بقلم : د . مجدى شحاته
نزل الى العالم فى هدوء وسكينة بدون ضجة ، ولد فى يوم مجهول ، لم تستعد له الارض ولا السماء ، ماعدا بشارة الملاك لأمه العذراء مريم ورؤية ملائكية ليوسف النجار ، وجوقة من الملائكة تسبح فى هدوء " المجد لله فى الاعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة " .
 
أخلى الرب ذاته وولد فى قرية هى : " الصغرى بين رؤساء يهوذا " ( مت 2 : 6 ) . ولد المسيح له كل المجد من ام فقيرة يتيمة ، قمطته ووضعته فى مذود حقير للابقار !! ذلك المذود الذى صار أعظم من أشهر عروش الملوك والرؤساء والاباطرة ، ياتى اليه الناس من مشارق الشمس الى مغاربها لنوال البركة . ويؤكد لنا ميلاد المسيح حقيقة ، ان ليس المكان هو الذى يمجد الانسان ، ولكن حقيقة الانسان هى التى تمجد المكان .
 
ونحن نحتفل بميلاد السيد المسيح ، لعلنا نتساءل فبما بيننا : اين يولد المسيح ؟ ان ذكرى احتفالنا بميلاد المسيح تضعنى امام فرصة عظيمة لفتح صفحة جديدة ، وعمل علاقة مع الله ويغفر لى المضى بكل ما يحمله من سقطات وعثرات . ويغسلنى فابيض أكثر من الثلج ( مز 50 ) . الميلاد فرصة ليجد المسيح مكانا فى داخلك يولد فيه ، فيقوى فيك الرجاء ويطرد عنك اليأس والكآبة والاحباط . المسيح يولد فى القلب التائب ، لأن التوبة هى الرجوع الى الله وهى القلب الجديد الطاهر لميلاد المسيح .
 
فلا شك ان التوبة استجابة من الانسان لدعوة السيد المسيح ان يولد فى القلب . ولما كان التواضع هو الفضيلة الاساسية فى حياتنا الروحبة ، التى تبنى عليها باقى الفضائل . فلا شك ان قلب الانسان المتواضع هو المكان الذى يعشقه المسيح ليولد فيه ، فهو الذى يطلب منا : " يابنى اعطنى قلبك " ( ام 23 : 26 ) . كذلك مولود المذود يبحث عن القاب المحب ليولد ويسكن فيه .
 
فقد جاء فى الوحى المقدس  " الله محبة ، من يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه " ( 1 يو 4 : 16 ) . يسوع يريد ان يولد فى قلب الانسان المحب ، والله المحب يريد ان يكون خدامه واتباعه على نفس صورته فى الحب ، وبنفس اسلوبه فى الحب ، فالذى لا تسكنه المحبة لا يصلح ان يكون موضعا لميلاد يسوع .
 
فاذا كان قلبك تائبا ، متواضعا ،  محبا ،  فهو المكان المناسب ليولد فيه المسيح يسوع .  وكل عام وانتم بكل الصحة والعافية والبركة .