الأقباط متحدون - أنا آسف... مش هاعمل كدة تانى!
أخر تحديث ٠١:٣٢ | الاربعاء ١١ يوليو ٢٠١٢ | ٤ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

أنا آسف... مش هاعمل كدة تانى!

بقلم : حنان بديع ساويرس
لاحظنا فى الآونة الآخيرة ولا سيما بعد إنتهاء المعركة الإنتخابية مُباشرة والتى تم حَسمِها لصالح د. مرسى وإعلانه رئيساً للبلاد ، أقول قد لاحظنا مؤشر خطير يُنذر بإنحدار مُجتمعى وتطفل سافر على حريات الغير من البعض إلا وهو التحرش بالفتيات والنساء ، ولا سيما الغير مُحجبات واللاتى مُعظمهن من القبطيات ، ولكن لم تسلم أيضاً من هذه التحرشات حتى المُحجبات فيبدوا أن الحجاب وحده فى المرحلة القادمة ليس بكافِ!!          
 
 ورغم أن د. مرسى أثناء حملته الإنتخابية صرح بأنه لن يفرض الحجاب أو النقاب على المرأة المصرية إلا ولا أعلم ما هى العلاقة بين فوزه وإنتشار هذه الظاهرة فى الشارع المصرى!! فعند إعلان  فوزه مُباشرة خرج الكثير من الشباب  لمُضايقة الفتيات وبث الذعر فى نفوسهن قائلين لهن " أهو جيه اللى هايربيكم ويعلمكم الحشمة" وهذه ليس بشائعات لأن الكثيرات تعرضن لمثل هذه النوعية من المُضايقات وقد سمعت من بعضهن بنفسى ، والغريب كما قلت سابقاً أن هذا الكلام قيل لكثيرات من المُحجبات فلا أدرى ما هو مفهوم الحشمة بالتحديد الذى يُريدونه هؤلاء  من غالبية مُحجبة لا يظهر منهن شئ سوى وجوههن ، أما عن القبطيات والقليلات من المُسلمات الغير مُحجبات فزيهن ليس بخارج لأن الزى العام فرض نوع من الحشمة التلقائية على غير المُحجبات فالنساء بمصر مُعظمهن يرتدن البنطال وهذا لا يُظهر أى شئ من جسد المرأة أيضاً كالحجاب بصرف النظر عن غطاء الرأس.
 
فمن عاصر ستينيات وسبعينيات القرن الماضى يعلم كل العلم مدى إحتشام  نساء مصر حالياً ، ولا أقصد من ذلك أن المرأة فى تلك الزمن الجميل كانت غير مُحتشمة فحسب بل كان الزى يُناسب الزمن ويفرض نفسه فكانت الأزياء مفتوحة وبدون أكمام وقصيرة وكان الرجال حينها لايرون فى هذا تجاوز أو عرى ولا ينظرون للمرأة نظرات الشهوة التى أعتدنا رؤيتها فى عيون الكثير من الرجال فى عصرنا الحالى ولاسيما مع زيادة الإحتشام مابين حجاب ونقاب فالمثل يقول  " الممنوع مرغوب" فيبدوا أنه كلما زادت المرأة إحتشاماً وأخفت جسدها كله وراء الثياب كلما إزداد التحرش بها وإزدياد إهتمام الرجال بعالم المرأة وإتهامها بإثارة غرائزهم ، وكأنه لا يتبقى لهم سوى أن يطلبوا أن تختفى المرأة من على وجه الكرة الأرضية حتى لا تثيرغرائزهم بمفاتنها المُستترة تحت الحجاب والنقاب ، فبدلاً من أن يتحكموا فى غرائزهم يُريدون التحكم فى المرأة بلا حدود ، وكأنها كائن تابع لا يرون منه سوى الجنس والشهوات والغرائز فهل يُريدون دفن المرأة ووأدها حية ؟! فلو إستسلمت المرأة المصرية لهذه الأفكار لباتت حية فى عِداد الأموات ، فما أتفه إهتمامات هؤلاء الشباب الصارخين فى وجوه النساء مُتصنعين الفضيلة فالذى لا شك فيه أن مُعظمهم من البلطجية والعاطلين فلا يوجد لديهم إهتمامات أو عمل سوى التركيز مع المرأة وسيرها وسلوكها وملابسها وأشياء غريبة جداً لا تنم عن شئ سوى فراغ قاتل فيفرغون طاقاتهم فى ترويع النساء ، والإعتداء على حرية الآخرين وبكل جرأة وتبجح وغوغائية .
 
