الأقباط متحدون - العم جحا
أخر تحديث ١٥:٤٠ | الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢ | ٣ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

العم جحا

من أجمل الروايات التى سمعناها صغاراً قصة جحا حين ارتاد حماره، بينما سار ابنه على رجليه، فقال الناس: «هذا أب غير رحيم كيف يترك صغيره يسير فى شدة الحر؟»، ومن ثم قام جحا بالسير، وارتاد ابنه الحمار، فما كان من الناس إلا أن قالوا: «طفل عديم الأخلاق، كيف يترك أباه كبير السن يسير ويرتاد هو الحمار؟»، وعليه فقد سار جحا وابنه معاً وجرا الحمار، فما كان من الناس عندئذ سوى نعتهما بالغباء، لأنهما لا يستخدمان الحمار، وحينئذ فقد جحا أعصابه، وقام هو وابنه بحمل الحمار، فصاح الناس: «هؤلاء الناس مجانين»، وتلك القصة تذكرنا بالمأزق السياسى المصرى للرئيس الجديد مرسى.
 
فحتى الآن لم تتضح وربما لن تتضح لنا معالم لاتجاهات الرئيس الحالى. فهو محاصر وغير محاصر، حر طليق ومقيد أسير، وهو يحدث نفسه، ويقول: «قد يغضب إخوانى الإخوان أو أولاد العمومة السلفيون، ولماذا أزعج الأقباط، وقد يضطرب الليبراليون، وقد يهاجمنى اليسار، ولابد أن يكون المجلس العسكرى معى على وفاق»، وتلك هى المشكلة، تلك هى الكارثة، لم ندرك حتى الآن الاتجاهات، المسار الفكرى، الرؤية.
 
محاولة إرضاء أو ترضية بعض الأطراف ما هى إلا امتداد للفكر التلفيقى غير المستقل، لسنا فى حاجة إلى مزيد من التربيطات والمواءمات، ما نحتاجه فى هذه اللحظة الآنية هو بناء دولة.
فى أول لقاء لرئيس الوزراء نوبار مع محمد على باشا، قال له: «اعمل حتى أراك تعمل»، فهل نرى الساسة فى مصر يعملون ولا يتكلمون بعد اليوم؟ أشك!!
 
يقول بسمارك، المستشار الألمانى: «جوهر الأشياء هو عمل التاريخ وليس كتابته»، وما نقوم به دوماً هو الكتابة وليس صناعة الأحداث والتاريخ، وكثير من الكذب أو إخفاء التاريخ وتشويهه، فبأى منطق يقوم عبدالناصر فى عام ٦٦ بنقل تمثال نوبار باشا من حديقة الشلالات إلى ممر فى متحف صغير، ثم يوجد الآن بمسرح سيد درويش، قد نختلف أو نتفق مع نوبار باشا، لكن لا نستطيع أبداً محو تاريخه، وقد قام نظام ناصر أيضاً بإلصاق كل التهم الشنعاء وغير الشنعاء بالعائلة المالكة، وقد يكون بعض ما ذكر صحيحاً، إلا أنه محا كل ما هو إيجابى، وبالمنطق نفسه أيضاً يحاول الجميع طمس كل ما قام به مبارك، وقد قام مبارك نفسه باستخدام المنهج نفسه فى أواخر حكمه، بمحاولة تضخيم دوره فى حرب ١٩٧٣ إلى درجة قد يبدو دور مبارك وكأنه يلتهم وينحى بقية الأدوار من دور الزعيم الراحل أنور السادات إلى أدوار كل من ساهم فى هذا النصر العظيم، ثم تجد بعض الناصريين يهمشون من أهمية حرب ١٩٧٣، ويصفون معاهدة السلام بالخيانة. وكل محاولة لطمس التاريخ ما هى إلا منهج فاشى ديكتاتورى يمحى الآخر من التاريخ معتقداً أنه بذلك يصنع تاريخاً، والحقيقة أن صناعة التاريخ تتعلق فقط بالإنجازات وليس بالكلمات.
 
والسؤال الآن: كيف نصنع التاريخ الحالى وسط كل هذا الصراع، وهذا الصراع لا يؤدى فى النهاية إلا إلى تفتيت القوى وزعزعة استقرار وطن بات مهدداً بشخصنة الأمور، وتعزيز غريزة انتقام الفصائل السياسية المتناحرة؟
سؤال إلى العم جحا: هو إنتى بتشتغلى إيه؟ الله يرحم الست مارى منيب.

نقلا عن المصري اليوم
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع