بقلم جورج حبيب ( سيدني -استراليا )
في تعامل البشر مع بعضهم البعض الكثير من المفارقات-حتي بين اقرب الاقربين -فمثلا لو ان اب وابن وجاء يوم طلب فيه الابن من الاب طلبا كأن يعطيه مبلغا من المال فاعطاه-ثم في اليوم التالي طلب ثانيةلا شك انه سيجيبه ( اعطيتك بالامس فماذا فعلت به ) فاذا ما ابدي الابن اسبابا مقنعة-اعطاه الاب ثانية وقد يقول له ( ليس كل ما طلبته يمكنني اعطاؤك ) ولكن يمكنني اعطاؤك اقل -ولتحافظ عليه
ولكن ان جاء يوم ثالث وطلب الابن للمرة الثالثة من والده-اتظنه يعطيه-قد لا يعطيه-وقد يساله ماذا فعلت بما خذته-وقد يلومه علي تصرفاته-وقد يخبره انه ليس لديه ما يلبي طلبه
وهذا يحدث كثيرا فيما بين البشر -فليس كل ما تطلبه من الغير يعطيك-حتي وان كان قد طلب منك سابقا واعطيته بل واكثر من مرة-وحتي ان كان قريبا منك جدا وتربط به صلة قرابة او كان صديقا الصق من الاخ-وخاصة لو تكرر طلبك اكثر مره-فانه يستاء منك ومن طلباتك-فالناس تحتاج ان تتعامل مع من لا يطلب-ومع من لا يشتك -لذلك تدوم العلاقة مع هؤلاء الذين لا يطلبون او لا يشتكون-البشر لا يودون من يثقل عليهم في الطلبات -وان طلب البعض منهم -ليكن طلبه وحيدا وخفيفا ومعقولا
واذا حس الناس ان هناك من اصبح يطلب منهم-تجدهم وقد بداوا التهرب من هذا الشخص الطالب -وايضا بداوا يخبروه ان لديهم من المشاكل والضيقات التي تجعلهم غير قادرين علي تلبية اية طلب وان كان طلبا بسيطا-بمعني اذا اردت ان تدوم علاقة الناس بك لا تطلب منهم شيئا-ولا تشتك لهم بما معناه انك تطلب مساعدة
والبشر في ذلك لديهم الاعزار فهم قد يكونون محدودي الامكانات-ومنهم من يظن ان من يطلب منه يود استغلاله لانه يحقد علي ما عنده
ولعل من ضمن محدودية الامكانية- اذا كان هناك مريضا ويطلب من انسانا مثله ان يشفيه-فهل ذلك في امكانه شفائه-او من كان في مشكلة -هل الطرف الاخر في كل الاحوال قادر علي حل كل المشاكل-واذا كان بامكانه هل لا يضج من كثرة طلبات الطرف الطالب-وهل لا ياتي عليه وقت ينفجر فيه طالبا منه ان يتوقف عن الطلب-فطلباته قد كثرت-ويجب عليه ان يكف عن ذلك
واذا كان هذا حال البشر مع بعضهم البعض-يبقي اذا البحث عن من يقبل الطلبات بانواعها المختلفة وفي اية وقت وحتي لو كان نصف الليل-دون ان يمل ودون معايرة-ودون محدودية-تطلب فيسمعك فرحا -بل والاكثر تجده وانت لم تطلب يعطيك-فهو يحس بك وباحتياجك-كما انه لديه كل الامكانات وليست امكاناته محدودة بما لديه-فهو قادر ان يشفي-وان يسدد الديون ويحل المشاكل-وينقذ -ويصدر امرا للطبيعة فتهدا-ويكون رابعا وسط اتون النار (دا 3 : 25 ) دا
ويغلق افواه الاسود-ويخرج الاقباط الذين اعتقلوا ايام السادات من المعتقلات-بعد ان تصور السادات انه صاحب القرار والامر والنهي-وبعد ان وقف مهددا امام العالم اجمع-ونسي ان هناك من يستطيع ان يقول له لا-الي هنا قف فقد انتهي عمرك -فانا وحدي الذي اجعلك تعيش او تموت
انه الله وحده الذي تستطيع ان تطلب منه بكل جراة غير خجلا من طلبك ولا من تكرار الطلب-ايضا هو وحده تبارك اسمه غير المحدود الامكانية تطلب منه شفاءا وحلا للمشاكل وانصاف من ظلم ونجاة من فخ وسلاما من خوف-بل واية شيئا فوق قدرة البشر
الاكثر انه لا يعايرك يوما بما فعله معك ولا ما قدمه اليك وان تكرر -وان اثقلت في الطلب-ايضا يعطيك النافع ويبعد عنك ما فيه هلاكك (اي ابن يساله ابوه سمكة فيعطيه حية ( لو 11 :11 )
من ذا الذي يستطيع ان يعول شعبا اربعين سنة دون ان تبلي نعالهم ( نح 9 : 21 )
من ذا الذي يقول لك كل لحظة ( اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم ( مت 7 :7 ) بل ويشجعنا علي الطلب ( الي الان لم تطلبون يو 16 : 24 )
ويقول لك ( اطلبني وقت الضيق انقذك فتمجدني مز 50 : 15 )
من ذا الذي يفتح ولا احد يغلق ويغلق فلا احد يفتح-من ذا الذي يقول للشيئ كن فيكون
اتظنه كالبشر يتضايق من طلباتنا-ويقول لك كفي طلبات -لقد اعطيتك واعطيتك ووقفت معك وانقذتك واقرضتك وووو الخ
انه المعطي بسخاء ولا يعير-لا يكل ولا يمل من طلباتك-الذي تقول له اعطنا اليوم والكل يقولها ولا يتضايق -اذانه صاغيه ويديه معطاءه-وقلبه كله حنان-دائما مبتسما وفرحا وانت تطلب دون ان يتهرب منك او يشعرك انك تطلب كثيرا-اتظنه يتضايق من ثقل طلباتنا-بالطبع لا
لتكن له شاكرا كل حين