 - فهل حملة الترويع هذه من هؤلاء المُتعطلين هدفها مثلا ترويع المرأة  لإقصاءها وإبعادها عن الحياة العامة  ليجد هؤلاء المُتعطلين فرص عمل على حسابها بعد إبقاءها بالمنزل فى إنتظار سى السيد ، فلو كان هذا هو تفكير هؤلاء وهذا الغرض الأساسى  من ترويع الفتيات والنساء  فأرى أن هذه مؤامرة دنيئة على المرأة المصرية ، بل على مصر ذاتها لأن المرأة المصرية هى نصف المُجتمع المصرى ، بل هناك الكثير من البيوت مفتوحة بعمل المرأة فالكثيرات من النساء بمصر تأوى عائلات بأكملها بما فيها من ذكور سواء أب أو أخ أو حتى زوج فى كثير من الحالات بسبب مرضه أو ما شابه ذلك ، فهل تتشرد هذه الأسر حتى يشعر هؤلاء العاطلين بالرجولة المُصطنعة ، لأن هؤلاء بالطبع ليسوا برجال فقد تعلمناها مُنذ حداثتنا هكذا .. أن الرجل الحقيقى لا تمتد يده لضرب أمرأة أو سبها كما فعل بعضهم مع كثير من الفتيات ، فهذا أسلوب الضُعفاء والذين يشعرون بالدونية وتفوق المرأة عليهم فى مجالات كثيرة فأمتلأت صدورهم بالحقد نحوها ، فيستعيضوا عن نقصهم بهذا العنف المعنوى والمادى الذى يُمارسونه على المرأة ، فبدلاً من أن يبذلوا مجهوداً ليتفوقوا ، فالأسهل أن يقوموا بإقصاء المرأة وإهانتها والتقليل من شأنها ليستولوا على مكانها ومكانتها .
 
- أما لو كان الهدف من هذا الترويع  هو فرض النقاب على نساء مصر ولا سيما أنه يتم التحرش حتى بالمُحجبات الى أن وصل الأمر إلى ذروته بالتعدى على بعضهن بالضرب ، فأعتقد أن هؤلاء  المُتطرفون فكرياً هم من أصحاب الفكر الوهابى والذين يُريدون السير على نهج السعودية فى الوقت التى بدأت فيه أميرات السعودية خلع الحجاب نرى مصر تبدأ عصرها الذهبى فى قمع الحريات أى أننا سنعود للوراء مئات السنون وآلاف الأميال فلا أدرى لمصلحة من هذا؟؟!!
 
- وكل هذا فى كفة وما حدث للشاب أحمد حسين عيد الطالب بكلية الهندسة فى كفة آخرى والذى كان برفقة خطيبته يتجولان على الكورنيش أمام سينما رينانس بمدينة السويس وحينها ظهر ثلاث أشخاص مُلتحون وبدأوا بالتحدث مع الفتاة وسؤالها ما سبب سيرهم برفقة بعضهما البعض وعندما رد عليهم أحمد بأنها خطيبته ومُتجه لتوصيلها إلى موقف السيارات قاموا بُمطالبة الفتاة بترك خطيبها والذهاب إلى منزلها بمُفردها وعندما أعترض أحمد على تدخلهم السافر فى خصوصياتهم فأنهالوا عليه بالضرب بسيف حيث قطعوا له شريان بضربة بين ساقيه حسب ما جاء بمعظم الصحف .
 
