الأقباط متحدون - قراءة في عقل سلفي!
أخر تحديث ٠٧:٣٢ | الخميس ٥ يوليو ٢٠١٢ | ٢٨ بؤونة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٢ السنة السابعة
إغلاق تصغير

قراءة في عقل سلفي!

بقلم- جون ألفي
اعتدت في حياتي الشخصية أن أعامل دائمًا الغير كإنسان دائمًا، دون أن أضيف إليه أو إليها أي خلفية أو رتوش، فلا أضع في اعتباري مستواه التعليمي، أو شكله، أو لونه، أو وضعه الاجتماعي، وبالطبع دينه.
 
اكتشفت أنه الأسلوب الأمثل لمعاملة الإنسان، دون توصيف أو طائفية فكر أو معتقد، أو أي حكم مسبق قبل أن أعمله كإنسان أولًا، مطبقًا قاعدة "تكلم حتى أراك".
 
 
في "مصر"- شئنا أم أبينا- نعيش بفكر طائفي، ولو حتى لمجرد أن نقول فلان حبيبي المسيحي أو علان صديقي المسلم، ناهيك أننا نعلن الجهاد المسلح إذا رأينا يهودي، فلا مجال هنا لمثاليات معاملة الإنسان كإنسان، بلا أي اعتبارات أخرى، إلا إذا قام هذا "الإنسان" بشئ مؤذ لي، فهنا نراجع نظرتنا إليه.
 
وبالنظر إلى قطاع غير قليل يعيش بيننا، وهم "السلفيون"، نجد أنهم غالبًا ما يكونون مثار جدل في المجتمع، سواء بشكل خارجي مميز، أو فكر داخلي متشدد، وهنا اقتربت بنظره محايدة تمامًا- لا مجال هنا لأن نتحامل- إلى الفكر السلفي المعروف بالمتشدد، ولعل بعض القراء يتسائلون: ولمَ السلفيون؟؟.
 
إجابتي أن من منطلق ترحيبي بفكر معاملة الإنسان بإنسانيته، فهم من الناس الذين ينتقل تشددهم الديني لتقييد حرية الآخر، بل ويوجههم إلي الحكم المسبق على الغير، دون محاكمة أو نقاش "أنت تخالفني فلا مانع أنك كافر" مثلًا.
 
المقصود بالسلفيين هو إرجاع الأحكام الشرعية إلى القرآن والسنة، ويتلخص تفكيرهم في إدعاء امتلاك الحقيقة بصورتها الإسلامية، والانتساب إلى العصمة، ومن رواد السلفية ومؤسسيها "ابن تيمية"، الذي جزم بأن "السلفية هي الطريقة المثلى، ومذهب السلف لا يكون إلا حقًا، وأنهم أعلم ممن بعدهم وأحكم، ومخالفهم أحق بالجهل"، وعن أحد أقطابهم "الألباني" "أنهم وحدهم الفئة الناجية من النار".
 
 
يري السلفي حملة الشهادات العليا، كالأساتذة والدكاترة، أنهم فسقة وضالون عن الحق، ومن تحريم وتكفير عدد كبير من العادات والمفاهيم، بدءًا بمسائل عقيدية كبرى يصل السلفي إلى تحريم لبس المرأة للكعب العالي، وقيادتها للسيارة، وعيد الأم، وتناول الطعام من البوفية المفتوح، حتى أن أحد مصادر السلفية ينص على أن الولاء للوطن والأرض ما هو إلا حلقة من حلقات الإضلال اليهودي للمسلم، والقضاء على الإسلام.
 
وأذكر هنا أن السلفيين الحاليين، الذين يرون "بن لادن" إمامًا شهيدًا، أكثر تشددًا ممن قبلهم، ويؤمنون بأن كل من سوغ لنفسه إتباع تشريع وضعي أو قانون بشري مخالف لحكم الله فهو كافر، وخارج عن الملة!!.
 
السلفي يؤمن أنه لا يجوز للمسلم مشاركة النصاري- المسيحيين- في أعيادهم بأي نوع كانت المشاركة، سواء تهنئة أو تقديم هدايا، أو حضور احتفالاتهم أو تكريمهم، وذلك من باب التعاون على الإثم والعدوان.
 
البعد عن الدراسة المختلطة- من الجنسين- أولى ما لم يكن ضرورة، وتفضيل المواصلات غير المخالفة للشرع- أي لا تؤدي للاختلاط - من أبرز رؤى شيوخ السلفية في "مصر"، و"البيبسي" و"الكوكاكولا" هما أحد أعمدة إفساد المجتمع المسلم، وإدخال الرذيلة إليه من إنتاج أفلام ماجنة وتصوير فتيات متبرجات واستخدامهن في الدعاية.
 
