اجتازت الانتخابات البابوية مرحلتها الاولي تقدم المرشحون لـ«خلافة البابا شنودة الثالث» بأوراقهم خفت صوت الصراع الذي بشرت به بعض الدوائر القريبة من المقر البابوي ونجح المجمع المقدس في احتواء الخلافات الكامنة بين كبار الاساقفة في بداية مرحلة «الانتقال الكنسي».
يتحسس الاقباط خطوات اللجنة المشرفة علي الانتخابات البابوية التي تخطو ناحية ملء فراغ تركه البابا شنودة الثالث في ظل صعود سياسي لافت لـ«الاسلاميين» كلل باعتلاء د.محمد مرسي عرش الحكم. علي مدار فترات ثلاث تتشابه شخصيات القيادات الكنسية مع رئيس الدولة حدث بعد ثورة 1952 تلك الفترة التي أمعنت في «الاشتراكية» بحسب توجه الرئيس جمال عبدالناصر كان الانبا كيرلس وقتئذ رأس الكنيسة القبطية «هادئاً، زاهداً» بعيداً عن السياسة ومع تحول بوصلة الحياة السياسية في مصر وقدوم الرئيس السادات أتي البابا شنودة الثالث مواكباً المرحلة هادئاً يتماشي مع نظام في مطلع فترته ومعارضاً صلباً يخرج الكنيسة من دورها التقليدي صدامياً مثلما كان السادات في سنوات حكمه الاخيرة ومع قدوم الرئيس المخلوع «مبارك» ارتد البابا شنودة الي هدوئه اتساقاً مع مرحلة جديدة مرت علي مدار 30 عاماً بين الاستقطاب الحاد والصدام الناعم.
الفارق في المشهد الحالي ان البابا القادم سيأتي في أعقاب ثورة شعبية منحت الفرصة للاسلاميين للحصول علي أغلبية برلمانية وانتخابات رئاسية أفرزت رئيساً ينتمي فكرياً لـ«جماعة الاخوان المسلمين» بما يعني تحولا جذريا في الحالة المصرية تحتم علي الاقباط اختيار «البطريرك القادم» بمواصفات خاصة يضمن علي الاقل استمرار السلام الاجتماعي والحفاظ علي دور الكنيسة الوطني.
أكد المستشار منصف سليمان عضو اللجنة التأسيسية للدستور ولجنة الترشيحات البابوية والمستشار القانوني للكنيسة ان الناحية العقائدية محسومة منذ ما يزيد علي 2000 عام بينما السياسة لها متغيراتها. ورفض «سليمان» التشكيك في اجراء القرعة الهيكلية داعياً من يشكك فيها للرجوع الي تاريخ «البطاركة».
التقينا المستشار القانوني للكنيسة ووضعنا أمامه ما يدور في الشارع القبطي والمصري من تساؤلات حول شخصية البابا القادم وتخوفات الاقباط من الرئيس محمد مرسي المحسوب علي التيار الاسلامي وحقيقة الصراع بين الاساقفة علي المقعد البابوي. وكان هذا الحوار:
< هل يشعر الاقباط بالقلق ازاء وجود رئيس جمهورية بــ«مرجعية اسلامية»؟ وماذا عن جدلية «نائب الرئيس القبطي»؟.
- الاقباط جزء من هذا الوطن وليس هناك ما يدعو للقلق في ظل تعهدات باحترام الدستور والقانون و«المواطنة» وأولي بنا أن نهتم بشيء له أهمية في المستقبل.
< كيف تري تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور؟ وكيف يمكن الخروج من هذا النفق؟.
- للاغلبية أن تفعل ما تراه إلا تشكيل «تأسيسية الدستور» والكنيسة تنسق مع الازهر الشريف في مواقفها والتشكيل السابق للجنة الدستور أحدث شرخاً في الوطن كله ونأمل في دستور توافقي يضم كافة أطياف المجتمع.
< لماذا انسحبت الكنيسة من «تأسيسية الدستور» في تشكيلها الاول رغم تمثيلها؟.
- ما حدث في تشكيل اللجنة السابق أثار شكوكاً في التزام الاغلبية بـ«وثيقة الازهر» ولو كانت تنوي الالتزام بها لاحسنت الاختيار في تشكيلها والمطلوب الآن من الاغلبية طمأنة الاقلية.
< هل يمكن أن يتدخل الرئيس في اختيار «البطريرك الجديد»؟ أو بمعني أوضح: هل كان للمجلس العسكري تدخل في فرض أسقف بعينه؟.
- الرئيس القادم لن يتدخل في انتخابات «البابوية» والمجلس العسكري لم يتدخل لانه لم يكن هناك شك في رغبتهم في تسليم السلطة.
< كيف يمكن قراءة مستقبل العلاقة بين الكنيسة والدولة في ظل المتغير الحالي ووجود رئيس منتخب من الشعب؟.
- علاقة الكنيسة بالدولة مستقرة منذ 2000 عام ويحكمها التعايش السلمي وكل بطريرك يأتي مناسباً لعصره.
< ماذا خسر المصريون في المرحلة الانتقالية بحسب رؤيتك؟.
- المصريون خسروا البرادعي كمرشح رئاسي باعتباره أنقي من كان يصلح للرئاسة والمصريون انتخبوا الواضح الصريح، الامين الصادق.
< نعود الي «الانتخابات البابوية».. كيف تسير الامور في لجنة الترشيحات؟ وما هي طبيعة الصراع علي «خلافة البابا شنودة» بين الاساقفة؟.