- فما ذنب هذا الشاب الذى لا يتخطى من العمر أثنان وعشرون ربيعاً وماذا أقترف لتنتهى حياته فى لحظة غدر من أيدى آثمة غاشمة ، فهؤلاء المُجرمون المُتطرفون قاتلى الأبرياء قيل عنهم أنهم تابعين لهيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المُنكر فلو كان هذا بالفعل صحيح وهناك هيئة بمصر تحت هذا المُسمى فأريد أن أقول لهم أى مُنكر ممكن أن يحدث أكثر من أن تزهقوا نفس إنسان بدون أى ذنب له سوى أن حظه العاثر جعله يتقابل معكم فى ذات الليلة المشئومة , فتحرقوا قلوب ذويه عليه ، وأى معروف هذا فى سفك دماء بريئة  ، ولماذا رد الفعل أعظم من الفعل ، فمن لم يتأثر عندما صرخ والد أحمد باكياً قائلاً "هاعمل لأحمد زفة عريس فى جنازته عشان معرفتش أعملها له وهو عريس ومفرحتش بيه" 
 
- وهنا سؤال يطرح نفسه ، هل من حق أى مخلوق على وجه الأرض أن يسأل مواطن مثله " أنت رايح فين ، أو أنت ماشى معها ليه ، أو تقرب لها أيه ؟ أنا أعرف أن هذا ممكن حدوثه أحياناً من الشرطة فى حالة الإشتباه فى بعض الأشخاص ومع ذلك كنا نشكو من ذلك فى "النظام السابق" رغم أنه ربما يكون للشرطة بعض الحق فى أن تسأل من تشتبه بهم لدواعِ أمنية ، لكن هل يُعقل أن أكون فى طريقى برفقة أخ أو قريب من أى درجة أو حتى زميل عمل أو دراسة ويتدخل أحد بسؤالى عن مدى القرابة ويأمرنى بتركه وإلا يكون القتل عقاباً على عدم الرضوخ ؟؟!!  ، فهل هذه من إنجازات ثورة يناير العظيمة!! وهى كبت وقمع الحريات ، فأعرف أن من يسير بالشارع "أى يسير على الملأ" من المُستحيل أن  يفعل شئ غير أخلاقى ولا سيما أن كان يسيرعلى الأقدام  وحتى لو حدث ذلك فليس من حق أى مخلوق أن يُهذب أخلاق من بالشارع تحت أى مُسمى أو يقوم بسؤالهم أو مُعاقبتهم سوى الشرطة التى تقوم بدورها الطبيعى وليس بقتلها للمواطنين الخارجين عن حدود الآداب لو صح إدعاءهم .
- ولكن ما يثير مشاعر الحسرة والأسى الا وهو تصريح وزير الداخلية بأن لو كان أحمد أعتذر لهم ما كانوا قتلوه !! فهل معنى ذلك أنه يعطى هؤلاء حق السؤال وإقتحام خصوصيات العباد فى الشوارع ، ولذلك يجب أن يعتذر لهم من يعترضوا على سلوكياته وإلا ...  !!  
 