كل ما ذكرت نقطة من بحر الفكر السلفي، ولعلني اهتممت بجانب المعاملات بين السلفي والمجتمع، ولكن عندما نتحدث عن الأخت السلفية وكمية المحظورات التي تواجهها، فحدث ولا حرج. 
 
يرى الشيخ "عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين"، أنه حرصًا على سلامة الأخت المسلمة، ينصحها بعدة نصائح وصلت إلى خمسين نصيحة، وإنما تعكس نظره واضحة المعالم عن نظرة السلفي للمرأة. وهنا يستوقفني أهم هذه المحرمات، مثل حرمة إلحاح بعض النساء على الأزواج لاستقدام خادمة أو مربية غير مسلمة، وطبعًا حرمة عدم الالتزام بالحجاب الشرعي الساتر عند الخروج من البيت، وتحريم متابعة الموضة في اللباس والتسريحات وأدوات التجميل والاهتمامات النسائية، لأن في هذا فقدان لهوية المرأة المسلمة.
 
يحرّم السلفي علي المرأة استعمال آنية الذهب والفضة والأكل والشرب فيها، لما فيه من الفخر والإسراف وكسر قلوب الفقراء، كما يمنع وضع الصور المجسمة وغير المجسمة على الأرفف والجدران، بل يصل التحريم إلى أن المرأة لا تعترض على تعدد الزوجات، فلا يجوز لها أن تحارب هذه الفكرة، وأن ترتضي بتعدد- الضُرر- ولا تناقش، بل يمتد التحريم إلى حرمة تحديد النسل وتقليل الإنجاب، لأنه يؤدي لنقص الأمة الإسلامية.
 
السلفي في تربيته لأطفاله يرى في أعياد الميلاد والملابس التي عليها صور وصلبان- لا أدري هنا أي ملابس عليها صلبان إلا ملابس الكهنة- ففي كل ذلك كفر مبين، والسلفي أيضًا يحرّم تعليم أطفاله الموسيقي؛ لأنها تفسد الروح. 
 
الفكر السلفي يحرّم أيضًا العزوف عن الزواج للدراسة، ولا يعترف بالبدع التي تسمي الشَبكة أو لبس الدبلة المنقوش عليها اسم الزوجين، لأن في ذلك تقليد للكفرة، كما أن ذهاب المرأة للكوافير بدعة، والذهاب إلى الملاهي مثل "دريم بارك" هو فعل من أفعال الشيطان، بل أنهم يرون أن "الكوشة" وظهور الزوجين أمام غير المحارم من الأقارب ومصافحتهم، وما يكون من رقص وتصوير بالكاميرا، هو محاكاة للكفار المشركين.
 
ناهيك عن تحريم وضع المرأة للعطور أثناء خروجها، وكثرة خروجها من البيت والذهاب للسوق، والاختلاط بالرجال الأجانب والتساهل بالمزاح معهم، وتساهل بعض النساء في العلاج عند الأطباء الذكور، وسفر المرأة بدون محرم في السيارة أو الطائرة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأوساط النسائية، وإطلاق العنان للنظر للرجال الأجانب، وخصوصًا على شاشات التلفاز مما يسبب الفتن، وإطالة الأظافر، ووضع ما يسمي "المانكير"، لأنه يبطل صلاتها، لأن ماء الوضوء لا يصل للأظافر. 
 
بعد كل ما عرضت، أنتهي بنقطتين لا علاقة لهما بمقتل المهندس الشاب أثناء خروجه مع خطيبته:
أولًا- إن السلفيين خصص لهم السيد الرئيس الحالي زيارة خاصة لهم، لضمان تصويتهم لصالحه، وظهر واضحًا كتلتهم التصويتية له، ولو على الأقل في محافظة "مطروح"، فهل هذا الاتفاق لشئ غير تطبيق المشروع الإسلامي- ولو بالتدريج- في "مصر"؟..
ثانيًا- السلفيون يريدون حقائب وزارية في الوزارة الجديدة، وذلك أعتبره ردًا على أولًا.. المشكلة هنا أنهم يريدون حقيبة "وزارة التربية والتعليم".
 
وهنا فقط أتركك عزيزي القارئ أن تطلق العنان لخيالك الخصب، وتطبق كل ما ذكرته عما يدور بفكر السلفي على أطفالنا الأعزاء في المدارس.
مبروك يا مصر..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter