زهير دعيم 
آخر السنة  باهتٌ ، كئيب ، يخلو من زخّات المطرالحقيقيّة  تُغسّل الاشجار العارية والكاسية وخدود الطرقات.
أواخر كانون الأوّل حزينٌ يخلو من  وهج البروق يُلوّن الآفاق ويزركش النواحي.
 
 كانون الاول في هذه السنة   الكورونيّة   مُغبرّ، بائس  يفتقد الى الغيمات تُوشّح السّماء ، وتُغطّي وجه شمسها نهارًا وقمرها ليلا، وترسم لوحاتٍ جميلةً تتماوج مع كلّ هبّة ريح.
 
ننظر الى السّماء ، ونتوسّل الى المُبدع الأروع ، ربّ الخيرات ، لعلّه يُشفق علينا ويأمر الرياح الشاردة ، العاتية والجافّة بالرحيل .
 
ننظر الى الغرب ، لعلّ هناك من غيمة صغيرة بقدر كفّ اليد ، تأتينا من لدنه لتملأ أوديتنا وسواقينا بعسل الحياة ، فتزغرد معها الحياة والحقول والبقول والزّنابق ، وتدبّ الحياة في الانسان والحيوان وتجاعيد الزّمان.
إنّه المُعطي بلا مِنّة.
إنّه معطي الحياة وباعثها.
 
إنّه " كل ما شاء الربّ صنع في السماوات وفي الأرض، في البحار وفي كل اللجج 
المصعد السحاب من أقاصي الأرض. الصانع بروقًا للمطر. المخرج الريح من خزائنه " ( مز 135).
لقد اشتقنا في الشّرق الى البقول يا سيّدي !!!...الى طبخة " العلت" و " الخبيزة" والهليون والى كلّ خيراتك المجّانيّة تسكبها على الفقراء والمعدمين والاغنياء.
اشتقنا الى " قعدات" العائلة حول موقد النّار ، نتلذّذ بشيّ الكستناء ، والأحاديث الطّليّة والترنيمات تشقّ العنان الى السماء.
اشتقنا الى حبّات المطر تُوقّع فوق زجاج النوافذ سيمفونيّة جميلة.
اشتقنا الى العاصفة تطرد من نفوسنا الخمول والكسل وأوراق الخريف الصّفراء.
اشتقنا الى قوس قزح يُعيدنا الى محبتك ، ويُذكّرنا بفجورنا وتوبتنا وبطوفانٍ لن يعود.
اشتقنا الى حساء شهيّ ، نحتسيه على مَهَل ونحن نتاول من مائدة خيراتك عشاءَنا.
إنّنا نتوسّل اليــــــــــــك يا ربّ ونرجوك ، فشرقنا يبكي بلا دموع، فالعطش أخذ منه مأخذًا ، فشقّق خدوده ، ويبّسَ شفتيْه .
إنّنا نتوسّل إليــــــــــــــك يا ربّ أن ترحم شعبك في الشّرق ، فتُلمّع وجوههنا بدهن خيراتك ، وتبلّ شفاهنا بغيثك ، وتُحيي أوديتنا بمائك.
مرّ الميلاد ، ذكرى ميلاد يسوع ؛ - هذا الميلاد الذي قسّم التاريخ الى قبل وبعد ،هذا الميلاد الذي ما عهدناه إلا آتيًا الينا بالخير العميم وآتيًا على أكفّ السُّحب وأكتاف الرّياح وجفون العواصف ، مرّ جافًّا .
أتتركنا عطاشى!!! أتتركنا نقاسي الأمرّيْن من الاغلاقات والوبأ ؟
لا أظنّك تفعل.
وأحدنا – ونحن الخطأة – لا يعطي ولده حيّة ان طلب منه سمكة ، فكيف بك وأنت الإله الحنّان؟!!
غدًا أو بعد غد ستعود ترقص الموجات في أنهارنا وسواقينا.
غدًا أو بعد غد ستبتسم الازهار والزنابق واللوز في كرومنا ومروجنا.
غدّا أو بعد غد سترفع السنابل رؤوسها متباهية في حقولنا.
 غدًا أو بعد غد سنخرج الى الطبيعة بلا خوف وبلا كمامات .
فقد كنتَ بالامس وستكون اليوم وستكون غدا موسم فرحنا وخيرنا يا الله.