بقلم / نجيب محفوظ نجيب .
عندما كنت أنظر إلى عينيها...كنت أفهم ما يدور فى أعماقها ... فهى صديقتى الوحيدة التى رحلت إلى المهجرمنذ ستة سنوات ... حاولت خلالها الإتصال بها أو مراسلتها للإطمئنان عليها ... و لكننى لم أهتد إلى شىء ...
 
و ها هى الآن تعود الى الوطن لزيارة أقاربها ... فذهبت للقائها بينما يدور أمام عينى شريط الذكريات الحلوة و المرة التى عشناها معا ...
و لكن اللقاء كان فاترا عاديا ... لا يعدو كونه مجرد لقاءا رسميا بين أثنين قد تعارفا منذ زمن قريب ... فيبدو أن الغربة قد غيرت فيها الكثير ... و أصابت ذاكرتها بالنسيان و مشاعرها بالجمود ... رجعت حزينة آسفة لما كان بيننا من صداقة ... أبهذه السهولة يستطيع الأنسان أن يستقطع جزءا حيا من ماضيه و يلقيه من ذاكرته ؟!! ... أبهذه السهولة تنتحر المشاعر ؟!! ...
 
لست أدرى !!! ... و لكنها طبيعة الحياة ... التغيير ... فهى ترفض أن تبقى شىء على ما هو عليه ...
 
مضت الأيام فى صمت ... و قد علمت من أحد أقاربها أنها ترقد مريضة فى إحدى المستشفيات فى إنتظار إجراء جراحة دقيقة فى القلب ... فذهبت للإطمئنان عليها ...
 
و عندما رأتنى قالت لى بصوت يشقيه المرض : " آخر ما كان يخطرلى ببال أن تأتى أنتى لزيارتى ... قلت لها و الدموع تملأ عيناى : " أنا أحبك من أعماق قلبى ... و الحب عندى يعبر حدود المستحيل ... و يتخطى حواجز اللا معقول ... "