كتب – روماني صبري
فقد عالم الفن، اليوم الاثنين، الموسيقار الكبير الياس الرحباني، والذي أثرى المجتمعات الشرقية والغربية بمقطوعاته الموسيقية الساحرة، ومات الرحباني عن عمر ناهز الـ 83 عاما، متأثرا بفيروس كورونا التاجي المستجد، عرف حب الموسيقى مبكرا، وأبصر جمالها عبر أخويه عاصي ومنصور الرحباني (الأخوين رحباني)، وكانا يكبرانه في العمر، ليصبح بعدها موسيقي، ملحن وموزع، وكاتب أغاني، وقائد اوركسترا، تقلد منصب عميد أكاديمية روتانا لتعليم الغناء، حين تأسيسها عام 2004، بعد ذلك بفترة قصيرة قدم استقالته وقال :" ثمة قرارات اتخذت دون العودة لي."
صدمة بعد الإصابة
الراحل من مواليد عام 1938، بقرية أنطلياس من قضاء المتن في محافظة جبل لبنان شمال بيروت، ارتاد الأكاديمية اللبنانية عام 1945 وهناك درس الموسيقى، كما ارتاد المعهد الوطني للموسيقى عام 1955، وكان تلقى دروسا خاصة لعشرة أعوام، تحت إشراف أساتذة فرنسيين في الموسيقى.
حين بلغ التاسعة عشرة، وكان ذلك عام 1957، قرر السفر لروسيا ليكمل دراسته، لكن إصابة في يده اليمنى منعته من ذلك، وكان تلاشي الحلم صدمة عظيمة له، وقد تخلى أستاذه عن تعليمه، لكنه صمم على المتابعة بيده اليسرى، ووجه اهتمامه إلى مجال التأليف الموسيقي، وعام 1958 استدعته إذاعة بي بي سي البريطانية بفرعها في لبنان وتعاقدت معه على تلحين 40 أغنية و13 برنامجا، فكان ذلك أول عمل رسمي له بأجر بلغ 3900 ليرة لبنانية.
عامه الفني الأهم
يظل عام 1962 محطة رئيسة في حياته، حيث بدأ فيه التعاون مع المغنين المعروفين، بأغنية "ما أحلاها" للمغني نصري شمس الدين، وبدأ العمل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان، وتعرف على حبيبته "نينا خليل" وتزوجها، بقي في إذاعة لبنان حتى 1972، واشتغل أيضا منتج موسيقي لدى شركات منتجة للأسطوانات، وفي 1976 سافر مع عائلته إلى باريس.
عبقري الموسيقى
ولكونه فنان عبقري كان نجح في تلحين ما تخطى الـ2500 أغنية ومعزوفة، 2000 منها عربية، أيضا قام بتأليف موسيقى تصويرية لـ25 فيلم من بينها أفلام مصرية، ومسلسلات، ومعزوفات كلاسيكية على البيانو، من أشهرها موسيقى فيلم دمي ودموعي وابتسامتي وفيلم حبيبتي وفيلم أجمل أيام حياتي ومسلسل عازف الليل.
أسهمت أعماله الموسيقية في ثراء ورقي الفنون العربية خلال القرن العشرين، ومن أعماله ألحان وكلمات عدد من أشهر أغاني الفنانة فيروز، كما لحن إلياس العديد من أغاني الفنانة صباح، مثل كيف حالك يا أسمر، شفته بالقناطر، ياهلي يابا، وغنى من ألحانه الفنانون وديع الصافي، ملحم بركات، نصري شمس الدين، وماجدة الرومي، كما تعاون مع عدد من مغني جيل أحدث، منهم جوليا بطرس وباسكال صقر.
لحن لفيروز :" يالور حبك، الأوضة المنسية، معك، يا طير الوروار، بيني وبينك، جينا الدار، قتلوني عيونا السود، يا اخوان، منقول خلصنا، ياي ياي يا ناسيني، كان الزمان، كان عنا طاحون.
التكريمات والجوائز
حصل على جوائز كثيرة منها : جائزة مسابقة شبابية في الموسيقى الكلاسيكية 1964، جائزة عن مقطوعة La Guerre Est Finie في مهرجان أثينا عام 1970، شهادة السينما في المهرجان الدولي للفيلم الإعلاني في البندقية 1977، الجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان ، الجائزة الأولى في روستوك بألمانيا عن أغنية Mory، وجوائز في البرازيل واليونان وبلغاريا، وفي وعام 2000 تم تكريمه من قبل جامعة بارينجتون في واشنطن بدكتوراه فخرية.
سبب أزمته مع الرباعي
حين طرحت أغنية "أتحدى العالم"، للمطرب صابر الرباعي، اعترض الياس، وهاجم شركة روتانا التي أنتجت الألبوم كون الملحن اقتبس لحن الأغنية من معزوفة "نينا ماريا" الذي ألفه في سبعينات القرن العشرين، لكنهم لم يقبلوا التفاوض معه، أدى هذا إلى دعوى رفعها ضد الملحن والشركة في القضاء اللبناني لأجل حقوق الملكية، فتم إجراء تحقيق فني متخصص من قبل لجنة الاستماع في جمعية المؤلفين والملحنين، وربح إلياس الدعوى بصدور حكم بإلزام الشركة بسحب الألبوم من الأسواق وكتابة اسمه عليه.