الانقلاب الشتوي في نصف الكرة الشمالي هو انقلاب معروف بعيد منتصف الشتاء، وهو ظاهرة فلكية تميز يومها بأقصر مدة للنهار وأطول مدة للليل خلال السنة، وتحدث على كل كوكب حيث يميل أحد قطبيه نحو النجم، فيكون القطب الآخر بعيدا عنه مما يجعله في فترة الانقلاب الشتوي.
وفي نصف الأرض الشمالي تسمى هذه الظاهرة انقلاب ديسمبر، حيث تحدث هذه الظاهرة في مثل هذا اليوم 22 ديسمبر من كل عام أو 21 ديسمبر، وفي نصف الكرة الجنوبي يطلق عليها اسم انقلاب يونيو، والميل المحوري للأرض وكذلك تأثير المدوار على دورانها اليومي يعني أن النقطتين المتقابلتين في السماء حيث نقط الحركة الدورانية للأرض (المبادرة المحورية) تتغير ببطئ شديد (دائرة كاملة حوالي كل 26,000 سنة). ب
ينما تتبع الأرض مدارها حول الشمس، يشهد القطب النصف أرضي البعيد عن الشمس فصل الشتاء، بينما بعد نصف سنة يواجه الشمس ليحل فيه فصل الصيف، وهذا لأن نصفي الأرض يقابلان اتجاهين متعاكسان على محور الأرض، لذلك عندما يشهد نصف ما الشتاء، يواجه النصف الآخر فصل الصيف، وببعيدا أكثر عن العروض العليا، يقع انقلاب شتوي في نصف الأرض في اليوم ذو أقصر فترة من النهار، وأطول ليلة في السنة، وعندما تكون الشمس خلال النهار في أدنى ارتفاع لها.
ويبقى الانقلاب الشتوي نفسه وقتا وجيزا جدا، فإن المصطلح تم تعميمه على اليوم حيث يقع هذا الحدث الذي له عدة أسماء ك"منتصف الشتاء"، "أقصى الشتاء" أو "النهار الأقصر"، وفي بعض الثقافات يرى هذا الحدث على أنه منتصف فصل الشتاء، بينما تراه ثقافات أخرى على أنه بداية لذلك الفصل، وفي علم المناخ يمتد الشتاء في نصف الأرض الشمالي على مدة طويلة من ديسمبر إلى فبراير.
يرمز انقلاب الشتاء موسميا إلى التناقص التدريجي لساعات النهار خلال اليوم وازدياد مدة الليل. يختلف تاريخي أبكر غروب الشمس وأكثر توقيت شروق الشمس تأخرا بسبب خط العرض، وتغير اليوم الشمسي على مدار السنة بسبب تأثير مدار الأرض البيضوي، ويتداخل هذا الحدث عالميا في الثقافات بشكل مختلف من شعب إلى آخر، من ثقافة أخرى بما يميزه من مظاهر الأعياد والمهرجانات، الشعائر الدينية أو احتفالات أخرى ذات اليوم.
يعتبر الانقلاب موعدا ممتازا في الدورة السنوية لبعض الثقافات حتى أيام العصر الحجري الحديث، فقد كانت الأحداث الفلكية دليلا تعرف به بعض النشاطات كالتزاوج عند الحيوانات أو تخزين مؤونات الطعام ترقبا للشتاء، وقد استنبطت العديد من التقاليد والأساطير من ذلك، وهو ما اكتشف من بقايا مواقع أثرية تعود إلى العصر الحجري الحديث المتأخر والعصر البرونزي مثل ستونهنج في انجلترا ونيوغرانغ بإيرلندا.
والقاسم المشترك بين هذين المأثرين هو مواجهتهما للنقطة شروق شمس الانقلاب الشتوي، وغروبها، ومن المثير للانتباه أن ستونهنج الأعظم كان موجها خارجا من وسط المعلمة الأثرية، وكان موجها نحو شمس منتصف الشتاء، وكان الانقلاب الشتوي مهما للغاية عند السكان لأنهم كانوا مستقلين اقتصاديا عن التحكم بتقدم الفصول.
وكان الموت جوعا شائعا في الشهور الأولى للشتاء من يناير إلى أبريل (النصف الشمالي) أو من يوليو إلى أغسطس (النصف الجنوبي)، كما كانت تعرف "بشهور المجاعة"، وفي المناطق المعتدلة، كان احتفال منتصف الشتاء هو الاحتفال الأخيرقبل بداية الشتاء العميق، ومعظم الأنعام كانت تذبح حتى لا تُطعم خلال الشتاء، فكان يتوفر كمية من اللحم الطازج. ينتهي اختمار النبيذ والبيرة وتصبح جاهزة للاستهلاك خلال هذه الفترة.
ولم يكن التركيز على الشعائر في اليوم الذي يبدأ في منتصف الليل أو الفجر، لكن في بداية اليوم الوثني، والذي يصادف في عديد من الثقافات مساء اليوم ما قبل المنشود، ولأن الحدث كان يرى على أنه مقابل حضور الشمس في السماء، كانت مفاهيم ولادة أو إعادة ولادة آلهة الشمس شائعة، أما في الثقافات ذات تقاويم مرحلية مبنية على الانقلاب الشتوي، يحتفل "بإعادة ولادة السنة" كرمز لموت وولادة الآلهة، أو "البدايات الجديدة" مثل هوغماناي، وهو تقليد تنظيف بمناسبة حلول رأس السنة، وكذلك قد يمثل الاحتفال ب"عيد ساتورن.
وهناك عدة تقاليد مسيحية مثل شجرة عيد الميلاد أو إكليل عيد الميلاد أو عادات أخرى تم استنباطها من تقاليد يول مع القليل من التحريف الذي لا تزال شعوب إسكندنافيا تسميه جول، الذي سجل أول استعمال لهذا اللفظ في 900، ويحتفل الايرانيون بليلة انقلاب شتاء النصف الشمالي، بعيد شب يلدا، الذي يعرف بكونه "الليلة الأطول والأكثر ظلمة من السنة".
وفي هذه الليلة تجتمع العائلة عادة في بيت الجد الأكبر للاحتفال بهذه المناسبة بالأكل والشرب وقراءة الأأشعار، ويقدم في هذه المناسبة غالبا البطيخ والرمان والمكسرات. سول إنفكتوس، وكان في الأصل إلها سوريا اعتمد لاحقا إلها رئيسيا للإمبراطورية الرومانية تحت حكم الإمبراطور أوريليان، ويحتفل بعيده تقليديا يوم 25 ديسمبر، مثل عدة آلهة يرتبط الاحتفال بها في الانقلاب الشتوي في عدة تقاليد لديانات وثنية.