سليمان شفيق
قدم الديمقراطيون الإثنين في مجلس النواب نص الاتهام ضد ترامب في خطوة أولى تمهد لإطلاق إجراءات عزله. ويتهم الرئيس المنتهية ولايته بـ"التحريض على العنف". وفي موازاة ذلك، قدموا مشروع قرار لنائبه مايك بنس لتفعيل التعديل 25 من الدستور قصد تنحيته. وتأتي هذه الخطوة على خلفية اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته الكونغرس.. جاء ذلك قبل تسعة أيام من انتهاء ولايته. ويأتي هذا التحرك على خلفية أحداث الكابيتول التي عرضت الديمقراطية الأمريكية لهزة عنيفة ولا مثيل لها في تاريخ المؤسسات الدستورية بالبلاد.
في موازاة ذلك قدم الديمقراطيون الذين يشغلون الغالبية في مجلس النواب، مشروع قرار آخر يطلب من نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إقالة ترامب عبر تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور.
ترامب لا يجب أن يظل في المنصب:
وقد اعترض نائب جمهوري على اعتماد مشروع القرار فورا بالإجماع وبالتالي يتعين إجراء تصويت في جلسة عامة اعتبارا من امس الثلاثاء
وكانت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وجهت الأحد إنذارا إلى مايك بنس، دعته فيه إلى أن يفعل بشكل طارئ التعديل الخامس والعشرين من الدستور الذي يخول نائب الرئيس أن يعلن أن الرئيس "غير أهل" لممارسة مهامه.
وأمهلته 24 ساعة للرد على طلب مجلس النواب الذي أدرج في مشروع القرار الأول، ويعطيه السلطات التنفيذية في الأيام الأخيرة من عهد ترامب. والاتصالات مقطوعة بين ترامب وبنس الوفي له لفترة طويلة، منذ الأربعاء
هل تنجح خطوة الديمقراطيين في تنحية ترامب؟
واحتمالات نجاح الديمقراطيين في مسعاهم الأخير ل ترامب'>عزل ترامب ضعيفة من غير دعم الحزبين. وقد قال أربعة فقط حتى الآن من النواب الجمهوريين علنا إنه لا ينبغي أن يستكمل ترامب أيامه التسعة الباقية في منصبه.
وحتى إذا وجه مجلس النواب اتهاما رسميا لترامب مرة ثانية، فلن ينظر مجلس الشيوخ في الأمر على أقل تقدير قبل 19 يناير الجاري آخر يوم كامل سيقضيه ترامب في البيت الأبيض.
وستشغل محاكمة ترامب مجلس الشيوخ خلال الأسابيع الأولى من حكم بايدن الأمر الذي سيحول دون المصادقة على تعيينات الوزراء والتحرك في الأولويات مثل تدابير مكافحة فيروس كورونا.
وقال النائب جيم كلايبيرن الرجل الثالث في ترتيب قيادات الديمقراطيين في مجلس النواب، إن من الممكن تفادي هذه المشكلة بالانتظار بضعة أشهر قبل إرسال ملف الاتهام الرسمي إلى مجلس الشيوخ.
وسيكون ترامب قد ترك منصبه لكن إدانته ستحول بينه وبين ترشيح نفسه في انتخابات 2024
من ناحية أخرى قالت عدة شركات أمريكية كبرى من بينها ماريوت إنترناشونال وجيه.بي. مورجان تشيس وشركاه إنها ستجمد تبرعاتها لنحو 150 جمهوريا صوتوا معترضين على فوز بايدن. وتدرس شركات أخرى الاقتداء بها.
ويعتقد الديمقراطيون وعدد قليل من الجمهوريين أن الرئيس المنتهية ولايته شجع أنصاره على الوصول إلى الكابيتول الأربعاء الماضي حيث كان مايك بنس يعلن بحسب الدستور، رسميا نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 3نوفمبر. ولم يقبل ترامب أبدا نتيجة الانتخابات.
وكان الكونغرس استهدف ترامب الذي يتولى السلطة منذ عام 2017 بإجراء إقالة بادرت إليه نانسي بيلوسي في نهاية 2019 بتهمة الطلب من دولة أجنبية، أوكرانيا، التحقيق حول منافسه جو بايدن حين كان مرشحا للرئاسة. وتمت تبرئته في مجلس الشيوخ الذي يعد غالبية من الجمهوريين في مطلع العام 2020.
"شخص خطير للغاية ولا ينبغي أن يستمر في منصبه"، بهذه الكلمات لخصت رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي حالة الرئيس ترامب الأمريكي المنتهية ولايته، داعية علنا الاسبوع الماضي إلى عزله، في أعقاب الأحداث غير المسبوقة التي شهدها الكونغرس، ما عرض الديمقراطية الأمريكية لهزة عنيفة لأول مرة في تاريخها
ولم يتبق لترامب في السلطة إلا أيام قليلة، حيث من المفروض أن يسلمها، بشكل "منظم" كما أعلن، إلى الرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من شهر يناير الجاري. لكن أحداث الكونغرس وإصرار الملياردير الجمهوري على رفض الهزيمة، انبثقت عنه جملة من المخاوف من وقوع انفلاتات جديدة، ترجمتها بيولسي بقولها إنه: "من الممكن أن يتحول كل يوم إلى فيلم رعب لأمريكا".