- فيما يخص اللجنة المشرفة علي الانتخابات البابوية تتولي اللجنة فحص أوراق المرشحين وصادفتنا أمور قانونية معقدة من بينها «حق التصويت» بالنسبة لصحفيي المهجر الي جانب مصطلح «وكلاء الشريعة» الوارد باللائحة ولا وجود له وفسرناها بالبلدي علي أنهم «موثقون» واتفقنا علي أن تعامل إيبارشيات «المهجر» معاملة الداخل وسيصل عدد الاصوات في جداول القيد الي 4 آلاف هذا بما أن الكنيسة الارثوذكسية في العالم هي التي تشارك أفرادها في الانتخابات.
< وماذا عن الصراع بين الاساقفة.. تحديداً ما يسمي صراع «الانبا بيشوي - الانبا يؤانس»؟.
- لا يوجد صراع بين الاساقفة والانبا بيشوي عقلاني وليس صدامياً ولا توجد جبهات في المجمع المقدس وملتزمون بقرارات البابا شنودة.
< بعض التيارات تشكك في اجراء «القرعة الهيكلية» التي يتم اختيار البطريرك وفقاً لها.. كيف تفسر ذلك؟.
- القرعة الهيكلية اجراء يتسق مع القانون الكنسي ومن يشكك فيها أدعوه الي مراجعة تاريخ البطاركة.
< هل تتفق مع التوجه القائل بأن «البطريرك القادم» سيكون أكثر تشدداً؟.
- البابا القادم سيتصرف وفقاً لـ«اتجاهين» عقائدي وسياسي والناحية العقائدية محسومة منذ ما يزيد علي 2000 عام أما الناحية السياسية فلها «متغيراتها» والسياسة التي لا تراعي مصالح الرعية لا قيمة لها والبطريرك القادم سيعمل مع شعبه وحيثما كان التشدد سيتشدد.
< لا تزال مسألة ترشح «أساقفة الايبارشيات» للبابوية محل جدل، لماذا لم يحسم المجمع المقدس ولجنة الترشيحات هذا الامر؟.
- لم يتخذ قرار صريح بمنع أساقفة الايبارشيات من الترشح لان اللائحة لم تمنع هذا والامر بات متروكاً لـ«ضمائر» المرشحين لـ«البابوية» من أساقفة الايبارشيات واللي شايف انها حرام «ميترشحش».
< كيف تسير الدعاية الانتخابية لـ«مرشحي البابوية» بعد اعلان القائمة الاولية للمرشحين؟.
- الدعاية الانتخابية للمرشحين لـ«خلافة البابا شنودة» محظورة داخل الكنائس ولهم أن يتواصلوا من الخارج.
< في رأيك ما هي المواصفات المطلوبة في «البابا القادم»؟ وما هي أبرز تحدياته؟.
- هناك شخصيات قلما يجود الزمان بمثلها ولا يمكن أن تتكرر ومنهم «البابا شنودة» يأتي ذلك لانه أمضي شبابه في ظل أجواء ثورة 1919 وتأثر بالنهضة الادبية والعلمية والتنوير الذي صاحب هذا العصر الي جانب اهتمامه باللغة العربية وحتي في اختياره للرهبنة لم ينغلق علي نفسه وانما أبحر في علوم الدين ولا أعتقد أن تتوفر تلك الصفات في أحد مرشحي البابوية حالياً أما عن التحديات التي تنتظر «البطريرك الجديد» فأعتقد ان أهمها علي الاطلاق هو السير علي الخط الوطني المصري العربي الذي رسمه «البابا شنودة» الذي كان يعتبر نفسه «بابا العرب» وكان مهموماً بالقضية الفلسطينية مثل همه بمشاكل الكنائس في مصر.
< كيف تسير مسألة الطعون علي «مرشحي البابوية» ومتي يتم تنصيب «البطريرك»؟.
- تقدم الطعون علي المرشحين لـ«البابوية» لـ«لجنة الفحص والطعون» وقد يستبعد المرشح لـ«سوء سمعته» وعلاقته السيئة بالرهبان أثناء الرهبنة أو يطعن في كل ما يتعلق بأهليته أو في عدم إجادته لـ«اللغة الانجليزية» التي أضيفت من ضمن الشروط.
< ومتي يتم تنصيب «البابا القادم»؟.
- يجري حالياً حصر أوراق من لهم حق الانتخاب واعداد جداول القيد ويمكن تنصيب «البطريرك الجديد» في أوائل سبتمبر المقبل.
< كان آخر لقاء للبابا شنودة مع د.محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين، هل جري اتفاق بينهما بشأن «تأسيسية الدستور» أو «انتخاب الرئاسة»؟.
- لم أحضر اللقاء ولا أدري ماذا دار بينهما كل ما أعلمه أن صحة «البابا» لم تكن تسمح له بالحديث ووقتها كان مهموماً بالاستقطاب الطائفي في الانتخابات وأثناء انتخابات مجلس الشعب سأله أحد الاشخاص: لاي حزب أنتمي؟.. فرد البابا قائلاً «اللي يعجبك» فقال له الرجل: يعني أدي صوتي لحزب الحرية والعدالة فأجاب البابا «نعم.. اذا كان خدوم يبقي أفضل».
< لماذا لم تؤيد الكنيسة الثورة من أول يوم وانتظرت لما بعد التنحي؟.
- الكنيسة لم تحارب الثورة والبابا شنودة كان يتوقعها قبل 7 سنوات وكان حزينا جداً لما وقع قبلها من أحداث وعقب كل فتنة طائفية كان يحلل المشهد قائلاً «أيدي أمن الدولة وراء الحادث وشعبنا مش كده».
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.