-  فهل نعتبر أن هذا تصريح ضمنى بأننا أصبحنا فى غابة وأن من يريد أن يفعل ما يشاء بالمواطنين بالشارع يفعل ما يحلو له، وعلى المواطن السمع والطاعة بل الإعتذار والخنوع!! بمعنى أن أى شاب يسير برفقة خطيبته أو أخته أو أى قريبة له من أى نوع يجب عليه أن يتخلى عن نخوته ويدفع بقريبته للشارع  حسب أوامر من ليس لهم حق الأمر أو النهى ويفعل بالضبط مثلما فعل " محمد هنيدى" فى أحد أفلامه من باب الكوميديا الساخرة عندما كان يسير برفقة خطيبته وهاجمهم بعض البلطجية وأرادوا أخذها منه وإغتصابها وعندما حاول الدفاع عنها فقاموا بتهديده بالقتل إن لم يتركها لهم ، فتركها قائلاً " خذوها أنا معرفهاش أصلاً " فأصبحت الكوميديا فى هذا المشهد السينمائى الذى أعتبرناه  خيال كاتب السيناريو والذى نضحك منه ساخرين من فرط عدم معقوليته ، أصبح واقع مفروض علينا أن نعيشه بحسب تصريحات وزير الداخلية ، فالمفروض أن يقتدى الشباب المصرى من الآن  ببطل الفيلم الذى ترك خطيبته لينجو بحياته فأصبح المشهد حقيقى ولكن الكوميديا سوداء فوزير الداخلية  يريد أن يكون هذا المشهد الساخر هو واقعنا الحالى فتصريحه هذا ليس له معنى سوى أنه يعلن بشكل غير مُباشر على أن ما حدث سيكون واقعنا ومُستقبلنا الأليم وإما إسترضاء وإستعطاف المُتطرفون والإعتذار لهم عن تدخلهم فيما لا يعنيهم ولا مانع أن يقول لهم المواطن " معلش أنا أسف مش هاعمل كدة تانى" وإما القتل سيكون المصير المحتوم.
 
فهذا مؤشر لمزيد من الجرائم والتدخل فى شئون المواطنين حتى نجد الحالات الفردية ظاهرة وأمر واقع يحرق الحريات فينهار معها وطن بأكمله ، فأسألك يا سيادة الوزير كيف تريد من الخطيب أن يترك لهم خطيبته  فربما من أستوقفوا الخطيبين هم من يشكلون خطر على الفتاة ويريدوا إختطافها ، وكيف يتركها خطيبها تسير بمفردها ليلاً  كما طلبوا منه لتصبح عُرضة لمخاطر الطريق وأول هذه المخاطر هم هؤلاء القتلة ،  فهل سيادة الوزير يريد أن يتخلى المصريون عن كرامتهم ونخوتهم ورجولتهم حتى يزيد المُتطرف تطرفاً فهل لا تتركوا لنا حتى ماء الوجه وغيرة الشباب على أعراضهم فلم تفكر فى شعور هذا الشاب وهو فى حالة إنكسار وإهدار لكرامته أمام زوجة المُستقبل وهى تنشد فيه الرجل الذى يحميها.
 
فكيف يعتذر لمن ليس له الحق فى السؤال حتى يكون له الحق فى أن يُعتذر له، فقد وضعت نفسى موقف هذا الشاب وما كانت عليه مشاعره وهو يحاول الدفاع عن خطيبته وأن يقف أمامها موقف الشهامة والرجولة التى تربينا عليها منذ حداثتنا والذى دفع الشاب حياته من أجل التمسك بهذه المبادئ الذى تريدون سلبها منا وهى الرجولة والكرامة والحق فى الحرية وماذا لو كان والد الفتاة هو الذى كان يسير معها ولا يوجد معهم  ما يُثبت  أنه والدها فهل المطلوب أن يترك أبنته فى الشارع ويقولها أسبقينى أنت يا بنتى على البيت حتى لا يتعرض للطعن بالأسلحة البيضاء والسيوف التى تجعلنى أشعر أننا فى فيلم " الناصر صلاح الدين" فلم أسمع كلمة سيوف مُنذ نعومة أظافرى فى الحياة العامة قط إلا فى الأفلام التاريخية وقد أتى اليوم الذى رأينا التعامل بها فى القرن الواحد والعشرون.
 
- وآخيراً أرجو من سيادة وزير الداخلية بدلاً من هذا التصريح الغير مُريح أن يبدأ بحملة ضخمة للقبض على من يطلقون على أنفسهم هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المُنكر أو أى شخص يتعدى على حريات المواطنين والمواطنات قبلما أن يسقط من خيرة شبابنا ضحايا جُدد وبدون أى ذنب لو تم ترك الأمر بهذا الشكل الفوضوى  ولمن يُريدوا تطبيق قانون الغاب بدون وجه حق " فإن الله عادل وسيقتص لدماء الأبرياء لا مُحالة فالكتاب يقول " لأن من أخذ بالسيف ، بالسيف يأخذ "

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter