كتب - نعيم يوسف
ودعت مصر اليوم السبت، الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، والذي يعتبر واحدا من أهم الكتاب، وصناع السينما الذين حاربوا الفساد، والفكر الظلامي، وتعرض للمضايقات حتى من بعض مؤسسات الدولة.
نصيحة من يوسف إدريس
من قرية بسيطة في مركز منيا القمح بالشرقية، تدعى "بني قريش"، ولد وحيد حامد في 1 يوليو عام 1944، وعندما بلغ سن 19 عاما ارتحل إلى القاهرة لدراسة الآداب قسم اجتماع، وكان يحب القراءة كثيرا في الكتب الأدبية والفكرية، ويحب المسرح، وكتابة القصة القصيرة، وحاول أن يبدأ طريقه في هذين المجالين، إلا أنه كان كاتب قصة قصيرة ضعيفا، واتضح ذلك بعد أن ظهرت له أول مجموعة قصصية من هيئة الكتاب، وكانت تحمل اسم "القمر يقتل عاشقه"، فذهب بها إلى الكاتب الكبير يوسف إدريس، والذي نصحه بالكتابة في مجال الدراما.
وفي لقاء سابق مع الإعلامي خالد منتصر، روى وحيد حامد حكايته مع الكاتب الكبير يوسف إدرس، الذي وجهه إلى العمل السينمائي والدرامي.
وقال "حامد": "هو شاف الدراما، لكن مشافش فيا كاتب القصة القصيرة المتألق، ولما يوسف إدريس وهو واحد من أعظم كتاب القصة القصيرة في العالم لم تعجبه المجموعة القصصية بتاعتي.. وده حقيقي.. أنا في رأيي اللي ميعجبش يوسف إدريس يبقى وحش.. وعلشان ميحبطنيش، شاورلي على مبنى التلفزيون وقالي: (مستقبلك في المبنى ده)".
وأضاف: "بعدها قابلني، وقالي: يا ولا ده أنا اللي دليتك على السكة.. خد قصة من قصصي واعملها.. ويشاء الأقدار إن مروان ابني هو اللي يعمل كدة.. ف مروان سدد الدين نيابة عني".
انطلاقة في العمل الدرامي
انطلق وحيد حامد في بداية كتابته الدرامية من خلال مسلسل في الإذاعة، وحقق نجاحا، وبعدها انطلق في كتابة السيناريو والأعمال الدرامية، وقدم عشرات الأعمال في السينما، وأهمها: طائر الليل الحزين، فتوات بولاق، غريب في بيتي، البريء، أرزاق يا دنيا، الراقصة والسياسي،، والإنسان يعيش مرة واحدة، الغول، أنا وأنت وساعات السفر، معالي الوزير، آخر الرجال المحترمين، الهلفوت، الإرهاب والكباب، المنسي، اللعب مع الكبار، ديل السمكة، عمارة يعقوبيان، وطيور الظلام، كما قدم ثلاثة مسرحيات وهي: "آة يا بلد"، و"سهرة في بار الأحلام"، و"جحا يحكم المدينة".
كاتب متميز
تميز وحيد حامد في كتابة المقال السياسى والاجتماعى فى أكثر الصحف انتشارا، ويحظى بجمهور واسع من القراء وكذلك أشرف على ورشة السيناريو بالمعهد العالى للسينما لمدة أربع سنوات، متتالية أخرج منها عددا من أفضل كتاب السيناريو الحاليين، وحازت أعماله على إعجاب كافة المحافل المحلية، والدولية وحاز عنها على عدة جوائز، وآخرها فى 2020 حاز جائزة الهرم الذهبى التقديرية لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 42.
عائلة إعلامية وفنية
على الجانب الشخصي، تزوج وحيد حامد من الإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون المصري سابقا، ووالد المخرج السينمائي مروان حامد.
صاحب قضية
وحيد حامد كان صاحب قضية واضحة ظهرت في كل أعماله طوال عمره، وهي محاربة الفساد والتطرف، وقد ظهر ذلك جليا في أعماله التي هاجمها الإسلاميون والإخوان والسلفيون، ولم ترضى عن بعضها أيضا أجهزة الدولة، إلا أنه كان من الشعب ومحتميا بالشعب في كل مرة.
التعرض للهجوم والمضايقات
هاجمت الجماعات المتطرفة أعمال مثل: طيور الظلام، والإرهاب والكباب، والجماعة بجزئيه، أما الدولة فقد منعت ظهور بعض الأعمال مثل البرئ، الذي منع عرضه داخل مصر لمدة 20 عاما، كما واجه العديد من المشاكل بسبب أعمال مثل سوق المتعة، وعمارة يعقوبيان، والغول، وغيرها من الأعمال التي كان يضع يده فيها على الجروح والآلام التي يعاني منها الشعب الذي أصر حتى نهاية حياته على التأكيد على أنه ينتمي إليه فقط.
وصيته الأخيرة
وقبل وفاته بأيام أجرى مداخلة هاتفية مع برنامج "آخر النهار"، المذاع على قناة النهار الفضائية، وقال فيها إنه لم يهتم إلا بالناس، وأعماله وصلت إلى الناس لأنه أخذها منهم، ولم يكذب عليهم، وكان أمينا حتى في نقل القصة الواقعية.
محارب اللصوص
وأكد "حامد"، أنه ضد الفساد واللصوص بكل أشكالهم، والإخوان المسلمين كانوا مصدر التخلف ويريدون جر البلاد إلى البدائية، وأوصى الشعب المصري بالعمل لأنه مسألة أساسية جدا، والشعب المصري يستهلك طاقة كبيرة جدا "على الفاضي"، ولو أعدنا برمجة أنفسنا سنكون في مستوى أفضل.
وبالنسبة لملف الإخوان المسلمين، حذر المصريين من الفكر الفاسد الذي ينشرونه، ونصح المصريين أن يأخذوا الدين من المصادر الحقيقية ولا يستمعوا إلى "كلام المصاطب"، مشددا على أنه ضد المتأسلمين الذين ليس لهم في الدين ويتحدثون في الدين وهذا بالنسبة له "مسألة حقيرة جدا، ويتاجرون بالدين".
رحيل آخر الرجال المحترمين
وتوفى وحيد حامد اليوم عن عمر يناهز الـ76 عاما، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الـ"توك شو" إلى سرادق عزاء كبير ينعي الكاتب الراحل الذي يعتبر "آخر الرجال المحترمين"، ومحارب طيور الظلام.