وعلى غرار رئيسة مجلس النواب، دعا الخميس الماضي زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر نائب الرئيس مايك بنس إلى تنحية ترامب. وشدد في بيان على أنه "لا ينبغي للرئيس أن يبقى في منصبه ولو ليوم واحد بعد الآن"، متوعدا بمحاكمة ترامب في الكونغرس بهدف عزله إذا لم تبادر حكومته إلى تنحيته.
جمهوريون يدعمون دعوات الديمقراطيين لعزل الرئيس
واختار العديد من الجمهوريين، من حزب الرئيس، أن يمشوا على خطى الديمقراطيين في المطالبة بإقالة الرئيس، بينهم النائب آدم كينزينغر الذي لفت إلى أنه "حان الوقت لاستحضار التعديل الخامس والعشرين وإنهاء هذا الكابوس"، في إشارة إلى فصل من الدستور يمكن اللجوء إليه لإعفاء الرئيس، مضيفا أن "الرئيس غير مؤهل. والرئيس مريض".
ودعت صحيفة "وول ستريت جورنال"، المقربة من الجمهوريين، في افتتاحيتها ترامب إلى الاستقالة. كما يبدو أن محيط ترامب لم يعد قادرا على الحفاظ على تماسكه أمام رجع صدى الهزة التي تعرضت لها الديمقراطية الأمريكية عبر المس بإحدى ركائزها القوية نتيجة اقتحام الكونغرس، ما يفسر عددا من الاستقالات من المسؤولية في الحكم والتسيير إلى جانب ترامب.
مبعوث الولايات المتحدة إلى إيرلندا الشمالية ميك مولفاني، لم يتأخر كثيرا في الإعلان عن استقالته من منصبه. وعبر مولفاني، الذي شغل أيضا منصب مدير مكتب الرئيس، في تصريح له عن استيائه مما حصل في الكونغرس، حيث أوضح أنه "لا يمكنني البقاء...لا يمكن أن ترى ما حدث أمس وترغب في أن تكون جزءا منه بطريقة ما". في إشارة إلى اقتحام مبنى الكونغرس.
كما استقالت من حكومة ترامب وزيرة النقل إيلين تشاو، وهي زوجة زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وفسرت تشاو، في بيان نشرته على حسابها في موقع تويتر، أنها اتخذت هذه الخطوة، لأن ما حصل في الكابيتول كان "حدثا صادما كان من الممكن تجنبه تماما وقد أزعجني كثيرا لدرجة أنني لا أستطيع تجاهله".
ولم تكن وزيرة النقل الوحيدة التي قدمت استقالتها من حكومة ترامب. صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت ليل الخميس أن وزيرة التعليم بيتسي ديفوس سارت على منوالها أيضا.
من جانبه، أعلن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب لدونالد ترامب، أنه لم يعد ضمن مناصريه. وقال غراهام: "أنا خارج الموضوع. هذا كثير، كثير جدا". كما أعلن عدد من أعضاء مجلس الأمن القومي ترك مناصبهم.
الآليات الدستورية لعزل الرئيس
مع الاستقالات المتوالية من المسؤولية في إدارة ترامب، يبدو أن عزلته من ولايته تزداد يوما بعد يوم، وهو أمر يشجع الداعين إلى إقالته على الدفع باتجاه تفعيل الآليات الدستورية لهذا الغرض. فهل الدستور الأمريكي يتيح هذه الإمكانية في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها الديمقراطية الأمريكية؟
محرر الشؤون الدولية في فرانس24 وسيم الأحمر يفيد بأن: "التعديل 25 من الدستور الأمريكي يسمح لنائب الرئيس وغالبية وزراء الحكومة أن يرسلا رسالتين خطيتين إلى رئيسي مجلسي النواب والشيوخ، يؤكدان فيها أن الرئيس غير مؤهل لمواصلة صلاحياته، ثم يوجه رئيسا المجلسين خطابا إلى الرئيس حتى يستفسرانه إن كان غير مؤهل للقيام بمهامه"، وفي هذه الحالة بالنسبة لترامب سيقول، طبعا، إنه قادر على رئاسة البلاد حتى آخر نفس من ولايته.
و"يمكن أن يوجه نائب الرئيس وموظفو الجهاز التنفيذي رسالة خطية ثانية، لكن يجب أن يوافق عليها هذه المرة في الكونغرس بأغلبية تفوق الثلثين. وكل هذا يتطلب وقتا كثيرا"، فيما لا يفصل البلاد عن موعد تسليم السلطة إلا أيام قليلة، حسب تحليل وسيم الأحمر، ما يشكل عائقا تنظيميا في إبعاد ترامب عن السلطة.
أما العائق الثاني، هو أن نائب الرئيس مايك بنس لم ينضم لجوقة الراغبين في التخلص من ترامب في أقرب وقت، ولم يبد أي استعداد لخوض هذه المعركة الدستورية ضد رئيسه.
صحيفة نيويورك تايمز ذكرت الخميس الماضي أن بنس يُعارض اللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين للدستور لإرغام ترامب على التنحي عن منصبه، ويدعمه في ذلك العديد من الوزراء، و"يرون أن إجراء كهذا من شأنه أن يزيد من الفوضى الحالية في واشنطن".
وبالتالي، هذه الدعوات لتنحية ترامب، يخلص وسيم الأحمر، ما هي إلا مواقف سياسية أكثر منها قانونية". لكنه لا يستبعد في الوقت نفسه عنصر المفاجأة الذي يبقى حاضرا دائما في الحياة السياسية الأمريكية".