانيات إن لم يكن يدر علينا أرباح ويستمر في نجاحه فكيف وصل به الحال لهذا الوضع؟ ولماذا؟ ومن نحاسبه على هذه الخسارة القومية ولمصلحة من؟ عفوا لم يمكن ما سبق سؤال واحد كما قلت نعم، كما لم يكن بالسهل أبدا التخلي عن مجمع متكامل الأول في العالم العربي لمصالح بعض رجال الأعمال الذين تلذذوا بإسقاطه، بيد الدولة والحكومات المتعاقبة حتى بات من الضروري بحسب رأي حكومتنا التي لا أثق أبداً في ما تقوله أن يحل ويباع ونتخلى عنه،
تسألني لماذا لا أثق بالحكومة؟ أسألك عن مصير ما قيل من تعاقدات مصرية مع شركات لقاح كورونا الأمريكية والإنجليزية؟ واسألك كيف كنا قد تعاقدنا بالفعل كما صرحوا والآن نتسول من يتبرع لنا من رجال أعمال وصناديق مالية لنحمي موانينا، وكمان مش من اللقاحين السابقين وإنما من لقاح صيني كيف أصدق حكومة كهذه.
المختصر المفيد قصص الفخار لا تنتهي لكن المؤسف أن معظمها تنتهي بنهايات مخزية.